اكشفيهم يا كورونا
رب ضارة نافعة، ولم يكن في الأوبئة الماضية في الكويت سوى الجانب الروحاني ومزيداً من الترابط الاجتماعي ولكن الظاهرة الجديدة في الوباء الجديد أنه كشف المستور عن الكثير من البلاء ورفع الغطاء عن الألوان المزيفة .. لنستذكر بعضعها معاً لأن ذاكرتنا محدودة ونعمة النسيان مشكورة، كيف وصلت كورونا ودخل المصابين إلى البلاد؟ عن طريق ميناء بحري وعن طريق طيران كويتي خاص، تعامل بعض أفراد المجتمع والمهتمين بالشأن العام بالأولى بكل عنصرية نتنة وبالثانية بكل صمت، مما يؤكد نفوذ بعض التجار ومنها إلى إعلانهم بالتبرع لكل عقاراتهم لصالح الوطن والمواطنين إلى أن نكتشف كيف استفادوا بمبالغ كبيرة للحجر المؤسسي وكيف قاموا بتجارة الأزمات وأولها وأبسطها هي أزمة الكمامات!
نزلت الاسواق بمبالغ عالية وتم تصوير مشهد لوزير التجارة وهو يخالفهم لرفع الأسعار ومن ثم اختفت الكمامات وعادت بسعر أغلى ولم يحاسب حتى الآن تجار تلك الأزمة بالذات، ناهيك عن الأمن الغذائي الذي كشفه كورونا بأنه شبه معدوم وبأن هناك قضية أخرى اسمها الحيازات الزراعية التي كنا نسمع عنها سابقاً وكأنها شائعة إلى أن رأينا أزمة البصل! وإن الحيازات كما قال رئيس الهيئة العامة للزراعة في لقاء تلفزيوني: لا أعرف كيف يتم توزيع المزارع! ومنها إلى استكمال تأثيث بعض الشقق السكنية لتصبح محاجر بمبلغ يقارب 20 ألف دينار وتم إيقاف هذا القرار، إلى البلاغات الجديدة التي كشفت بزمن الكورونا مثل الصندوق الماليزي وقضايا النائب البنغالي وتجار الإقامات.. وهنا استوقف معكم لشيء ولأول مرة يحصل في التاريخ عندما يتم تحجيم قضية كبيرة مثل تجارة الإقامات وكأنها بسيطة والمشكلة هي مشكلة “المقيمين والوافدين” وتقوم بعض الأبواق الباحثة عن الشهرة وبعض المتسلقين والذين قد يكونوا مستفيدين من تجارة الإقامات بتسليط الضوء على أن القضية هي قضية عمالة مخالفة .. المسؤول عن هذه القضية 3 أطراف وهم تجار الإقامات والفاسدين بجهات عملهم و السماسرة فقط أما المغلوب على أمرهم فهم آخر من يتحمل اللوم، أما مخالف الإقامة يتم اتخاذ الإجراء معه وفقاً للقانون!!!
والظاهرة الجديدة بأن المفترض والطبيعي بأن “المهتمين بالشأن العام” يطالبون ويحتجون والحكومة تبرر ولكن ماحصل هو العكس عندما يقوم وزير الداخلية ويقول سنحارب الفساد أي يقر بوجود فساد ويقول سنحارب تجار الإقامات أي يقر هناك تجار إقامات وتقوم الأبواق “المأجورة” بالتبرير!
إنها ظاهرة عجيبة لم تحدث في أي مكان بالعالم، فعلاً إن لم تستحي فافعل ما شئت.
وأقول:
اكشفيهم يا كورونا عندما توقفت الجهات الحكومية عن العمل توقف ما يقارب 2000 شخص كما تداولته وسائل التواصل بلا رواتب ولم تحل مشكلتهم!
اكشفيهم يا كورونا عندما يطالب رموز سياسية وطنية بالمصالحة الوطنية في حالة وباء وأزمة عالمية تتطلب الوحدة ونبذ الخلافات وعودة كل أصحاب الرأي والتسامح تظهر أبواق الفتنة والتفرقة!
اكشفيهم يا كورونا عندما لم يتحمل أصحاب الدماء الزرقاء شهر واحد رغم استفادتهم بكل التساهيل لعدة سنوات وقاموا يطالبون بالتعويض!
اكشفيهم يا كورونا حين يعاني البسطاء الكثير من الإهمال والتقصير ولا عزاء لهم والبعض يطالب بقانون الدين العام!
{اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا}
– تحية إجلال وشكر وعرفان لكل العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة هذا الوباء ولكل مجتهد وكل متبرع خالصاً لوجه الله تعالى لم يعرفه أحد ولكل الجهود المبذولة لخدمة الوطن المواطنين، ومنها كل التحية والتقدير لإخواننا المقيمين من الدول الشقيقة والصديقة فلهم مالنا وعليهم ماعلينا أنتم في بلدكم الثاني بلد الخير والإنسانية والصداقة والسلام مهما حاول السفهاء قول غير ذلك .. وشكراً على الأيام التي كشفت لنا كثيراً من الأمور الغائبة ولم نتصوّر بأن نرى شرف الخصومة من خصومنا … ومعنى “الخذلان” ممن نعتقد هم في خندق الحق الذي ندافع عنه، وبالطبع لم ولن نندم على حسن نوايانا ولن يخيب ظن من توكل على الله وهو نعم المولى ونعم النصير.
••
علي توينه – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @Alitowainah