قلم الإرادة

الصداقة بين الرجل والمرأة

من أكذب الأشياء التي قد تسمعها في حياتك هذه الجملة، ولنأخذ هذه الجملة من منظور نفسي أولاً قبل دينياً لإثبات هذه النظرة من كافة الجوانب، فعلى سبيل المثال فقد ربط سيمغوند فرويد العلاقة بين الرجل والمرأة بالجنس ولا شيء غير ذلك، واستند بذلك على الفطرة الإنسانية، وروابط الإعجاب والتقبل بين الجنسين، فعلاقة الصداقة دائماً هي رابط يأتي من باب الإعجاب ليفتح أبواب عدّة بعد ذلك، ليكون بذلك الرابط الأساسي بين الرجل والمرأة هو الجنس، وبحسب دراسات أجراها “معهد ألينسباخ الألماني” فإن فقط 29 ٪ من الألمان يؤمنون بإمكانية وجود صداقة بين الرجل والمرأة، في حين تعتبر الأغلبية في ألمانيا بأن الأمر شبه مستحيل.

تخيل معي في خلوة ما، سواءً عمل أو غير ذلك حيث يقوم الرجل بالحديث مع امرأة عن خصوصياته، وهي تقوم بتقبل الحديث والابتسامة بلطف ولباقة، ما الذي سيدور في ذهن كلاهما بعد ذلك؟ قد يفسرون ذلك مطلعاً بصداقة نزيهة، ولكن ما سببها؟ الارتياح، سيفسر كلاهما ذلك بالارتياح، مع كبت الرغبات الداخلية التي جاءت بهذا الارتياح لديمومة هذا الارتياح بين الطرفين، وبكل تأكيد سيستغل كلا الطرفين مبدأ “الصداقة والارتياح” للاستماع لبعضهما البعض، سيواصل هو مشاركة هذه الصديقة همومه، سواءً في العمل أو المنزل أو غير ذلك، وستبادله هي الارتياح كما يبرران لذلك، ومع استمرار هذا الارتياح ستتطور هذه الصداقة الزائفة للإعجاب، وسيكون العقل اللا واعي مدبراً للانجذاب بين الطرفين بحجة كلمة “Friend“.

من يصدق ديمومة هذه العلاقة يعي بينه وبين ذاته بكذب ذلك، وللأسف فإن بعض السياسيين الذين يميلون لمبدأ الحريات يبررون ذلك من مبدأ الحرية، وحين تطالبهم بتقبل ذلك في أسرهم يرفضون، ليكون تفسير سلوكهم هو قبول ذلك على الآخرين لتبرير سلوكهم كرجال في التعامل واستغلال هذه الفرص، ومن هذا المنطلق تؤكد دراسات حديثة أجريت في قسم علم النفس بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنلوجيا بأن أغلب قضايا التحرش الجنسي جاءت بسبب الصداقات في المرحلة الأولى، وهذا ما يؤكد رؤيتنا بزيف الصداقة بين الرجل والمرأة.

ومن مبدأ عميق تؤكد الباحثة في جامعة “أو كلير ويسكونسن الأميركية” آبريل بليسكي ريتشك بأن الرجال يستغلون مبدأ الصداقة للوصول للمواعدة، والمواعدة تكون خارج الأطر الرسمية للصداقة المرسومة في أذهان كلا الطرفين للتبرير للأفعال، فالإنسان دائماً يجد الحجج للتبرير لنفسه من الأخطاء، فغاية الإنسان أن يكون ملاكاً كاملاً ولا يقبل الانتقاد أو الحقيقة التي لا تتفق مع غاياته، ولهذا يلجأ إلى تبرير هذه العلاقة لشريك حياته أو أصدقائه وليثبت نزاهته، بينما يراه الآخرين بعكس ذلك، وتظهر الدراسات الخاصة بذلك بأن 45 ٪ من الجنسين الذين كونوا صداقات لجأوا للمواعدة بينهما، بينما 83 ٪ أكدوا بأنهم سيمضون نحو ذلك مع إجمالي الـ 45 ٪، أي أنّ 38 ٪ ممن لم يذهبوا نحو هذا المسار لديهم نية بذلك، وهي نسبة كبيرة، أي أنّ 4 من كل 5 أشخاص فعل أو ينوي فعل ذلك، وهذا ما نوضحه من خلال علم النفس بعيداً عن الدين.

وإن جئنا للدين الإسلامي الحنيف فيكفينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما” وهو نص واضح وصريح بتحريم مبدأ الصداقة بين الرجل والمرأة. وعليه نوجه رسالة لكل من يتحجج بصحة العلاقة بين الرجل والمرأة بأن هذا الأمر غير منطقي إطلاقاً، فلا أحد يستطيع تغيير الفطرة الإنسانية، وإنّ الرجل الذي لا يشعر بشيء تجاه المرأة هو رجل فاقد لفطرته الذكورية، والعكس صحيح، ولكم في ما ترونه بالأماكن العامة نصيب من التفكّر، حاول أنْ تتفكر بذلك وسترى النتائج الواضحة والصريحة حول ذلك، وإنّ من أسوأ العلاقات بحجة الصداقة اليوم هي علاقات مواقع التواصل الاجتماعي، والتي عندما تحدّث أي طرف من الأطراف يعترف بهذه العلاقات سيجيبك: “تفكيرك ومخك رجعي”، كونه لا يريد أنْ يظهر حقيقته للناس، ولا يعلم بأنّ الصورة واضحة دائماً لأولي الألباب، وأنّ الكتب واضحة دائماً لأهل العقول، وإنْ حاول الجميع إخفاء الحقيقة فهي ظاهرة. قد تتفق أو تختلف معي في ذلك، ولكن الحقيقة لا تحتاج لاتفاق، فمن يعترض على ما قيل ليس إلا روح تبحث عن مبرر لفعل ما يحلو لها، وتجعل من التقدمية صورة للوصول لغاياتها مع فائق احترامي لكل العقول العاقلة والمجنونة.

••
محمد العراده – رئيس التحرير

Twitter: @malaradah

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى