الذهب ينتعش مع تقلُّص شهية المخاطرة بعد قرار مجلس الاحتياطي

انتعش الذهب بعد خسائر مبكرة، أمس، حيث تأثرت الشهية للمخاطرة بقرار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي إبقاء أسعار الفائدة قريبة من الصفر، وبالآمال في تحفيز جديد من البنك المركزي الأوروبي.
وبحلول الساعة 0813 بتوقيت غرينتش، كان السعر الفوري للذهب مرتفعا 0.3 في المئة إلى 1715.84 دولارا للأوقية (الأونصة). وصعدت عقود الذهب الأميركية الآجلة واحدا في المئة إلى 1730.30 دولارا للأوقية.
وقال ستيفن إينس، كبير مخططي السوق لدى أكسي كورب للخدمات المالية: «الدعم الهائل الذي نتلقاه من مجلس الاحتياطي يعزز التوجه العام المساند للذهب… الذهب سيبدو مغريا جدا لأن حيازته لا تكاد تكلف شيئا في الوقت الحالي».
وفي المعادن النفيسة الأخرى، ارتفع البلاديوم 3.1 في المئة إلى 1995.87 دولارا للأوقية، وزاد البلاتين 0.2 في المئة مسجلا 776.35 دولارا للأوقية، في حين انخفضت الفضة 0.5 في المئة إلى 15.29 دولارا للأوقية.
واستقر الطلب العالمي على الذهب عند 1.083.8 طن في الربع الأول من عام 2020، بارتفاع نسبته 1 في المئة، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لأحدث تقرير أصدره مجلس الذهب العالمي عن اتجاهات الطلب على الذهب.
وأدت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) العالمية إلى زيادة الطلب على الاستثمار في الذهب كملاذ آمن، حيث اجتذبت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات ضخمة (أكثر من 298 طنا) مما دفع الحيازات العالمية في هذه المنتجات إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 3.185 طن.
وعلى العكس من ذلك، شهدت قطاعات السوق التي تركز على المستهلكين هبوطاً حاداً. فقد تأثّر الطلب على المجوهرات بشدة نتيجة لآثار تفشي الفيروس وتراجع الطلب ربع السنوي بنسبة 39%، ليسجل أدنى مستوى حيث بلغ 325.8 طنا
كما شهدت التدفقات الداخلة إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب في الربع الأول من العام زيادة سبع مرات على أساس سنوي، وسط حالة عدم اليقين العالمية وتقلبات السوق المالية. وبلغت حيازات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب مستوى قياسياً مرتفعاً حيث سجلت 3.185 طن بنهاية الربع الأول من العام.
وساعدت التدفقات الاستثمارية الحادة على ارتفاع سعر الذهب بالدولار الأميركي إلى أعلى مستوى في ثماني سنوات. ونتيجة لذلك، بلغ الطلب من حيث القيمة 55 مليار دولار أميركي- وهو الأعلى منذ الربع الثاني من عام 2013. وارتفع سعر الذهب بالروبية الهندية والليرة التركية، من بين عملات أخرى، ليبلغ مستوى قياسيا جديدا.
وأدت الجائحة إلى انخفاض الطلب على المجوهرات، حيث فرضت الحكومات العالمية إجراءات حظر التجوّل. وتراجع الطلب إلى مستويات غير مسبوقة، وتمثّل السبب الرئيسي في ذلك في انخفاض بنسبة 65 في المئة بالصين – وهي أكبر مستهلك للمجوهرات وأول سوق تستسلم لتفشي الفيروس.
وواصلت البنوك المركزية تكديس الذهب، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ. ووسط تزايد التقلبات وحالة عدم اليقين، نمت احتياطيات الذهب العالمية بمقدار 145 طناً في الربع الأول من العام. وأعلنت روسيا أنها ستعلق برنامج الشراء طويل الأجل، مما يشير إلى تباطؤ في صافي الشراء العالمي خلال الربع الثاني من العام وما بعده.
ومن جهة أخرى، انخفض إجمالي المعروض في الربع الأول من العام بنسبة 4 في المئة، حيث أدى حظر التجوّل المفروض للحدّ من تفشي فيروس كورونا إلى تعطيل إنتاج المناجم وإعادة تدوير الذهب. كما توقفت العمليات في العديد من المشاريع في محاولة لوقف انتشار الفيروس. وتوقفت إعادة التدوير تقريباً قرب نهاية هذا الربع من العام، حيث لزِم المستهلكون منازلهم.
وقالت لويز ستريت، من مجموعة المعلومات السوقية في مجلس الذهب العالمي: «كان لجائحة كوفيد-19 تأثير كبير وغير مسبوق على الطلب العالمي على الذهب. ويُعزى الوضع القوي المتواضع الذي بلغه في الربع الأول من العام إلى الطلب على الاستثمار، المدفوع بتدفقات ضخمة إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب».
وأضافت ستريت: «في المقابل، عانت قطاعات السوق التي تركز على المستهلكين بشكل كبير. ومع قيام الحكومات في جميع أنحاء العالم بتطبيق حظر التجوّل لوقف انتشار الفيروس، شهد الطلب على المجوهرات هبوطاً حاداً، وتمثّل السبب الرئيسي في ذلك في انخفاض بنسبة 65 في المئة بالصين».
واختتمت ستريت حديثها قائلةً: «سيظل الطلب على الذهب يعاني تداعيات جائحة كوفيد-19 لبقية عام 2020. وعلى وجه الخصوص، من المرجح أن يستمر التباين بين الاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب واستثمار المستهلكين في المجوهرات، حتى يكون هناك قدر أكبر من اليقين الاقتصادي والسوقي».