لا تكن من سقط المتاع

تضيع الهوية في متاهات الانتماء الوهمي الذي يقود الذات إلى تشتت منحصر في زاوية الميول المجتمعي السائد مما يؤدي إلى ضبابية النظرة الفكرية عند الأغلبية التي تنبع من هيمنة القصور العقلي الذي تسبب في وجوده انقطاع الأكسجين المعرفي عن خلايا النمو الفكري عند معظم أفراد المجتمع، لا أعني بذلك سيادة حضرة الجهل؛ بل هناك منطقة فاصلة بين الكمال الثقافي والجهل المركب، هذه المنطقة هي التي يعيش فيها أغلب مجتمعاتنا من الناحية الفكرية، ولا شك أن السبيل الوحيد إلى بلوغ سدرة المعرفة هو اعتكاف العقول على سمو القراءة.
وبطبيعة العقل البشري لا يتقبل ما هو خارج إدراكه حتى لو كان ذلك حقيقة علمية بحتة، واضرب لكم موقف ظريف، تم مقابلة المخترع الباريسي «أدوار ليون» من مجموعة علماء، ليروا الاختراع المذهل وهو أول اسطوانة صلبة تحفظ تسجيل الصوت، فحينما تم تشغيلها على الطاولة، قال له العلماء: أخرج من يختبئ تحت الطاولة، لم يقتنعوا وهم علماء بخروج الصوت من هذا القرص الصلب؛ لأن ذلك خارج إدراكهم وحدود معرفتهم!
المعرفة محيط لا ساحل له، فلا تحصر إدراكك داخل الإطار المعرفي المعتاد بين أفراد مجتمعك الذين اكتفوا بما كان من حدود معرفية سابقة، وأعلم أن غفوة تحت ظل شجرة الاكتفاء المعرفي تصيب عقلك بالضمور فيتوقف نمو استيعابك العلمي العام، كن أنت النادر المختلف، كل عقل له قناعات معينة والذي يحرك هذه القناعات المدخلات السابقة بهذا العقل، فلو ظل على ما هو عليه لن تتغير قناعاته ولا طريقة تفكيره أبداً، ولكن إن استمر في تغذية هذا العقل وأبحر في عالم المعرفة بشكل دائم فسوف نجد هذا العقل في كل لحظة تتغير قناعاته وأفكاره للأفضل، بالطبع إن كان يغذي عقله بالشكل الصحيح من منابع المعرفه الحقيقية.
قل لي ما الكتب التي تقرأها الآن؟ ومن هم أصدقائك؟ فسوف أقول لك من أنت بعد خمس سنوات! لا شك الأصدقاء والكتب هما من يحددان مصير مستقبلك وتطور ذاتك، فإن كنت من نوعية الأشخاص الذين لهم أصدقاء بدون كتب، فاعلم بأنك ستكون ثابت في مكانك بدون أي تغير أو حركة في نطاق التطور الفكري والمعرفي والذاتي.
أخيراً….
لا تكن من سقط المتاع.
••
فريح محمد الرويلي – كاتب في صحيفة الإرادة
Twitter: @foraihalrowaily