التاريخ والإعلام والدبلوماسية
لا خوف ممن كتب التاريخ فهو المنتصر الذكي الذي استطاع أنْ يوصل رسالته التي يريد بأحبار باردة! الخوف ممن يقرأ التاريخ ويصدق كل ما جاء به ويستشهد بكل شيء كُتِب؛ الحقيقة أنَّ كاتب التاريخ يستهدف هذه الشريحة الكبيرة التي تتداول حكاياته التي لا نعرف حقيقتها من عدمها، كذلك يجب علينا أنْ نقرأ التاريخ و“البحث عن الحقيقة” دائماً من خلال مزج عدة مصادر عن تاريخ واحد لمعرفة حقيقته أو الاقتراب من الحقيقة على الأقل.
اليوم ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ووجود الصحافة الإلكترونية أصبحت هي المرجع الأساسي لمعرفة كل شيء، فهي بحد ذاتها تاريخ حقيقي راسخ لا يغيره أحد، فإذا أردت معرفة واقعة فقط عليك تصفح موقع تويتر والبحث عن أصحابها وستعرفها بحقيقتها؛ لذلك فالإعلام اليوم هو الذي يكتب التاريخ بعكس الأحبار الباردة التي كانت تصيغه سابقاً ليبقى صفحات غير موثقة!
وهذا ما يحدث اليوم مع السياسيين، تجدهم بمجرد وصولهم لمكانة معينة يحاولون إنكار تاريخهم السابق بأكمله ونسفه حفاظاً على أنفسهم، ولكن أدوات الرصد الإعلامية الإلكترونية أصبحت متطورة وتوثق كل شيء، ومن هنا فعلى كل سياسي أنْ يحافظ على تاريخه بنفسه، وأنْ يكتبه كما يريد هو، فأعين الناس قارئة إلكترونياً وحافظة لكل شيء.
من المشين أنْ يتعرّى الفرد عن تاريخه وينسفه كاملاً لأنه لا يعجبه، ولكن بإمكانه تصحيح مسار هذا التاريخ بصياغة تاريخ يرسمه حاضره لمستقبله الذي يريد، فبمجرد تعرّيك عن تاريخك سيحتقرك الناس؛ لأن قراءة الفرد أسهل مما كانت عليه بالسابق، ومن هنا وجب على السياسي خصوصاً استخدام مبدأ “الدبلوماسية” في حياته للحفاظ على نفسه من سهام المترصدين.
“الدبلوماسية” مسار جيّد للحفاظ على مستقبلك، فهي مسار مريح للمقربين، ومربك للمتربصين، حاول أنْ تحافظ على دبلوماسيتك بكل شيء إلا عندما يتم المساس بك، حينها لن يلومك أحد بالدفاع عن نفسك وهو الحق المشروع لكل فرد.
لا تدع أعين الناس الراصدة تحفظ تاريخك وتعلنه بمجرد وصولك لحلمك!
••
محمد العراده – رئيس تحرير صحيفة الإرادة
Twitter: @malaradah