تلميذ أمام معلمته

عرض مقطع فيديو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو في حفل أقيم في الكرملين بمناسبة عيد النصر في الحرب، وفي أثناء سيره شاهد الرئيس بوتين معلمته “فيرا ديميترينا غوريفيتش”، التي كانت تقوم بتدريسه عندما كان طالباً في المدرسة واحتضنت المعلمة تلميذها السابق، وقام بتقبيلها ودار بينهما حديث جانبي الذي جعل الرئيس الروسي يقف مستمعا إليها وعلى وجهه الابتسامة، ثم قام بتقبيل جبينها، وفي نهاية الحديث قبل بوتين يد معلمته.
الرئيس الروسي الذي نراه صاحب النظرات الحادة والاستقامة في المشي والحزم والقوة التي تظهر على شخصيته وملامحه، كسر البروتوكول وظهر منحنياً ومقدراً ومحترماً ومقبلاً ومبتسماً لمعلمته الذي اكتسى شعرها باللون الأبيض وبلغت من الكبر عتياً، هذا هو المعلم المهنة الرفيعة والعالية والعظيمة مهما علا المنصب إلا أن المعلم يبقى ثابت وشامخ ويتم تقديره فهو ركيزة أساسية في تقدم الأمم ونهضتها.
وكم هو شرف عظيم لهذه المهنة بالتقاء السماء و الأرض وأول آية نزلت بالقرآن الكريم قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم } (العلق:1-5 )، فالقلم والعلم معرفة ورفعة وهذه المهنة التي لها قدسيتها وتقديرها وتبجيلها.
سنغافورة حكاية المساحة صغيرة متخلفة تنتشر الأمراض والتخلف والجهل، انتقلت إلى مدينة متقدمة حضارية وصلت للقمة ويضرب بها الأمثال لتطورها ومن أهم مراكز المال في العالم، وأول رئيس وزراء لجمهورية سنغافورة التي حكمها لمدة ثلاثة عقود لي كوان يو، يقول: “أظن أنني لم أقم بالمعجزة في سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبي فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيرت مكانة المعلم من الطبقات الدنيا في المجتمع إلي المكان اللائق بهم، فالمعلم هو من صنع المعجزة وهو من أنتج جيلاً متواضعاً يحب العلم والأخلاق بعد أن كنا شعب يبصق ويشتم بعضه في الشارع “، فالمعلم مدرسة مربي مهذب للأجيال صانع البلدان وحامل الرسالة البناء والأمل والعمل والتطوير.
كم هي معبرة هذه المقولة (في الوظائف يكون الموظف جالس والمستفيد واقف، إلا المعلم يبقى واقف والمستفيد جالس)، كاد المعلم أن يكون رسولاً.
••
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @aziz_alduwaisan