طهران تقرّ باحتجازها الناقلة البريطانية ردّاً على مصادرة سفينتها

بعد تقديمها مبرّرات غير مقنعة، أقرّت طهران بأن احتجازها ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز هو “ردّ بالمثل” على دور لندن في مصادرة جبل طارق ناقلة نفط إيرانية، معتبرة ذلك “أمراً مشروعاً في القوانين الدولية”.
ونددت المملكة المتحدة بسلوك “خطر”، متعهدة “رداً مدروساً وحازماً”، فيما طالبت فرنسا وألمانيا إيران بإطلاق ناقلة النفط فوراً.
في الوقت ذاته، أعلن الجيش الأميركي أن لديه دوريات طائرة ترصد منطقة مضيق هرمز، مشيراً الى أنه يطوّر خطة “بحرية متعددة الجنسية” من أجل ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية في الشرق الأوسط.وقال ناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي: “إنها المرة الثانية خلال أكثر من أسبوع، تكون فيها المملكة المتحدة هدفاً لتصعيد العنف من النظام الإيراني. ستواصل الولايات المتحدة العمل مع حلفائنا وشركائنا، للدفاع عن أمننا ومصالحنا ضد السلوك الخبيث لإيران”.
جاء ذلك بعد ساعات على مشاركة حوالى مئة ديبلوماسي في واشنطن، في موجز قدّمه براين هوك، الموفد الأميركي المكلّف ملف إيران، لشرح مبادرة إدارة الرئيس دونالد ترامب حول الأمن البحري في هرمز.
وأعلن “الحرس الثوري” الإيراني أنه صادر ناقلة النفط “ستينا إيمبيرو” الجمعة، بذريعة خرقها “القواعد البحرية الدولية” في هرمز. وكان ذكر الخميس أنه صادر “ناقلة أجنبية” أخرى مع طاقمها (12 فرداً)، لاتهامها بتهريب لوقود.
وأشارت شركة “ستينا بولك” السويدية، المالكة لـ “ستينا إيمبيرو” التي ترفع علم بريطانيا، الى أنها فقدت الاتصال بالناقلة بعد “تعرّضها لهجوم بقوارب صغيرة ومروحية مجهولة الهوية، أثناء عبورها مضيق هرمز فيما كانت في المياه الدولية”.
في الوقت ذاته، أعلنت الشركة المالكة لناقلة النفط “مصدر” التي ترفع علم ليبيريا، أن السفينة “باتت حرة بمواصلة رحلتها” و”جميع أفراد طاقمها في أمان وبخير”، وذلك بعدما استولى عليها “مسلحون” لفترة وجيزة أثناء إبحارها في هرمز.
جاء ذلك بعد ساعات على إعلان محكمة في جبل طارق تمديد احتجاز ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1” لثلاثين يوماً، والتي احتُجزت قبل أسبوعين في عملية شاركت فيها البحرية الملكية البريطانية، للاشتباه في أنها كانت متجّهة إلى سورية لتسليم نفط، منتهكة عقوبات أميركية وأوروبية مفروضة على دمشق.
وتطرّق الناطق باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني عباس علي كدخدائي الى احتجاز ناقلة النفط البريطانية، قائلاً: “الردّ بالمثل يُعدّ أمراً مشروعاً في القوانين الدولية، للتصدي للانتهاكات التي قد تمارسها دول. وخطوة إيران في احتجاز الناقلة البريطانية تعدّ خطوة صائبة في مواجهة الحرب الاقتصادية غير المشروعة ضدها واحتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية، وتأتي ضمن القوانين الدولية”.
تصريحات كدخدائي تتباين مع تغريدة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ورد فيها: “عكس القرصنة في مضيق جبل طارق، إن إجراءنا في الخليج يتمثل في دعم القواعد البحرية الدولية… إيران هي التي تضمن أمن الخليج ومضيق هرمز. على المملكة المتحدة أن تكفّ عن أن تكون امتداداً للإرهاب الاقتصادي الأميركي”.
وترسو “ستينا إيمبيرو” الآن في ميناء بندر عباس جنوب إيران. وبرّر المدير العام للموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمزكان الله مراد عفيفي بور احتجاز الناقلة البريطانية بأنها “اصطدمت خلال حركتها بقارب صيد (إيراني)، ومن الضروري بموجب القوانين التحقيق في أسباب هذا الحادث”.
وأضاف أنه بعد الاصطدام “اتصل طاقم قارب الصيد بالناقلة، ولكن لم يتلقَ رداً منها”. وتابع: “عندما لم تستجب الناقلة البريطانية، أبلغ طاقم قارب الصيد إدارة ميناء هرمزكان، بموجب الإجراءات القانونية. وبدأ خبراء من إدارة الموانئ والملاحة البحرية في هرمزكان التحقيق في شأن أسباب الحادث”.
وأشار الى أن عدد أفراد طاقم الناقلة يبلغ 23، 18 منهم من الهند وبينهم القبطان، إضافة إلى 3 روس ولاتفي وفيليبيني.
في المقابل، كتب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت على “تويتر” أن احتجاز “ستينا إيمبيرو” يكشف “مؤشرات مقلقة إلى أن إيران اختارت طريقاً خطراً لسلوك غير قانوني ويسبّب زعزعة في الاستقرار، بعد احتجاز قانوني من جبل طارق لنفط كان متجهاً إلى سورية”. وأضاف: “ردّنا سيكون مدروساً لكن حازماً. كنا نحاول أن نجد طريقاً لتسوية ملف غريس 1، لكننا سنؤمّن سلامة سفننا”.
أما وزير الدولة البريطاني جيمس بروكنشير فوصف احتجاز الناقلة بأنه “غير مقبول”، مستدركاً أن لندن لا تزال تحاول القيام باتصالات ديبلوماسية مع طهران حول المسألة.
واعتبر توم توغندات الذي يرأس لجنة تدقيق في الشؤون الخارجية في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، أن “الخيارات العسكرية ستكون غير حكيمة الآن”.
في السياق ذاته رأى ديفيد ريتشاردز، وهو رئيس سابق لأركان الجيش البريطاني، أن خيارات لندن “محدودة جداً” في ما يتعلّق بخطوات عسكرية محتملة. وأضاف: “البحرية الملكية، إذا نظرنا إلى ذلك في الدرجة الأولى، أصغر من أن يكون لها تأثير مهم من دون الحلفاء”.
ونصحت ناطقة باسم الحكومة البريطانية سفن بلادها بالبقاء “خارج منطقة” مضيق هرمز “لفترة موقتة”، محذرة من “عواقب وخيمة ما لم يتم حلّ الوضع”.
وحضّت فرنسا إيران على “الإفراج في أسرع وقت عن الناقلة وطاقمها، واحترام مبادئ حرية الملاحة في الخليج”، معتبرة أن “هذا التصرّف مؤذٍ للخفض الضروري لتصعيد التوتر في الخليج”.
وطالبت برلين طهران بـ “إفراج من دون تأخير” عن الناقلة وطاقمها، محذرة من “تصعيد إضافي” في المنطقة. ورأت أن الخطوة الإيرانية “غير مبررة”، منبّهة الى أنها “تقوّض كل الجهود الجارية من أجل إيجاد تسوية للأزمة” بين الولايات المتحدة وإيران.