حدثني عن العدل

العدل هذه الكلمة الكل يتغنى بها وتتردد على الألسن، العدل القيمة العظيمة والكبيرة والنبيلة أمر الله تعالى بها (إن الله يأمر بالعدل) وسعى الرسول – صلى الله عليه وسلم – لتطبيقها في المجتمع المسلم فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى.
العدل أساس الملك وحصن الآمن، بالعدل تستقيم المجتمعات، ومن العدل أن يأخذ كل ذي حق حقه، هناك من يضع لوحات جمالية خلف كرسيه عن العدل وتوقع الأوراق وتمشي المعاملات بغير وجه حق، كم من مناصب ممنوحه لأشخاص غير مستحقين عاثوا فساد وظلموا أفراداً، كم من موظف مجتهد مخلص مواظب ضاعت حقوقه بسبب اختلاف الاسم أو اللقب، سنوات في الدراسة والاجتهاد أو سنوات في الغربة من أجل الحصول على الشهادة ويأتي من لا يستحق ليأخذ الكرسي.
العدل الإنصاف بين أفراد المجتمع في مختلف المجالات وبصرف النظر عن أجناسهم وأعراقهم، كما يتجلى دور هذه القوانين في منح أفراد المجتمع الفرص المتساوية في الحياة، كم من حقوق ضاعت بسبب الظلم.
وعن عطاء بن أبي رباح قال: حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز: أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه سائلة دموعه فقالت: يا أمير المؤمنين، ألشيء حدث؟ قال: يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، وذي العيال في أقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.
العدل وتطبيقه على نفسه وبيته أولاً ( كان أمير المؤمنين الخليفة عمر بن عبد العزيز يقسم تفاحاً أفائه الله على المسلمين، فتناول ابن له صغير تفاحة، فأخذها من فمه، وأوجع فمه فبكى الطفل الصغير، وذهب لأمه فاطمة، فأرسلت من يشتري له تفاحاً وعاد الخليفة إلى البيت وما عاد معه بتفاحة واحدة، فقال لفاطمة: هل في البيت تفاح؟ إني أَشم الرائحة، قالت: لا وقصت عليه القصة – قصة ابنه – فَذرفت عيناه الدموع وقال: والله لقد انتزعتها من فم ابني وكأنما أنتزعها من قلب لكني كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فيء المسلمين قبل أن يقسم الفَيء) كل واحد منا دون استثناء لنقم دولة العدل في نفسك لتقم في أرضك.
**
عبد العزيز الدويسان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @aziz_alduwaisan