أمير القلوب الشيخ “جابر الأحمد الجابر الصباح”

يعد صاحب السمو الشيخ “جابر الأحمد الصباح” واحد من أمراء الكويت الذين ما زالت أسماؤهم ماثلة فى ذاكرة شعب الكويت حتي وقتنا الحاضر، فقد استطاع حين بدأ تمرسه بالعمل العام وهو لا يزال فى مرحلة مبكرة من حياته أن يحقق للكويت العديد من الإنجازات ، منها حين عينه والده الشيخ “أحمد الجابر” نائبا عنه فى مدينة الأحمدي عام 1949م حيث أظهر اهتمامه بشؤن النفط، وإثر ذلك عين ممثلا للكويت فى التعامل مع شركات النفط الأجنبية العاملة فى الكويت، وقد استطاع سموه إدارة المفوضات مع شركات النفط بامتياز، ونجح فى امتلاك أسهم الشركات الأجنبية، ومن ثم سيطرة الكويت على مواردها النفطية.
وحين انتقل سمو الشيخ صباح السالم الصباح إلى جوار ربه فى ديسمبر 1977م، تولى سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمانة الحكم مواصلاً طريق العطاء، وفي السنة الثالثة من عهد صاحب السمو اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، وكانت الكويت بحكم موقعها وقربها من معارك القتال أكثر دول الخليج تأثرا وتضررا بنشوب تلك الحرب التى استمرت ثمان سنوات (1980-1988م)، إلا أن صاحب السمو استطاع أن يوجه هذه الأزمة بمقدرة وحكمة.
كما وضع سمو الشيخ جابر أسس استراتيجية تركزت على تحقيق التنمية والرفاهية لأبناء شعبه، فشهدت الكويت فى عهده نهضة كبيرة شملت نواحي الحياة كافة، فكان قائداً محباً لشعبه، حيث كانت الكويت فى قلبه أينما ذهب ففي أثناء قيام الشيخ جابر بأداء مناسك العمرة عام 1986م/1405ه، وعند عودته ألقى الشيخ كلمة قال فيها: “فى طوافي حول البيت العتيق، والسعي بين الصفا والمروة، وفي صلاتي داخل الكعبة، وفي ركوعي وسجودي، كانت الكويت دعوة يخفق بها قلبي، وينطق بها لساني؛ دعوت الله أن يعصمنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، دعوت الله أن يحفظ على أبناء الكويت نعمة الوحدة، فلا يمزقها الاختلاف، ونعمة الحب فلا تدمرها الخصومات، ونعمة التقدم فلا تعوقها الأهواء”.
وحرص الأمير الراحل على معالجة المشاكل الاجتماعية فى الكويت خلال فترتي ولاية العهد ورئاسة الحكومة، وعندما أصبح أميراً للبلاد من خلال إقرار العديد من المراسيم الأميرية بشأن مساعدة الأيتام، ومجهولي الوالدين، وإقرار منحة الزواج، وبدل السكن، ومساعدة الزوجة المتزوجة من غير الكويتي، وإرسال الطلبة للدراسة على نفقته الخاصة، وإرسال المرضي للعلاج فى الخارج على نفقته.
وبعد تعرض الكويت للعدوان العراقي فى أغسطس 1990 نجح سمو الشيخ جابر فى إدارة أزمة العدوان العراقي على الكويت، فأدار المحنة بحكمة وصبر، واستطاع من خلال إداراته للأزمة أن يجمع العالم شرقاً وغرباً، ولأول مرة على رأي واحد، وأن يقف الجميع مع الكويت فى محنتها، وبفضل هذه الحكمة تمكن من أن يعيد إلى البلاد سيادتها واستقلال ترابها الوطني.
وخلال أزمة العدوان العراقي على الكويت لم ينسي سمو الشيخ جابر واجبه تجاه المجتمع الدولي، وفي لفته إنسانيه تدل على أن سمو الشيخ “جابر الأحمد” هو بالفعل القائد الإنسان، وخلال كلمته أمام الدورة الخامسة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة فى 27 سبتمبر 1990، وفي خلال محنة الاحتلال العراقي للكويت أعلن “أن الكويت قررت إلغاء كافة فوائد الديون على قروضها، كما ستبحث أصول القروض مع الدول الأشد فقرا، وذلك من أجل تخفيف عبء الديون التى تقع على كاهل تلك الدول”.
وعلى صعيد السياسة الخارجية فقد اتخذ سمو الشيخ جابر الأحمد سياسة متوازنة مع سائر الدول دون تمييز، كما استطاع سمو الشيخ أن يجعل لبلاده دوراً إيجابيا فى حل العديد من القضايا العربية، مؤكدا عروبة الكويت وتضامنها مع الحق العربي، وبخاصة القضية الفلسطينية.
واستمر صاحب السمو الشيخ “جابر الأحمد الجابر” فى عطائه تجاه الكويت والمجتمع الدولي حتي وافته المنية فى 15 يناير2006م، وأخيرا فلم يكن ما ذكرته سوى قطرة من بحر جود صاحب السمو الشيخ “جابر الأحمد الجابر”، إنه جابر العثرات جابر الخير أمير القلوب، الذي ذهب بجسده، وظل عمله وحبه فى قلوب كل أهل الكويت، ونحن نعيش فى الذكرى الثالثة عشر من رحيله.
**
شباب عبد الله الهاجري – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @ALrashedshbabb