المراسلات الأوروبية المقرصنة: إيران مثيرة لمشكلات

كشفت مراسلات ديبلوماسية أوروبية تمكَّن قراصنة من اختراقها، عن صعوبات تواجهها الديبلوماسية الأوروبية في محاولة التأثير في إدارة الأزمات في مناطق الجوار والمناخ الدولي المتغيّر. ويستنتج ديبلوماسيون أوروبيون أن «هندسة العالم تتغيّر» وأن إيران تشكّل «هاجساً مشتركاً»، محذرين من أن «الهجرة تهديد وجودي بالنسبة الى الاتحاد».
ويفيد تقرير أوروبي حول القمة الأوروبية – الصينية التي عُقدت في بكين في 16 تموز (يوليو) الماضي، بأن «الصين ترغب من الاتحاد الأوروبي الدفاع المشترك عن العناصر الأساسية لنظام التجارة الدولية ضد عدم الاستقرار الذي تثيره الولايات المتحدة، لكن الصين تحذر من عواقب استهداف الرئيس (دونالد) ترامب شخصياً».
وفي اليوم الذي عُقدت فيه القمة، كان ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجتمعان في هلسينكي. ولفت التقرير الى أن «هندسة العالم تتغيّر». وينسب إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ قوله إن «الإدارة الأميركية لا تحترم وعودها وأن زيادة الرسوم التي فرضتها، من 50 إلى 200 بليون دولار، ثم إلى 500-600 بليون، ليست مبررة ولا يعلم من أين أتت بها إدارة ترامب». ويرى الرئيس الصيني أن طلبات الإدارة الأميركية «غير منسجمة وغير منطقية وستؤذي مصالحها في النهاية».
ويشير تقرير عن محادثات لوزراء الخارجية الأوروبيين، في أمستردام يومَي 5 و6 شباط (فبراير) 2016، أي بعد أقل من شهر على تطبيق الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست عام 2015، إلى قلق من البرنامج الصاروخي الإيراني وحذر من أن تجد طهران نفسها في «منعطف» نووي، بعد 15 سنة على تنفيذها الاتفاق، وأن تمتلك قدرة تكنولوجية كافية وفق عبارة «نريد أن نكون مثل اليابان».
ورأى الوزراء الأوروبيون أن فرصاً اقتصادية فُتحت أمام مؤسسات القارة في السوق الإيرانية، تتيح استعادة حصتها فيها، والتي تراجعت خلال عقد من 46 إلى 10 في المئة. لكن العائق في هذا الأفق يكمن في تردد المؤسسات المالية وخوفها من التشريعات الأميركية.
وعلى الصعيد الإقليمي، يرى الوزراء الأوروبيون في اجتماع عُقد في فبراير 2016 أن سلوك إيران في المنطقة يثير مشكلات انعدام استقرار و«تدخل مباشر أحياناً في العراق وسورية ولبنان واليمن وغزة». ويعتقدون أن «إيران تبقى بلداً معقداً وشريكاً مثيراً للمشكلات. وفي المقابل، يمكنها أن تكون محاوراً سياسياً مهماً بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي، اقتصادياً وسياسياً، خصوصاً في الملفات الإقليمية».
وفي محادثات أجراها مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السلوفاكية ماريان ياكوبوسي مع نظيره الإسرائيلي آلون يوشبيتز، في القدس في 12 حزيران (يونيو) 2018، ينقل التقرير الأوروبي عن المسؤول الإسرائيلي قوله: «الاتحاد الأوروبي لا يتفهم الأخطار التي تواجهها إسرائيل في المنطقة. وفي المقابل هو (الاتحاد) لا يدع مناسبة إلا ويؤكد فيها على حلّ الدولتين. الاتحاد يتجاهل التطورات في المنطقة».
ويعتقد المسؤول الإسرائيلي أن الاتفاق النووي «مات»، مضيفاً أن الدولة العبرية «تدعو إلى إلحاق هزيمة بإيران، لا إلى تدميرها». وتسعى تل أبيب إلى استباق الأحداث في شأن البرنامج النووي الايراني بعد العام 2025، حين تُرفع قيود دولية، ويقول المسؤول الاسرائيلي ان دولته «تعتقد ان إيران ستعاود تنشيط برنامجها النووي، ويجب اتخاذ كل التدابير للحؤول دون امتلاكها أسلحة نووية». وترى اسرائيل أن «القرارات الاستراتيجية في إيران تُتخذ من دون مشاورة الرئيس (حسن) روحاني».
ويعتقد المسؤول الاسرائيلي أن «المصلحة الرئيسة لإيران تكمن في أن تضمن ممراً برياً يقود إلى لبنان، من أجل تزويد حزب الله بالتكنولوجيا والعتاد. لذلك سيكون الوضع في سورية أكثر تعقيداً، إن لم تتدخل روسيا». وتتحدث إسرائيل عن «تغيير في نظرة روسيا تجاه إيران»، كما ترى ان موسكو تلاحظ أن «نشاطات إيران في سورية تزعزع الاستقرار». وقال المسؤول الإسرائيلي إن تل ابيب وموسكو «بلغتا مرحلة تحترم فيها كلتاهما مصالح الطرف الآخر».
ويشير تقرير الاجتماع الذي عقده الوزراء الأوروبيون في أمستردام في فبراير 2016 إلى أن «عدم قدرة دول الاتحاد على احتواء الأزمات في جواره المباشر، يؤثر سلباً في صدقيته دولياً». وترى دول أوروبية وجوب الأخذ بالاعتبار التغيّر الاستراتيجي حول أوروبا، خصوصاً في ضوء الدور المتزايد لروسيا. وفي هذا الشأن «ترى دول أن توسيع الاتحاد (ضمّ دول البلقان وأوكرانيا وجورجيا) يمثل أداة استراتيجية خاصة، في وقت تحوّلت فيه الهجرة إلى تهديد وجودي للاندماج» الأوروبي.
وبثّت هولندا في الاجتماع فيلماً يحاكي تفاعل أزمة في شمال أفريقيا والسيناريوات الممكنة بالنسبة الى الدور الأوروبي، «شملت إحداها نشر فيالق قتالية أوروبية» في منطقة تفجّر الأزمة (في شمال أفريقيا)، لاحتوائها قبل أن تطاول تداعياتها الاتحاد الأوروبي، بما فيها تدفق الهجرة غير الشرعية والإرهاب.