السعودية العُظمى

يعتبر الكثيرون أنّ قوة المملكة العربية السعودية تتمثل في علاقتها مع واشنطن، بالرغم من أنّ ذلك يُعدّ أحد مصادر قوتها، لكنهُ ليس المحور الوحيد. إذ أنّ علاقة المملكة بواشنطن هي علاقة صداقة وتعامل الندّ بالند.. وذلك حسب تصريحات سمو وليّ العهد محمد بن سلمان حفظه الله، والحفاظ على أصدقاء أقوياء يعزز من إمكانياتك في المنطقة ويبرز مدى أهميتك.
إنّ قوة المملكة تعتمد بدايةً على موقعها الجغرافي المميز.. والذي يعدّ استراتيجياً كرابط بين الشرق والغرب، وهو يدعم اقتصادها الذي يُعدّ من أهمّ ركائز قوتها، وهو سلاحٌ لوّحت به دولتنا العظيمة غير مرةٍ في وجه من أرادَ بها كيداً.
غير أنّ أهمّيتها الدينية جانبٌ لا يمكن إغفاله.. فهي عُمق العالمين العربي والإسلامي، وهي قبلة المسلمين جميعاً على وجه الأرض، ولذلك فإنّ المساس بها يعتبر مساساً بالمسلمين دون استثناء، وفي ظلّ ذلك تتطلّب هذه القوى -التي لا يُمكن حصرها في مقال واحد- قيادةً حكيمةً ومتأنية، وكذلك قويةً وجريئة في ذات الوقت، ونجد ذلك متمثلاً في الملك سلمان ووليّ عهده الشاب محمد بن سلمان حفظهما الله ورعاهما.
ومع تسارع الأحداث حولنا في المنطقة.. خاصةً تلك التي تحاول شقّ طريقٍ يُفضي إلى سمعة المملكة وإيقاعها في وحل الاتهامات التي تزعزع الرأي العام وتثيره، يأتي دور القوّة الواضحة والمتمثلة في الشعب السعودي العظيم، الذي ملأ المواقع الإلكترونية دفاعاً وتحليلاً، كاشفاً الأكاذيب والمحاولات التي تُحاك ضدّ الدولة، خاصةً فيما يتعلق بقضية المواطن السعوديّ “جمال خاشقجي”، رغم أنّ قضيته ليست شائكة.. هي فقط تحمل العديد من التكهنات التي جعلتها قضية رأيٍ عامٍ أجّجت الصراع وتبادل التهم بين تيارين.. أحدهما معتدلٌ والآخر متطرف.
كلّ يومٍ تجد المملكة نفسها أمام قضية جديدة.. وهذا قدَر العظماء، أن يحاول الجميع التسلّق على أكتافهم للوصول إلى مبتغاهم، ولطالما واجهت المملكة هذه التحديات بكثير من الحكمة والهدوء، الذي يعكس بُعد نظرٍ عكس ما يصوّره الإعلام المضاد ويُظهره بأنه تهورٌ غير محسوب، فهل الردّ بعد معرفة كلّ الملابسات تهوراً؟ وهل قطع العلاقات في حقّ من أخطأ تهوراً؟ وهل استخدام قوتك بمختلف أنواعها لحماية مصالحك وأمنك القوميّ تهوراً؟ وهل السعي إلى زيادة مداخيلك الاقتصادية وتنويع مصادرها تهوراً؟
نعود إلى قصة جمال.. لا يمكنُ لأحدٍ أن ينكر أنّ رئيس تركيا هو أكثر من استخدم القضية لصالحه، أو حاول فعل ذلك، فبعد أن أعلنت المملكة وبكل شفافيةٍ تفاصيل القضية المنظورة.. أصبح الإعلام العالميّ في حيرةٍ من أمره، حيث جعلت هذه التفاصيل الدقيقة في بيان النيابة العامة كلّ المنظّرين في حرج، وخرج رئيس تركيا بموعد ليلقي فيه خطابه، اختياره للموعد كان سياسياً بحتاً ربما ليحرّك الراكد إذا كان هنالك راكداً في التفاصيل، لكن الأسبوع انقضى وخرج خطابه عادياً، وكما يجوز أن يُقال: كان خطابه إعادة نشر لبيان النيابة العامة دون أي جديد.
في ذات اليوم.. كان وبثقةٍ وليّ العهد السعودي يتحدث عن العلاقات السعودية التركية، وأنها قوية لا يمكن خلخلتها، وفي الجانب المقابل لم نسمع تصريحاً واحداً من الرئيس التركي يتحدث عن ذلك، بل بعض الاتهامات أو تمرير البيانات المشفرة من خلال وكالة الأناضول الرسمية، وهو ما تصدى له الشعب السعودي، ليُثبت قوة السعودية العُظمى!
في النهاية.. الدولتان تعملان سوياً لكشف الملابسات وإيضاح الحقيقة، وإن كان أحد الجانبين كما هو واضح يحاول إطالة أمد القضية ليستغلها أيّما استغلال، الشفافية السعودية تقتل المحاولات اليائسة لابتزازها، والحزم القويّ من الملك وولي عهده.. يُعطي مساحةً كبيرةً للنيابة العامة كي تعمل بأريحية وتكشف الحقائق المخفية، وستكون المحاكمة عادلةً في ظلّ ذلك، ولإقفال جميع أبواب المنظرين والمتمصدرين وأعداء الوطن.
**
سارا علي آل الشيخ – كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @saaraali_14