مجتمع

“الحركة التقدمية”: هجمة مستمرة على الحريات

أصدرت الحركة التقدمية الكويتية تقريرها حول الأوضاع الراهنة في الكويت تناولت فيها قضية الحريات وما شهدته من تراجع فيها والتي اشتدت منذ منتصف عام 2014 وما تبعه ذلك من اصدار احكام قضائية ضد نواب حاليين وسابقين.
كما تناول التقرير قضية استعادت الحكومة زمام المبادرة برلمانيا وفرض سطوتها عليه بعد الارتباك التي شهدته في تعاملها معه في استقالة وزيرين من الاسرة الحاكمة بعد عملية الاستجواب .
واستعرض التقرير مجموعة من القضايا الهامة مثل الوضع المعيشي ومعاناة الفئات المهمشة وقضية تكريس النهج الرأسمالي والاستحواذ على مقدرات البلاد وقضية تراجع الأداء الحكومي وسوء الإدارة إضافة الى قضية الفساد وقضية التعليم والتنمية والسياسة الخارجية لدولة الكويت وقضية الأحزاب الدينية وازمتها الحالية وأخيراً إلقاء نظرة على وضع المعارضة حالياً
تقرير حول الأوضاع الراهنة في الكويت والتطورات الجارية وسياسة الحركة التقدمية الكويتية ومهماتها المباشرة عقدت اللجنة المركزية للحركة التقدمية الكويتية اجتماعاً يوم السبت 21 يوليو 2018 وبحثت الأوضاع الراهنة في البلاد والتطورات الجارية وسياسة الحركة ومهماتها المباشرة، وأصدرت تقريرأً يتضمن تحليلها لهذه الأوضاع والتطورات وتوجهات سياسة الحركة التقدمية الكويتية ضمن العناوين
التالية:
أولاً: قضية الحريات:
على الرغم من التراجع الجزئي في منسوب الهجمة على الحريات، التي كان أشدها في منتصف العام 2014 ،إلا أن هذه الهجمة لا تزال مستمرة بدرجات مختلفة، وهذا ما نلحظه في الأحكام بالحبس على 16 من النواب  الحاليين والسابقين والناشطين في قضية دخول المجلس، بما يترتب عليها من حرمان من الحقوق الانتخابية، واضطرار عدد منهم للرحيل عن الوطن، ناهيك عن الأحكام العديدة والمتكررة بحبس عدد من المغردين… والمماطلة والمساومة في إلغاء القرارات الجائرة بإسقاط وسحب وفَقْد الجنسية الكويتية عن عدد من المواطنين لأسباب سياسية، بعد إعادتها لعائلة البرغش… والقرار الانتقائي لوزارة الشؤون بحل مجلس إدارة جمعية الحرية.
إنّ التضييق على الحريات ليس مزاجاً يمكن أن يتبدل ولا هي قرارات انفعالية وردات أفعال يمكن تحاشيها بما يسميه البعض التعامل “الحكيم” في عدد من المواقف، وإنما هو نهج يعكس الطبيعة الطبقية للقوى المتنفذة سياسياً واقتصادياً المناقضة للديمقراطية.
وهنا لابد من التأكيد على أنّ النضال الديمقراطي، وخصوصاً من أجل إطلاق الحريات، يمثل حلقة مركزية في نضالنا… أما على المستوى المباشر في ظل ميزان القوى الراهن فنحن نركز الآن على تحقيق حالة انفراج سياسي عبر:
– إصدار قانون للعفو الشامل عن قضايا الرأي والتجمعات.
– إطلاق الحريات وإلغاء القوانين والإجراءات المقيدة لها.
– عودة الجناسي.
– المطالبة بتغيير النظام الانتخابي للصوت الواحد المجزوء.
فهذه هي المطالب والاستحقاقات الآنية المباشرة، وذلك قبل أي حديث عن الإصلاح الديمقراطي والدستوري باتجاه إقامة نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، الذي يمثّل هدفاً رئيسياً لنضالنا ولكنه لا يمكن أن يتحقق قبل أن تتحقق حالة انفراج سياسي أولاً، التي يجب أن نحشد القوى من أجل المطالبة بتحقيق الانفراج السياسي وتركيز الجهود من أجل الوصول إليه.
ثانياً: استعادة الحكومة زمام المبادرة برلمانياً:
إنّ الوجهة الأخرى، التي يجب أن نتوقف أمامها هي استعادة الحكومة زمام المبادرة وفرض سطوتها شبه الكاملة على مجلس الأمة بعد شيء من الارتباك في تعاملها مع المجلس في الأشهر الأولى التي أعقبت انتخابات نوفمبر 2016 ،حيث أدى ذلك الارتباك إلى استقالة وزيرين من الأسرة الحاكمة بعد استجوابيهما، وهذا الارتباك انعكس مؤقتاً على مواقف النواب المحسوبين على السلطة… وفي هذا السياق، فإنه جراء الاكتفاء بطرح عدد من المطالب والاستحقاقات والوعود الانتخابية ضمن الأطر النيابية وحدها وعدم تحشيد الرأي العام الشعبي للتحرك من أجل المطالبة بها والضغط على الحكومة والنواب لتمريرها، وتفكيك السلطة لأي ائتلاف نيابي متماسك، فمن الطبيعي أن نلحظ الفشل الذريع لمن يسمون “نواب المعارضة العائدين للمشاركة” في تمرير تعديل قانوني الجنسية والمحكمة الإدارية وإلغاء قانون المسيء وقراري زيادات الكهرباء وأسعار البنزين، إلى أن وصلنا أخيراً وليس آخراً إلى رد الحكومة قانون التقاعد المبكر، الذي أقره المجلس.
إننا ندرك جيداً انسداد أفق الإصلاح والتغيير عبر القنوات البرلمانية، وهو واقع تعزز أكثر من أي وقت مضى في ظل المجالس المنتخبة وفق مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، ولكن في المقابل فإنّ هذا الاستنتاج لا يدفعنا إلى تجاهل ما كشفته الخبرات الواقعية العملية عبر التاريخ البرلماني الكويتي من دور مؤثر للرأي العام الشعبي الضاغط في إمكانية تمرير قوانين معينة أو إجبار السلطة وغالبية النواب على إسقاط مشروعات قوانين مرفوضة شعبياً، وهو ما يجب أن نؤكده ونستفيد منه في نضالنا السياسي المرتكز بالأساس إلى النضال الجماهيري، بعيداً عن النزعة العدمية السلبية.
ثالثاً: الوضع المعيشي ومعاناة الفئات المهمشة:
مع أنّ البيانات الرسمية المتصلة بالأسعار تحاول أن تخفي حقيقة التضخم والغلاء، إلا أن المستهلك يلمس ارتفاع الأسعار في العديد من السلع، واللافت أنّ هناك العشرات من الشركات التجارية الكبرى طلبت من لجنة تحديد الأسعار رفع أسعار العديد من السلع إلى 10 في المئة في شهر مايو الماضي، وحتى الآن لم يتم البت بالطلبات، التي في حال إقرارها ستؤثر سلباً على معيشة المستهلكين، خصوصاً ذوي الدخول المتدنية منهم… وهناك قرابة 380 أمر منع من السفر وضبط وإحضار
تصدر يومياً بسبب ديون مالية للغير وفق ما كشفته بيانات الإدارة العامة للتنفيذ بوزارة العدل، ما يكشف حجم مشكلة الديون الاستهلاكية والأقساط ومعاناة المدينين.
ومن جانب آخر يعاني العمال الوافدون منذ بداية أكتوبر 2017 من الزيادة المرتفعة على رسوم الخدمات الصحية، وأدى تطبيق التعرفة الجديدة للكهرباء إلى مغادرة أعداد ليست قليلة من الأسر الوافدة للكويت، وليست هناك حتى الآن بيانات واضحة حول ذلك، فيما تستمر معاناة الكويتيين البدون من تعسف جهاز المقيمين بصورة غير شرعية في تجديد البطاقات، بينما ليس هناك أفق جدي لحل هذه القضية سوى الوعود الحكومية والمماطلة والتسويف… وتتعرض العمالة الوطنية في القطاع الخاص إلى التطفيش، حيث كشفت الأرقام تراجع عدد هذه العمالة من نحو 89 ألفاً في نهاية العام 2016 إلى  أقل من 61 ألف مواطن في بداية العام 2018 ،ما يعني أن أكثر من 28 ألفاً مع العمالة الكويتية قد خرجت من القطاع الخاص، وذلك جراء سياسات التطفيش، وهناك الآن وفق البيانات الرسمية نحو 12 ألف كويتي عاطل عن العمل.
هذا فيما تستعد الحكومة وفق برنامجها لتمرير العديد من مشروعات القوانين التي تمس معيشة الناس، ومن بينها مشروع قانون إطلاق يدها في استحداث وزيادة الرسوم على الخدمات العامة، وقانون ضريبة المبيعات، وقانون البديل الاستراتيجي، الذي سيتضرر منه العديد من العاملين في القطاعين الحكومي والنفطي تحت ذريعة توحيد الرواتب والبدلات والمكافآت.
رابعاً: محاولات تكريس النهج الرأسمالي النيوليبرالي:
تواصل القوى المتنفذة سياسياً واقتصادياً نهجها الرأسمالي النيوليبرالي في الاستحواذ على المزيد من مقدرات البلاد والاستئثار بخيراتها وتوجيه الإنفاق الحكومي نحو تنفيع طبقة كبار الرأسماليين وتقليص
4 بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية واستهداف المكتسبات الاجتماعية الشعبية وتصفية القطاعين العام والتعاوني وإخضاعهما للقطاع الخاص من دون قيامه بأي وظيفة اجتماعية وتحميل الطبقة العاملة والفئات الشعبية أعباء أي عجز في الميزانية.
فالخطة التنموية المعلنة تطرح بوضوح تولي القطاع الخاص ما يسمى قيادة قاطرة التنمية، وبرنامج العمل الحكومي يكشف أنّ الحكومة ستسلم المشروعات الكبرى الجديدة التي ستتولى إنشاءها إلى القطاع الخاص، وهناك محاولات حكومية لتعديل قانون الخصخصة باتجاه الالتفاف على حظر خصخصة إنتاج النفط والغاز الطبيعي والمصافي ومرفقي التعليم والصحة، وتصريحات حول توجه الحكومة لخصخصة الجمعيات التعاونية، ومحاولات متكررة لخصخصة بعض مرافق القطاع النفطي.
ونستطيع أن نلمس معارضة شعبية واسعة لهذا التوجه الرأسمالي النيوليبرالي، ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في الأوضاع المؤسفة التي تعيشها الحركة النقابية العمالية من حيث انقساماتها وسيطرة عناصر انتهازية على عدد من النقابات والاتحادات وما تعانيه الحركة النقابية العمالية من تغليب للاستقطابات الطائفية والقبلية والفئوية على حساب الاصطفاف الطبقي، خصوصاً في تشكيل القوائم والانتخابات وتوزيع المناصب القيادية في المؤسسات النقابية، ما أدى إلى إضعاف دور الحركة النقابية العمالية
وبالتالي قدرتها على التصدي لمثل هذا النهج الرأسمالي النيوليبرالي… ولهذا يجب أن يكتسب تصحيح أوضاع الحركة النقابية العمالية واستعادة دورها أولوية رئيسية.
خامساً: الوضع الحكومي:
تبرز بوضوح مظاهر تدني مستوى الأداء الحكومي وسوء الإدارة السياسية للدولة والتخبط في القرارات، وهذا ما ظهر بادياً في خواء برنامج عمل الحكومة وعدم التزامه بتحديد مستهدفات ملموسة وفق مدد مقدرة، وتضارب القرارات الحكومية، مثلما شهدنا ذلك في الخلاف حول دمج الهيئة العامة للقوى العاملة مع برنامج إعادة الهيكلة، وأخيراً سحب صلاحيات مدير عام هيئة الزراعة ثم إعادتها، هذا إلى جانب ما هو معروف من تدني مستوى العديد من الخدمات العامة والبنية التحتية.
ولهذا فإننا نؤكد ما سبق أن أوضحناه في أكثر من موقف من أن المشكلة هي مشكلة نهج وسياسات قبل أن تكون مشكلة أشخاص، وأنه لا يمكن تعليق الآمال على شخص مسؤول ما مع تجاهل تأثيرات العوامل الرئيسية المتمثلة في طبيعة السلطة وطبيعة المصالح المتحكمة في القرار وتشابك العلاقات
5 ومراكز النفوذ داخل السلطة والحلف الطبقي المسيطر، هذا ناهيك عن أننا مثلما نرفض أن نوجه معارضتنا للأشخاص، وإنما نوجهها لمصالح القوى المتنفذة ولنهجها وسياساتها المتعارضة مع مصالح أوسع فئات الشعب، فإننا في المقابل لا يمكن أن نمحض تأييدنا لشخص هذا المسؤول أو ذاك ونعوّل عليه وحده، وغير هذا فنحن نرفض الانجرار وراء صراعات مراكز النفوذ والأقطاب المتنافسة ضمن صفوف القوى المتنفذة سياسياً واقتصادياً، التي هي في النهاية صراعات ثانوية تجري ضمن الطبقة المسيطرة نفسها ولا يجب أن تخدعنا وتمنعنا من النظر إلى الصراعات والتناقضات الرئيسية التي تجري بين هذه الطبقة المسيطرة من جهة والطبقات الاجتماعية الأخرى من جهة أخرى، وبالتالي فإننا عندما نتخذ موقفاً ما فإننا نبنيه استناداً على هذا التحليل للواقع السياسي وليس على تصورات موهومة حول هذا الشخص أو ذاك، ولكن الأمر الطبيعي أننا سنحاول التأثير ما أمكن على التطورات ومسارها بالاستناد إلى النضال الجماهيري وتشكيل رأي عام شعبي، ولن نكتفي بتسجيل موقف من باب تسجيل المواقف؛ أو النأي بالنفس عن اتخاذ موقف مؤثر وكأن الأمر لا يعنينا عندما تكون الحاجة الموضوعية قائمة لاتخاذ موقف ما في اتجاه معين.
سادساً: الفساد تحوّل إلى نهب منظم:
شهدت الأشهر الأخيرة استشراء مظاهر الفساد والإفساد على نحو مثير، وكان أبرزها فضيحة العطايا الحكومية الجديدة للنواب وما تكشف حول فضيحة الحيازات الزراعية الأخيرة، وما تكشف من وقائع جديدة حول تزوير الشهادات الجامعية، وهي شواهد جديدة على واقع الفساد والإفساد، الذي لم يعد مجرد ممارسات فردية ولا هو مجرد سلوك تنفيعي، وإنما أصبح الفساد اليوم جزءاً من البنية الاقتصادية والسياسية، بل يجري تكريسه ضمن الثقافة الاجتماعية السائدة، ويكمن الأساس الموضوعي لهذه الظاهرة الخطيرة في الطبيعة الطفيلية لمصالح القوى الطبقية المتنفذة، ولا تنحصر في السلوك الشخصي لهذا المسؤول وأخلاق المسؤول الآخر، بل لقد تعدى الأمر الفساد كاستغلال للنفوذ وتحوّل إلى ما يمكن أن يكون عمليات نهب منظمة لمقدرات البلاد، كما لم يعد الفاسدون والمفسدون أفراداً معزولين، وإنما تحوّل الفساد إلى مؤسسة لها أذرعها الممتدة في سلطات الدولة وأجهزتها بما فيها الأمن وكذلك أذرعها الإعلامية، وربما هناك مؤشرات على وجود أذرع إجرامية
مرتبطة بقوى الفساد.
6
ولهذا فمن الطبيعي أن تتراجع درجات الكويت ضمن مؤشر مدركات الفساد العالمي من 53 من مئة درجة في 2003 إلى 39 من مئة درجة في 2017 ،كما تراجع ترتيبها خلال الفترة ذاتها من 35 إلى
85 على مستوى دول العالم.
ومن هنا فإن المعركة ضد الفساد والإفساد هي بالأساس معركة سياسية وطبقية كبرى، يجب أن تكون من أولويات النضال من أجل التغيير الوطني والديمقراطي والاجتماعي… ولعلنا لا نبالغ عندما نرى إن المعركة ضد الفساد والإفساد يجب أن تكون نقطة ارتكاز هامة لتحشيد أوسع القوى الشعبية المتضررة، ومن المهم في نضالنا السياسي والجماهيري أن نربط قضية مكافحة الفساد بقضية الديمقراطية وبقضية الصراع الطبقي وألا نختزلها في محاربة شخص أو أشخاص، من دون تقليل
لأهمية محاسبة الأشخاص الفاسدين والمفسدين.
وعلينا الانتباه هنا إلى عدم الانسياق وراء الصراعات الجانبية لمراكز القوى المتنافسة ضمن القوى المتنفذة سياسياً واقتصادياً عند إثارتها أحياناً لبعض قضايا الفساد ضمن أجنداتها وحساباتها الخاصة لإبعاد هذا المسؤول أو ذاك أو إضعافه… وفي الوقت نفسه وعلى ضوء طبيعة المصالح الطبقية الطفيلية للقوى المتنفذة وكذلك على ضوء التجارب التاريخية المتصلة بالتعامل السلطوي مع فضائح الفساد فإنه ليست لدينا أي أوهام حول جدية الحكومة في ادعاءاتها لمكافحة الفساد، من دون أن يعني
هذا الاستسلام لهذا الأمر وعدم ممارسة الضغط الشعبي عليها لاتخاذ اجراءات وتدابير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى