هايلي: أشعر كل يوم وكأنني أرتدي درع الحرب

تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه وهو يكيل للأمم المتحدة عبارات الذم والاستهانة وعين السياسية نيكي هايلي سفيرة لبلاده في المنظمة الدولية لتنفذ جدول أعماله المخل بنظامها.
لكنها أثبتت لترامب أيضاً أن الأمم المتحدة تخدم أهدافه لاسيما حين يتعلق الأمر بكوريا الشمالية.
وكان المثال الذي قدمته هايلي لترامب في مكالمة هاتفية في حزيران (يونيو) الماضي هو موافقة مجلس الأمن بالإجماع على فرض عقوبات مشددة ثلاث مرات في العام الماضي للضغط على بيونغيانغ من أجل الدخول في محادثات حول إلغاء برنامجها النووي.
وتذكرت هايلي في مقابلة مع «رويترز» أنها قالت لترامب: «لولا الأمم المتحدة لما كنا في الوضع الذي نحن فيه الآن مع كوريا الشمالية لأن تلك كانت هي الطريقة الوحيدة لحمل المجتمع الدولي لتبني موقفنا».
وتعتقد الولايات المتحدة ودول أخرى أن العقوبات ساعدت في حمل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون على الموافقة على مقابلة ترامب في قمة تاريخية عقدت في سنغافورة في حزيران (يونيو) الماضي.
وقالت هايلي إن ترامب سألها عن رأيها في الأمم المتحدة بعد مرور 17 شهراً على شغلها المنصب وبعدما أصبحت الولايات المتحدة أول دولة تنسحب من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة. وأضافت أنها رددت سلسلة من الشكاوى فقالت: «بيروقراطية بدرجة لا تصدق وهي تهدر أموالاً كثيرة وبها بعض المواقف المنحازة حقاً ضد إسرائيل بل وضدنا في بعض الأحيان وهي تتجاهل الكثير مما يحدث ويحتاج للاهتمام به».
وتصور رواية هايلي لما دار في المكالمة الهاتفية الكيفية التي توجه بها الرئيس الذي يتجنب المنتديات والمعاهدات الدولية التي ساهمت الولايات فيها على مدار عشرات السنين.
وعندما تولى ترامب منصبه وصف الأمم المتحدة بأنها «مجرد ناد يلتقي فيه الناس معا ويتحدثون ويقضون وقتاً طيباً».
وقد قال بعض الديبلوماسيين إنهم يرون في هيلي الحاكم السابق لولاية ساوث كارولاينا الوجه المستقر للسياسة الخارجية الأميركية. ويقول البعض إنهم يتطلعون إلى ما ستقوله من باب التوضيح عندما يحتارون فيما يقوله ترامب.
وقالت هايلي في المقابلة خلال رحلة قامت بها الشهر الماضي إلى الهند، التي هاجر منها والداها إلى الولايات المتحدة، «مهمتي هي توضيح كل شيء تفعله الإدارة حتى لا يتساءل أحد عن موقفنا. أردت على الدوام التأكد من عدم وجود اللون الرمادي. وأن كل شيء أبيض وأسود».
ووصف خبير الأمم المتحدة لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ريتشارد جوان مهمة هايلي بأنها «إقناع عامة الناس بمواقف الإدارة المناهضة للأمم المتحدة».
وأضاف: «وهذا يضايق الديبلوماسيين الآخرين».
* توترات روسيا
لفترة طويلة، ظلت هايلي تقف من روسيا في العلن موقفاً أكثر تشدداً من موقف رئيسها. ففي أيار (مايو) الماضي وصفت السياسة التوسعية الروسية في أوكرانيا بأنها «مشينة»، وقالت إن الموقف الأميركي «لن يهتز».
غير ان ترامب حض «مجموعة السبع» بعد أيام على إعادة روسيا إلى اجتماعات المجموعة بعد طردها منها بسبب ضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا إلى أراضيها العام 2014.
وقبل أسبوعين من القمة التي عقدها ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي في 16 تموز (يوليو) قالت هيلي: «ما يقوله الرئيس في الأساس هو أن وجود اتصال بيننا أفضل من عدمه».
ثم تحولت القمة إلى كابوس للبيت الأبيض عندما قبل ترامب في مؤتمر صحافي مشترك نفي بوتين للتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية على رغم مخالفته لما توصلت إليه وكالات الاستخبارات الأميركية.
وطغت عاصفة التنديد السياسية في واشنطن على الرسالة التي حاول ترامب توصيلها أن من الضروري تحسين العلاقات بين البلدين بعد وصولها لأدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
ولم تستجب هيلي لطلبات من «رويترز» للتعليق على القمة.
وتسببت الخلافات حول روسيا في بعض الاحتكاكات العلنية النادرة بالنسبة لهايلي داخل الإدارة عندما أعلنت في نيسان (ابريل) الماضي أن واشنطن ستفرض عقوبات على موسكو لدعمها للحكومة السورية. ثم قرر ترامب عدم المضي قدما في هذا السبيل.
وقالت: «من حق الرئيس تماما أن يغير رأيه وله كل الحق». وأضافت أن ترامب لم يثر تلك المسألة معها قط.
ويصفها نظراؤها في الأمم المتحدة بأنها ذات شخصية آسرة لكنها في غاية الحزم. أم هي فترى نفسها مقاتلة.
وقالت: «لا أرى (دوري) منفذة لسياسة ’أميركا أولاً’ بل أراه الدفاع عن أميركا لأنني أشعر كل يوم وكأنني أرتدي درع الحرب. كل ما في الأمر أنني لا أعرف من سأنازله في ذلك اليوم».
ورسمت هايلي لنفسها دوراً رفيعاً في إدارة ترامب من اللحظة التي عرض فيها المنصب عليها، وقالت للرئيس إنها لن تقبله إلا إذا أصبحت عضواً في الحكومة ومجلس الأمن القومي.
وقال ديبلوماسي غربي رفيع طلب عدم نشر اسمه مثل كل من حاورتهم «رويترز» في الأمم المتحدة: «لها عين وأذن تدركان مسار السياسة في قضية ما».
وساعدت هذه الخصائص في وضع هايلي ذات الـ 46 عاماً والأم لاثنين على قائمة المرشحين المحتملين للرئاسة عن الحزب «الجمهوري». وترفض هي ما يتردد في هذا الصدد، وقالت إن هذا الأمر لم يطرح للنقاش مع ترامب الذي ينوي ترشيح نفسه لفترة رئاسة ثانية في 2020 «لأنه يعلم أنه ليس بحاجة لإثارته».