نظرة على الخريف العربي (2)

هكذا وفي أيام معدودة دخلت عقول الناس الأفكار التي كانت منبوذة وغريبة حتى وقت قريب، وصارت الجماهير لأول مرة تشكك في شرعية الأنظمة وتتساءل لماذا أصلا هم هؤلاء من يحكمنا؟ من أتى بهم للحكم؟ من فوضهم تدبير أمورنا ومن أعطاهم الحق في احتكار البلد تحت عائلاتهم ومن سمح لهم بأن يتوارثوا ويورثوا ثروات بلادنا وممتلكاتها ومقدراتها؟
سقطت هذه الأنظمة حين سقطت شرعيتها الهشة، ما أن سقطت شرعيتها في القلوب حتى بدأت تتهاوى على أرض الواقع، لاحظ أن تاريخ هرب بن علي هو 14 يناير وتاريخ قيام الثورة السورية هو 15 مارس. ستون يومًا فقط كانت كفيلة بإحداث تغيير لم تحدثه الـ 60 عاما الماضية.
إن الأنظمة العربية التي لم تتعظ من أحداث 2011 وما تلاها لن تتعظ بعدها أبدًا إلا في نفسها إلا أننا يجب ألا ننجرف بالعاطفة في النظر لعام 2011، لم تكن الثورات العربية ملائكية ولم تخل من أخطاء وجرائم ارتكبت باسم الحرية (خصوصا في ليبيا)، ولا يجب علينا تقديس التجربة بل التعلم منها ونقدها وتطويرها لأنه من الوارد أن نشهد قريبا موجة ثانية من هذه الثورات.
وقد كانت الخسارة الكبرى في الربيع العربي هي الخسارة في الأرواح، آلاف الشهداء الذين سقطوا وأضعافهم من الجرحى والأسرى، وهي الخسارة التي لابد أن يتعلم منها الشباب العربي وأن يحاول إيجاد حلول وطرق مبتكرة لحقن مزيد من الدماء، رغم أنها ليست مسؤوليته كامله عليهم بقدر ما هي مسؤولية يتحمل الجزء الأكبر هذه الأنظمة الجائرة.يتبع
**
سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @soalshalan
Email: [email protected]