إقليمي وعالمي

العراق وسوريا.. تقارير “هشة” تبرر التدخل

عندما خرج وزير الخارجية الأميركي جون كيري منذ أيام للكشف عن تقرير الاستخبارات الأميركية الذي يدين دمشق باستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة، قفز إلى أذهان مشاهديه سلفه كولن باول حين أطل في موقف مماثل قبل عقد من الزمن لإثبات امتلاك العراق أسلحة دمار شامل قبيل غزوه.

ولعل أبرز أوجه التشابه بين التقريرين، اللذين وصفا من قبل مراقبين بـ”الهشاشة”، اعتمادهما بشكل أساسي على معلومات مستقاة من شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والارتكاز على هذه المعلومات لتكون ذريعة لقرارات كبرى مثل احتلال العراق والتدخل العسكري المحتمل بسوريا.

ففي عام 2003 أمضى باول، مزودا ببعض المخططات والرسائل الإلكترونية التي “اعترضتها المخابرات الأميركية” وصور الأقمار الصناعية، نحو ساعتين محاولا إقناع أعضاء مجلس الأمن أن العراق يعمل على تطوير أسلحة للدمار الشامل ما يشكل مبررا لغزوه.

المعلومات التي عرضها باول وقال إنها “أدلة دامغة لا يمكن إنكارها” تضمنت صورا فضائية تعرض “مستودعات ذخائر كيماوية نشطة” ومواقع تطوير أسلحة دمار شامل قال إن السلطات العراقية أزالتها قبل وصول مفتشي الأمم المتحدة.

تلك الأدلة والصور والمعلومات الإلكترونية تبين فيما بعد أن أغلبها كان مفبركا، وأثبتت الأيام بعد الغزو الأميركي للعراق أن الأخير لا يملك شيئا من أسلحة الدمار الشامل التي تحدث عنها الأميركيون.

بعد 10 أعوام من غزو العراق، وتحديدا في 30 أغسطس خرج كيري في مؤتمر صحفي مماثل وقال إن حكومة بلاده تجزم “بثقة عالية” إن قوات الرئيس بشار الأسد هي التي شنت الهجوم الكيماوي على ريف دمشق في 21 أغسطس وأسفر عن مقتل 1429 شخصا بينهم 426 طفلا حسب تقرير الاستخبارات الأميركية.

وكان لافتا أن التقرير الأميركي المؤلف من 4 صفحات بنى معطياته كما أشار كيري على “الصور والفيديوهات المرعبة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الهجوم”، وتضمن إشارة إلى التقاط مكالمة لمسؤول سوري كبير أعطى الأوامر باستخدام الأسلحة الكيماوية، إضافة إلى جهود استخباراتية “لا يمكن الكشف عنها” وشهادات من مواطنين وصحفيين وآلاف الصور والأخبار.

الغزو الأميركي للعراق وما أثبته من براءة بغداد من تهمة أسلحة الدمار الشامل، جعل العيون مفتوحة على التقرير الذي سوقته الإدارة الأميركية للتدخل العسكري بسوريا، وربما كان ذلك أحد أسباب تأجيل الضربة العسكرية لدمشق ريثما ينتهي المفتشون الدوليون من تحقيقاتهم في الحادثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى