الظاهر والمبطن

القدس جوهرة الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، والعاصمة السياسيّة والدّينيّة والتّاريخيّة والاقتصادية والحضاريّة للشعب الفلسطيني ودولته العتيدة، لا تقبل المساومة، وهي خطّ أحمر، إذا ما تمّ تجاوزه فإنّ السّحر سينقلب على السّاحر. فالشّعوب التي تمّ تضليلها وتخديرها لعقود خلت، لا بدّ أن تصحو من سباتها الطّويل، والمسّ بالقدس هو ناقوس الخطر الذي سيعيدها إلى وعيها، وإذا ما انتهكت حرمات المسجد الأقصى فإنّ ذلك يعنى ان مقدسات المسلمين ستصبح سهله المنال لاعداء الاسلام والمسلمين.
بعيداً عن المناكفات بعيداً عن المشاحنات بعيداً عن المشادّات بعيداً عن كل هذا وذاك لذا سأوضح قليلاً .. لأني أريد أن أترك مجالاً للإخوة والأخوات القرّاء الحكم والتعبير عن الرأي قد أشرت في البداية أن القضية الفلسطينية وخاصة القدس خط لا يمكن المساس به وقصدت فعلاً ورميت إلى وجود خلاف بين طرفين (الفلسطينين والإسرائليين) حول القدس عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وستنقل سفارتها إلى هناك، في مخالفة لما جرت عليه السياسة الأميركية منذ فترة طويلة ومتجاهلاً القوانين والأعراف الدولية والتي لاقت استهجاناً عربياً ودولياً وانتفض إخواننا في فلسطين ولا زالت تتبعات هذا القرار السلبي على الأمتين الإسلامية والعربية مستمرة ولكن عندما تتعدى الهتافات إلى الإساءة وتنفيذاً لأجندات خفية لأعداء السعودية أمثال إيران وأزلامها من الدول الغادرة فهنا يجب أن نقف قليلاً، أعلم أن الفكرة قد تسبب اضطراباً ولبساً عند البعض .. لكني لا أميل بطبعي للأفكار الواضحة .. وأحب لو أتعب أكثر في قراءة الفكرة .. كما أني أعشق التصميم الذي يحمل تضارباً (أو تضاداً) في الأفكار أحياناً .. أو دعنا نقل (أفكار مركبة) كما أشرت .. الوطن ليس شعار سياسي أو عرقي، أو ظرف اقتصادي وثقافي، خاضع للظروف والمتغيرات، الوطن ليس شخصية محددة، أو جهة معينة، أو لهجة خاصة، الوطن وحبه والانتماء إليه أساس ثابت وواسع كسعة أرجائه وأطرافه، فهو الحاضن لنا، باختلاف أجناسنا وأصولنا وألواننا وقبائلنا، وهو الأمان وهو الجغرافيا والمسافة، وهو نحن، مهما تعددت ثقافاتنا وانتماءاتنا وتوجهاتنا، وتفاوتت أفكارنا ورؤانا. وصدق الشاعر حين قال: وطني لو شغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه بالخلد نفسي.
الوطن، هو ما نسير عليه، ونعمل فوقه، وننام على أرضه، ونقتات من خيراته، أما الحكومة، فهي مجموعة من العناصر التي تعمل فيما بينها لأجل الوطن، والسلطة السياسة هي عنصر أساسي من العناصر المكونة للحكومة والفاعلة فيها لأجل الوطن، لكن لما كان من طبيعة البشر أنه يخطئ ويصيب ، فكذلك هي السياسة قد تصيب وقد تخطئ لكن نجد للأسف الشديد الكثير ممن يغيب عنهم فهم الفرق بين الوطن والسياسة يتمادون بالتجني على الوطن، وهذا خلل كبير وخطير وهو ما يسبب زعزعة وتصدعات بلحمة الوطن.
وحتى لا أطيل عليكم إخواني كونوا على يقين أن مملكتنا الحبيبة ليست ببعيدة عن المؤامرة ليست ببعيدة عن سيناريو سورية والعراق وليبيا وتونس ومصر؛ لأن أعداء الوطن يتربصون به بكل قوتهم ويريدون أن يقع في بلادنا ما وقع في البلاد الأخرى حتى يتمكنوا من إضعافنا أو يتمكنوا من تدمير مقدرات هذه الأرض الطيبة والاستيلاء على خيراتها وذلك بتفريق اللُحمة بين أهلها.
فلابد علينا إخواني أن نعتز بوطننا الحبيب وبأناس بذلوا أرواحهم، ونذروا أيامهم وشبابهم، يجوبون الصحاري لا لشيء إلا لوحدة هذا الوطن العزيز الشامخ – بمشيئة الله – واليوم – ولله الحمد – نحن بمملكتنا الحبيبة، تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين ننعم بالأمن والأمان وهي نعمة افتقدتها كثير من الأوطان.
إخواني .. لتكون عقيدتنا ودعواتنا في هذه الأيام المباركة اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وولِ علينا خيارنا واكفنا شرارنا واجعل ولايتنا فيمن خفاك واتقاك يا رب العالمين.
**
سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @soalshalan
Email: [email protected]