المنطوق

العقل الباطن جهاز تسجيل يعيد المادة التي وضعناها فيه فإن وضعنا الكراهية والشعور بالإستياء والأفكارالسيئة في الآخرين فإننا سنجد الكثير منها في الآخرين وفينا وسنجد الكثير من الخسائر والعجز والقصور والكثير من التحديات تتساقط علينا من كل جانب وعلينا ألا نستغرب فمن يزرع البرتقال لن يجني تفاح وأي سلوك سيئ نوجهه للآخرين فإننا في الحقيقة نوجهه لأنفسنا ,ذلك الكم الكبير من السلب من الشعور صحيح أنه سيؤذي الآخرين لكنه سيؤذينا نحن بالدرجة الأولى فمصدره نحن لا هم ….إذا أخرجت الدجاج الذي في حظيرتك ليتنزه فإنه عندما يكتفي ويقرر أن يعود فإنه سيعود لحظيرتك لا لحظيرة جارك .
عندما تفكر في( س ) من الناس على أنه إنسان غير جيد فهو غير مسئول عن طريقة تفكيرك هذه …..إنها مسئوليتك أن تختار الأفكار التي تعيش بها بقية يومك وتتعامل على أساسها مع الآخرين ….ومع نفسك ,لا تظن أبدا أن تفكيرك السلبي لن يؤذيك أو يفسد عليك وقتك ويلهيك عن هدفك ويشغلك وحتى يمرضك ….الفكر السلبي يتبعه شعور مدمر للذات والعلاقات ,ثم ما شأنك أنت فيما إن كان إنسان جيد أم سيئ ,تعلم ألا تقيم أو تنتقد الآخرين وقديما قالوا (دع الخلق للخالق ) إن أساء أحد ما التصرف فهذا لا يجعله إنسان سيئ أبدا فهل أنت معصوم مثلا من أن تخطئ في حق إنسان ما بقصد أو حتى بدون قصد؟ فهل إن أخطأت ترغب فعلا في أن يطلق عليك لقب (إنسان سيئ ) لا أعتقد ذلك …..لماذا تظن فعلا أنك مركز العالم وأن على الجميع أن يتصرفوا بطريقة صحيحة طوال الوقت وهل أنت كذلك؟
النضج معناه أن تسمح للآخرين بالإختلاف معك والتصرف على طبيعتهم معك ,دعهم يشعرون أنك تقبلهم كما هم وتعذرهم عند الخطأ ,إن مفتاح العلاقات الناجحة أن تعذر الآخرين كما تعذر نفسك وقانون الحب المطلق هو القاعدة الذهبية لكل البشر على حد سواء فالكل بحاجة للحب وأولهم أنت……… امنحه للآخرين لتحصل على أضعافه .
هناك أناس مروا بظروف صعبة جعلت منهم صعبي التعامل وأحيانا شددي الغضب .ثقلاء بغضاء لم تسمع منهم كلمة طيبة أو ترى في وجوههم ابتسامة حقيقية …..صدق أن مع كل ذلك الوصف هناك في مكان ما في قلبهم خير كثير لكنه انطمر مع كم المعاناة التي عاشوها ,فإن كان بقلبك أنت خير بالدرجة الكافية ووفقك الله سبحانه فستصل إلى ذلك المكان وتعينهم على أن يروه بأعينهم ويحسونه وهذا هو النجاح .
وهاكذا التعامل الرسمي فيجب علينا التفكير قبل النطق وان نكون أفضل من مقابلنا اذا اساء لان هذا يجب ان يكون في أساسنا ومعتقداتنا وتربيتنا الحسنه النابعة من تعاليمنا الاسلاميه الاصيله.
عندما نكون في موضع المسؤوليه فأن منطوقنا محسوب علينا جميعا ليس مخصوص بالذي صدر منه هذا الكلام، كما ان المنطوق السيئ لا يقابله الا منطوق اسواء فان كنت تعتقد ان لديك لسان فسيقابلك احد لديه عشره ألسن.
الإسلام نهى عن رد الإساءة بمثلها، وما جازى الإنسان من أساء إليه بمثل أن يحسن الإنسان لمن أساء إليه قال تعالى: ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ))[المؤمنون:96]، وقد وصف الله عباده الأخيار فقال سبحانه: ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا))[الفرقان:63]، وهكذا أهل الإيمان كالشجرة التي يرميها الناس بالحجارة وتعطيهم أطيب الثمار ويصدق عليهم قول الشاعر الحكيم:
وذو سفهٍ يواجهني بجهل فأكره أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهةً وأزيد حلماً كعود زاده الإحراق طيباً.
كل ما ينطق به الإنسان مسجل عليه. قال تعالى: «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ «، فهو مسؤول عن كل ما ينطق به وما يجري على لسانه، وإذا كانت مسؤولية الإنسان على كلامه في الدنيا كاملة فكذلك في الآخرة فما بالك بمن ولي مسؤوليه في حكومه ما او منظمه ما فكل ما ينطق لا يمثل نفسه فقط إنما الجهه التي ولته هذه المسؤوليه.
ان الإنسان هو المخلوق الذي أنعم الله عليه بملكة التفكيروالنطق، ومع ذلك فإن معظم الناس لا يستخدمون هذه الملكة المهمة كما يجب، حتى أن بعض الناس يكاد لا يتفكر أبداً!..
لقد أعطانا الله جلّ وعلا الفرصة للتفكر واستخلاص العبر ورؤية الحقائق في هذه الحياة الدنيا لنفوز فوزاً عظيماً في الآخرة، فأنزل الكتب السماوية، وأرسل الرسل داعياً الناس عبرهم للتفكر في أنفسهم وفي خلق الكون من حولهم. { أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى، وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون } الروم:8
فليكن منطوقكم خيرا او فلتصمت خيرا لكم .
**
سامي بن أورنس الشعلان – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @soalshalan
Email: [email protected]