«الإدارية» ترفض دعوى النصف ضد قرار عزله
رفضت المحكمة الادارية الدعوى المقدمة من الرئيس السابق لمجلس الادارة والعضو المنتدب للخطوط الجوية الكويتية سامي النصف لإلغاء قرار إحالته للتقاعد من الخطوط الجوية الكويتية في نوفمبر من العام الماضي على خلفية صفقة شراء خمس طائرات مستعملة من طراز ايرباص.
وكان النصف قد تقدم في ديسمبر من العام الماضي وبعد القرار بدعوى قضائية ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير المواصلات بصفتيهما عبر دفاعه المحامي بسام العسعوسي بصفة مستعجلة بوقف قرار ايقافه عن العمل اعتبارا من تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 4162 وحتى إشعار آخر وتكليف نائبه جسار الجسار بصفة مؤقتة وذلك لحين إشعار آخر وفي الموضوع بإلغاء القرار وكل ما ترتب عليه من آثار واعتبار القرار كأن لم يكن وتدويلها وإساءة استعمال السلطة وذلك عملا بالمادة 4 من ذات القانون وفيما يلي نص حيثيات الحكم:
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة الكلية في يوم 19/2/2014
برئاسة الأستاذ الدكتور: جاسم الراشد وكيل المحكمة
وبعضوية الأستاذين: أسامة أبو العطا ـ إيهاب جبر القاضيين
وحضور السيد: أحمد نجم أمين السر
صدر الحكم الآتي:
في القضية رقم: 4193/2013 إداري/11
المرفوعة من: سامي عبداللطيف إبراهيم النصف بصفته رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للخطوط الجوية الكويتية.
ضد: 1 ـ رئيس مجلس الوزراء بصفته.
2 ـ وزير المواصلات بصفته.
الأسباب
بعد مطالعة الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا…
حيث تتحصل واقعات الدعوى في أن المدعي أقامها بموجب صحيفة أودعت إدارة الكتاب بتاريخ 4/12/2013 ملعنة قانونا طلب في ختامها الحكم:
أولا ـ بقبول الدعوى شكلا.
ثانيا ـ وبصفة مستعجلة ـ بوقف تنفيذ القرار الوزاري رقم (4162) الصادر من المدعى عليه الثاني بصفته بتاريخ 25/11/2013.
ثالثا ـ وفي الموضوع ـ بإلغاء القرار الوزاري سالف الذكر وبكل ما ترتب عليه من آثار واعتباره كأن لم يكن.
رابعا ـ إلزام المدعى عليهما بصفتيهما (بالتضامن فيما بينهما) بأن يؤديا للمدعي مبلغا وقدره 5001 (خمسة آلاف وواحد دينار كويتي) كتعويض مؤقت، لعدم استقرار الضرر حتى تاريخه فيما لحق المدعي من أضرار بسبب القرار المطعون فيه.
خامسا ـ إلزام المدعى عليهما بصفتيهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة ومع حفظ جميع حقوق المدعي الأخرى بسائر أنواعها المختلفة.
وقال المدعي شرحا لدعواه إنه بتاريخ 25/11/2013 أصدر المدعى عليه الثاني بصفته القرار الوزاري رقم (4162) بوقف المدعي بصفته رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية والعضو المنتدب ـ اعتبارا من يوم صدور القرار وحتى إشعار آخر وتكليف جسار الجسار نائب رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية بمهام رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بصفته مؤقتة وذلك لحين إشعار آخر.
ولما كان ذلك وإذ رأى المدعي أن القرار أنف البيان قد انطوى على كل العيوب التي أوردها المشرع في كنف المادة الرابعة من القانون رقم (20/1981) بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية المعدل بالقانون رقم (61/1982)، لذا فقد تظلم منه بموجب التظلم المقدم إلى المدعى عليهما بصفتيهما بتاريخ 2/12/2013، غير أنه لم يجد نفعا من ذلك التظلم مما حدا به إلى رفع دعواه الماثلة، وقد قام بتأصيل طلباتها فيها على النحو التالي:
أولا: في الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه لحين الفصل في الموضوع.
وذلك لأن البادي من صحيفة الدعوى أن طلب وقف التنفيذ قد اقترن بطلب إلغاء القرار الوزاري موضوع الدعوى وأن من شأن استمرار تنفيذ القرار وقوع أضرار يتعذر تداركها مستقبلا، إذ إن هناك مصالح مرتبطة للجهة التي يرأس المدعي مجلس إدارتها ومن شأن إيقافه عن العمل تعريض هذه المصالح للخطر، كما أن قرار الوقف ثارت حوله الأقاويل في كثير من الصحف والمجلات مما أضر نفسيا بالمدعي لاسيما أن كان بمثابة «قرار تأديبي» وأن ألبسته الإدارة ثوب الوقف عن العمل وهي أضرار يتعذر تداركها حال استمرارها مما يوجب وقف القرار بصفة مستعجلة لحين الفصل في الموضوع.
ثانيا: مشوبة القرار الصادر من المدعي عليه الثاني بصفته بعيب عدم الاختصاص، اذ صدر ممن لا يملكه وبما ينحدر به الى حد الانعدام، وذلك لكون ان الخطوط الجوية الكويتية التي يرأس المدعي مجلس ادارتها قد غدت تابعة للهيئة العامة للاستثمار بموجب المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012 في شأن تعديل بعض احكام القانون رقم 6 لسنة 2008 في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة.
ثالثا: انطواء القرار الوزاري موضوع الدعوى بعيب الشكل وذلك بقالة انه تم تسبيب القرار المذكور ـ وحسبما ورد بديباجته ـ على ان المدعي وبصفته رئيس مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية اعلن عزمه باتمام صفقة شراء الطائرات الخمس المستعملة من الشركة الهندية دون اكتراث بتحذير المدعي عليه الثاني بصفته من اتمام تلك الصفقة، وهو تسبب غير صحيح اذ ان المؤتمر الصحافي الذي عقده المدعي بتاريخ 24/11/2013 كان مجرد «مؤتمر توضيحي» الى دوافع «مجلس الادارة» في اختيار «الشراء» بدلا من «التأجير».
رابعا: مخالفة القرار المطعون عليه بعيب مخالفة القوانين واللوائح والخطأ في تأويلها وتطبيقها، فضلا عن اساءة استعمال السلطة، اذ ان مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية هو المنوط به امر ابرام صفقات بيع وشراء وتأجير واستئجار الطائرات بموجب قانون انشائها، وبالتالي لا دخل للمدعي عليه الثاني بصفته وزير المواصلات بذلك الامر من قريب او بعيد، فضلا عن ثبوت توافر علم مجلس الوزراء (المدعي عليه الاول بصفته) ووزارة المالية بأمر هذه الصفقة، علاوة على القرار الصادر بوقف المدعي عن العمل ـ في حقيقته وجوهره ـ هو قرار تأديبي مبطن جاء على خلاف قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 كونه لم يحدد مدة لذلك الوقف.
خامسا: توافر مقومات المطالبة بالتعويض المؤقت الذي يقدره المدعي بمبلغ 5001 دينار، ويجد هذا الطلب مبرره كون ان المدعي يشغل مركزا مرموقا (كرئيس لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية والعضو المنتدب) وهو شخص معروف غير ان القرار المطعون فيه قد هز صورته امام اهله وبني وطنه والموظفين الذين يعملون تحت ادارته.
ولتلك الاسباب ولما ساقه المدعي منها تفصيلا بالصحيفة، فقد اقام دعواه الماثلة بغية الحكم بما سلف من طلبات.
وارفق المدعي سندا لدعواه حافظة مستندات طويت على:
1 ـ صورة من القرار الوزاري رقم 4162 المطعون عليه.
2 ـ صورة من التظلم المرفوع من المدعي على القرار المذكور اعلاه وقد جرى توجيهه الى كل من المدعي عليهما الاول والثاني بصفتيهما.
3 ـ صورة من كتاب الهيئة العامة للاستثمار المؤرخ في 12/3/2013 الموجه للمدعي بصفته بالافادة عن ان مناقشة العروض والاسعار الاولية للطائرات المقترحة يعتبر من اختصاص مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية طبقا لقانون تحويلها من مؤسسة الى شركة مساهمة.
4 ـ صورة من الكتاب المؤرخ في 27/5/2013 ومحتواه احاطة مجلس الوزراء بأمر الصفقة موضوع الدعوى.
5 ـ صورة عن محضر اجتماع لجنة شراء الطائرات المؤرخ في 7/5/2013 ثابت من خلاله اجتماع اعضاء اللجنة على اختيار الشركة المصنعة (ايرباص).
6 ـ صورة من محضر اجتماع مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية المؤرخ في 3/11/2013 والذي وافق فيه المجلس بالاغلبية بموجب قراره رقم 1 ـ 12/2013 على الاخذ بخيار الشراء بدلا من خيار التأجير.
7 ـ صورة من الكتاب المرسل من الممثل القانوني للخطوط الجوية الكويتية الى وزير المالية بصفته بتاريخ 14/11/2013 بشأن تحديث الاسطول.
8 ـ صورة من الكتاب التوضيحي لتفاصيل الصفقة المذكورة المقدم من المدعي بصفته للمدعى عليه الثاني بصفته بتاريخ 14/11/2013.
9 ـ صورة من كتاب المدعي بصفته المرفوع للمدعى عليه الثاني بصفته بتاريخ 24/11/2013 متضمنا سبب ترجيح خيار الشراء على خيار التأجير للخمس طائرات اللازمة للمرحلة الانتقالية من خطة التحديث.
10 ـ صورة من القانون رقم 21 لسنة 1965 في شأن نظام مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية.
11 ـ صورة من القانون رقم 6 لسنة 2008 في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة وكذا صورة من المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012 في شأن تعديل بعض احكام القانون الاول المشار اليه.
وحيث نظرت الدعوى بجلسة 11/12/2013 وفيها حضر المدعي بمحام عندما قدم مذكرة قرر فيها ان المدعى عليه الثاني بصفته كان قد اصدر في نفس يوم ايداع صحيفة الدعوى الماثلة في 4/12/2013 اصدر القرار الوزاري رقم 4170 بإعادة تشكيل مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية بتعيين رشا عبدالعزيز الرومي رئيسا وعضوا منتدبا، وبما ينبئ بأن مصدر القرار قد اقال المدعي من منصبه كرئيس لمجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية بعد ان كان قد اوقفه عن العمل لحين اشعار آخر حسبما يبين من القرار الوزاري رقم 4162 بتاريخ 25/11/2013 ـ موضوع الطب الاصلي ـ وهذا الامر هو الذي دفع المدعي بصفته الى ان يعاود ـ ضمن المذكرة ـ التمسك بما اورده في صحيفة دعواه وايضا الى تعديل طلباته بالاضافة الى طلب القضاء ـ وبصفة مستعجلة ـ وقف القرار الوزاري رقم 4170 بتاريخ 4/12/2013 ـ وفي الموضوع ـ بالغاء ذلك القرار بكل ما يترتب عليه من آثار وذلك بعد ان ارتأى المدعي ان القرار الوزاري الاخير قد شابه ذات العيوب التي شابت القرار الاول المطعون عليه، وصمم المدعي بنهاية مذكرته تلك على طلباته الاصلية الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى، كما قدم محامي المدعي ـ بالجلسة ذاتها ـ حافظة مستندات طويت على صورة من القرار رقم 4170 المطعون عليه بالطلب المضاف.
وبجلسة 8/1/2014 اودع محامي الحكومة حافظة مستندات ابرز ما حوته:
1 ـ صورة من قرار مؤرخ 6/11/2012 ويحمل الرقم 1868 ـ بتشكيل مجلس ادارة شركة الخطوط الجوية الكويتية برئاسة المدعي بصفته.
2- صورة من كتاب مؤرخ 30/11/2013 من بعض اعضاء مجلس ادارة شركة الخطوط الجوية الكويتية الى المدعى عليه الثاني بصفته.
3- صورة من كتاب صادر عن الهيئة العامة للاستثمار موجه الى المدعي بصفته وكأن من ضمن ما ذكرته قيام الهيئة المذكورة بدفع مبلغ 134 مليون دينار للخطوط الجوية الكويتية كقيمة ايجارية لعدد 5 طائرات وكان ذلك بتاريخ 13/9/2013.
كما قدم محامي الحكومة مذكرة ألمت المحكمة بمحتواها والتمس في نهايتها الحكم:
اصليا: بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى.
احتياطيا: اولا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء بصفته.
وثانيا: برفض الدعوى بشقيها المستعجل والموضوعي.
وفي أي من الاحوال بالزام المدعي بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة.
وبجلسة المرافعة الاخيرة في 22/1/2014 قدم محامي المدعي حافظة مستندات ومذكرة ختامية صمم فيها على ما سلف من طلبات، فكان ان قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر اودعت مسودته المشتملة على اسبابه لدى النطق به.
وحيث ان الطلبات الختامية للمدعي تتحصل في طلب الحكم:
اولا: بقبول الدعوى بشقيها – الاصلي والمضاف – شكلا.
ثانيا: وبصفة مستعجلة – بوقف تنفيذ القرار الوزاري رقم (4162) بتاريخ 25/11/2013، والقرار الوزاري رقم (4170) بتاريخ 4/12/2013 الصادرين من وزير المواصلات (المدعى عليه الثاني بصفته) لحين الفصل في الدعوى.
ثالثا: وفي الموضوع بالغاء القرارين الوزاريين المشار اليهما في البند السابق وبكل ما ترتب عليهما من آثار واعتبارهما كأن لم يكونا.
رابعا: بإلزام المدعى عليهما بصفتهما (بالتضامن) فيما بينهما بأن يؤديا للمدعي مبلغا قدره 5001 د.ك (خمسة آلاف وواحد دينار) على سبيل التعويض المؤقت فيما لحق المدعي من اضرار مادية وادبية جراء القرارين الوزاريين المشار اليهما في (البند ثانيا).
خامسا: الزام المدعى عليهما بصفتيهما متضامنين بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماة الفعلية وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
وحيث انه – بادئ ذي بدء – عن الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص الدائرة الادارية بنظر الدعوى، فمما لا شك فيه ان البحث في الاختصاص والفصل فيه يلزم ان يكون سابقا على البحث في شكل الدعوى وقبل الخوض في موضوعها باعتبار ان فقدان الولاية مانع اصلا من نظر الدعوى شكلا وموضوعا.
ولما كان المشرع قد انشأ بمقتضى المادة الاولى من المرسوم بالقانون رقم 20/1981 المعدل بالقانون رقم 61/1982 دائرة بالمحكمة الكلية بنظر المنازعات الادارية تختص دون غيرها بالامور المتعلقة بشؤون الموظفين المدنيين، التي اوردتها تلك المادة في بنودها الاربعة الاولى، وتكون لها فيهما ولاية قضاء الالغاء والتعويض.
وكان من المقرر ان الموظف العام هو كل من يعهد اليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تريده الدولة او احد اشخاص القانون العام، وبه يتواجد في مركز قانوني عام تحكمه القوانين واللوائح، فإنه وفقا له، وعلى ما جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 20/81 المشار اليه، يكون مناط اختصاص القضاء الاداري بنظر المنازعات الخاصة بالموظفين المدنيين هو ثبوت صفة الموظف طبقا للقوانين واللوائح، ايا كان نوع وظيفته او درجتها، وايا كانت جهة عمله، سواء أكانت احدى الوزارات او المؤسسات او الهيئات العامة، لما كان ذلك وكان من المقرر ان المؤسسة العامة هي شخص معنوي مستقل عن الدولة، يتولى ادارة وتسيير مرفق عام في نطاق السياسة العامة للدولة ويخضع لاشرافها ووصايتها بدرجة تتحقق بمقتضاها سيطرتها الكاملة عليه، وكان النص في المادة (133) من الدستور على ان ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الادارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها.
لما كان ذلك وكان النص في المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012 المعدل في بعض مواد القانون رقم 6 لسنة 2008 في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة على ان «تعتبر مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية شركة مساهمة باسم (شركة الخطوط الجوية الكويتية) تتولى تنفيذ جميع اغراض المؤسسة، وتؤول اليها جميع الاصول المادية والمعنوية والخصوم، ويستثنى من ذلك حقوق المؤسسة الصادر بها احكام قضائية ضد الخطوط الجوية العراقية وجمهورية العراق واية حقوق اخرى مرتبطة بها، وتباشر الشركة تنفيذ هذه الاحكام وتؤول حصيلة تنفيذها الى الخزانة العامة للدولة»، والنص في المادة الثانية من ذات القانون على ان يتولى ادارة الشركة مجلس ادارة مكون من سبعة اشخاص يعينون من وزير المواصلات من بين اعضاء مجلس الادارة رئيسا، وتنتهي صلاحيات مجلس الادارة اعتبارا من تاريخ بيع حصة الشريك الاستراتيجي، كما انه وقبل هذا وذاك فإن المادة الاولى من القانون رقم 6 لسنة 2008 آنف الذكر قد جاء فيها على ان تتولى مؤسسات مستقلة استشارية متخصصة ذات خبرة عالمية، لا تقل عن اثنتين، يختارها مجلس الوزراء، تقييم جميع الاصول المالية والمعنوية وجميع الخصوم لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية والشركات التابعة.. ويكلف مجلس الوزراء جهة حكومية بتحويل المؤسسة الى شركة مساهمة وفقا لاحكام هذا القانون».
وعلى ذلك، فالمستخلص من استقراء نصوص القانونين آنفي الايراد والمذكرة الايضاحية لهما رغبة المشرع الكويتي في تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة عامة بما يمنحها المرونة الكافية في الادارة والتشغيل استهدافا للتطور وتحقيق الارباح من ناحية ويحرر الميزانية العامة من الاعباء المالية من ناحية اخرى، غير ان ذلك مرهون- بداءة- بضرورة تحقيق جميع الاشتراكات المنصوص عليها بهذين القانونين وابرزها الاضطلاع بتقييم الاصول المالية والمعنوية وجميع الخصوم للمؤسسة المذكورة، استيفاء جميع المراحل المنصوص عليها قانونا بهذا الشأن وصولا الى بيع حصة الشريك الاستراتيجي (أي الدولة) ووضع حصيلة البيع في (الاحتياطي العام للدولة، وفي احتياطي الاجيال القادمة) بنسبة متساوية أي 50% لكل منهما، وبالتالي فإن بقاء اموال الخطوط الجوية الكويتية حتى الوقت الراهن، كأموال عامة، يستبقى للعاملين بها صفة الموظفين العموميين.
وعليه، واذ كان المشرع قد اشترط هذا الأمر صراحة بحق جميع موظفي الشركة وعلى رأسهم رئيس وأعضاء مجلس الإدارة (المادة الثانية من القانون رقم 22 لسنة 2012) اذ انه تعامل معهم كموظفين عموميين لحين بيع حصة الدولة، واذ ليس بخاف على أحد انه لم تتخذ حتى تاريخ اليوم جميع الخطوات والإجراءات القانونية اللازمة لتحويل كيان وشكل تلك الجهة من «مؤسسة» إلى «شركة» وقد أقرت الحكومة بمذكرتها المقدمة للمحكمة بجلسة 8/1/2011 بهذا الأمر مستهلة دفاعها بالتقرير على انه لم يتم بعد بيع حصة لشريك الاستراتيجي على الرغم من ان ذلك هو الهدف الرئيسي من التحويل.
ولما كانت المادة العاشرة من القانون رقم 22 لسنة 2012 المذكور سلفا قد نصت على ان: «يستمر العمل بالقانون رقم 21 لسنة 1965 المشار اليه وجميع القرارات والأنظمة الداخلية لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية فيما لا يتعارض مع احكام هذا القانون وقانون الشركات التجارية الى حين تعديلها أو إلغائها»، وكان الثابت عدم تفعيل القانونين سالفي الذكر (1 لسنة 2008 و22 لسنة 2012) وانسجامهما مع ما جاء بأحكام الشركات المساهمة الواردة في قانون الشركات التجارية رقم 25 لسنة 2012 في شأن طرح أسهم الخطوط الجوية الكويتية للبيع في مزايدة علنية بغية إتمام ذلك التحويل.
ولما كان ذلك ولما كانت القاعدة الفقهية تؤكد ان «العبرة بحقيقة الواقع» واذ كان كلا طرفي الدعوى لا ينازع في ان المرحلة الحالية التي تمر فيها الخطوط الجوية الكويتية هي «فترة انتقالية» لم يتم حتى الآن تخطيها وصولا للخصخصة بمفهومها القانوني النموذجي، فعلى ذلك لا تجد المحكمة من مناص سوى استبقاء الأصل العام الذي كانت ولاتزال تلك المؤسسة تحظى به كونها «مؤسسة عامة» من أشخاص القانون العام وتخضع لأحكام القانون الإداري، كما ويكون موظفيها ـ بمن فيهم المدعي ـ في حكم الموظفين العموميين في الدولة.
ولما كان ما تقدم وكان لا مشاحة في ان القرارين الوزاريين محل الطلب الأصلي والطلب المضاف ـ قد صدرا من جهة الإدارة وفق سلطتها الملزمة بمقتضى القوانين واللوائح، وقد احدث ذلك تغييرا في مركز المدعي بإيقافه عن العمل مؤقتا ـ وفقا للقرار الأول ـ ومن ثم تعيين رئيس بديل له ـ وفقا للقرار الثاني ـ وبالتالي فإن القرارين سالفي الذكر هما قراران اداريان يختص القضاء الإداري وحده ـ دون غيره ـ بأمر النظر في مدى مشروعيتهما من عدمه، ومن ثم يضحى الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر موضوع الدعوى قد جاء في غير محله ترفضه المحكمة اكتفاء بسرد ذلك بالأسباب دون حاجة للنص عليه بالمنطوق.
واما عن الدفع المثار من الحكومة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء، فلما كان من المسلم به فقها، ان شرط توافر الصفة في المدعي والمدعى عليه في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية هي مسألة تتعلق بالنظام العام تملك المحكمة وهي تنزل حكم القانون في المنازعة الإدارية من حيث الشكل والموضوع معا على الوجه الصحيح ان تتصدى لبحثه وتقضي فيه من تلقاء ذاتها، والصفة في الدعوى تعني سلطة مباشرة الدعوى وهي تمنح لمن يكون صاحب حق معتدى عليه أو مهدد بالاعتداء عليه ـ صاحب الصفة الايجابية ـ في مواجهة المعتدي أو المهدد بالاعتداء ـ صاحب الصفة السلبية.
كما ان قضاء التمييز قد يدرج على تقرير انه «يشترط لقبول الدعوى ان تكون للمدعي والمدعى عليه صفة في الدعوى»، والصفة تقوم بالمدعى عليه متى كان الحق المطلوب فيها موجودا في مواجهته باعتبار انه صاحب الشأن فيه والمسؤول عنه حال ثبوت أحقية المدعى فيه».
(الطعن رقم 111/92 تجاري جلسة 20/12/1992).
واذا كان مقررا بنص المادة 123 من الدستور الكويتي بأن «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة ويرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية».
كما نصت المادة 129 من الدستور على ان «استقالة رئيس مجلس الوزراء أو إعفائه من منصبه تتضمن استقالة سائر الوزراء أو اعفائهم من منصبهم»، وأيضا جرى النص في معظم مواد القانون رقم 6 لسنة 2008 في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة وتعديله الوارد في القانون رقم 22 لسنة 2012 ـ على اضطلاع مجلس الوزراء بمتابعة جميع الإجراءات المتعلقة بتحويل كيان تلك الجهة من «مؤسسة» إلى «شركة» ان كان ذلك ـ بداءه ـ من خلال تقييم الأصول، ومرورا بتشكيل مجلس الإدارة الخاص بالمرحلة الانتقالية، وانتهاء الى بيع حصة الشريك الاستراتيجي وإتمام عمليات الخصخصة، وقد أناط المشرع بمجلس الوزراء ممارسة جميع تلك الاختصاصات من خلال الوزير المختص في أمور هذا المرفق ويقصد به هنا وزير المواصلات المدعى عليه الثاني بصفته، ومن ذلك يغدو رئيس مجلس الوزراء (المدعى عليه الأول بصفته) صاحب شأن وصفة بمواجهة الحق المطالب به في هذا الدعوى، الأمر الذي يكون معه الدفع بانتفاء صفته قد جاء هابط الأثر خليقا بالرفض وتكتفي المحكمة بذكر ذلك بالأسباب دون حاجة للنص عليه بالمنطوق.
وحيث بان للمحكمة ان الدعوى قد اصبحت حاليا مهيأة للفصل في موضوعها مما يغني عن التصدي للشق العاجل منها، وعليه تمضي المحكمة قدما في سبيل الفصل في موضوع الدعوى.
وحيث انه عن شكل الدعوى ـ بالنسبة للقرارين المطعون عليهما إلغاء وتعويضا ـ فقد استوفت سائر أوضاعها المقررة قانونا ومن ثم فهي مقبولة شكلا.
وحيث انه عن موضوع الدعوى، وعن السبب الأول للطعن بان القرارين الوزاريين شابهما عيب عدم الاختصاص بزعم صدورهما ممن لا يملك ذلك الاختصاص وبما ينحدر بهما الى حد الانعدام، فالراجح في الفقه الإداري ان فكرة الاختصاص هي من القواعد الأساسية التي يتعين ان تلتزم بها الإدارة، فعلى كل جهة إدارية ان تباشر اختصاصها المنوط بها، وعلى الموظف داخل الجهة ان يباشر اختصاصاته الوظيفية المنوطة به، وبالتالي يتم تنظيم العمل وتوزيعه مع تحديد المسؤولية عن الخطأ والاهمال بما يؤدي الى حسن سير المرفق العام في القيام بواجباته بطريقة منتظمة، وان كان الاختصاص تلتزم به سائر الجهات الإدارية وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات فيتعين التزام كل سلطة من السلطات الثلاث بالدولة باختصاصها دون ان تتعدى اختصاصاتها بالاعتداء على اختصاص سلطة أخرى، والقاعدة في تحديد الاختصاص داخل السلطة التنفيذية انه هو من عمل المشرع أي القانون أو بناء على قانون يحدد الاختصاص للجهة الإدارية أو الموظف المنوط به اتخاذ القرار والاصل ان الاختصاص شخصي بمعنى انه يجب ان يصدر القرار الاداري من الشخص او الهيئة التي حددها المشرع.
ويذكر هذا الجانب من الفقه ان عيب عدم الاختصاص يصبح من قبيل اغتصاب السلطة في اي من الحالات الاتية:
1- ان يصدر القرار من فرد عادي ليست له اي صفة.
2- اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاصات اي من السلطتين التشريعية او القضائية.
3- الاعتداء على اختصاص سلطة ادارية لا تمت بصلة الى السلطة مصدرة القرار.
وقد قضت محكمة التمييز الكويتية في هذا الشأن بان القرار الاداري المنعدم لانطوائه على عيب اغتصاب السلطة هو المشوب بعيب عدم الاختصاص الجسيم كان يصدر من سلطة لا تمت بصلة اطلاقا للسلطة التي اعتدى على اختصاصها فيصبح القرار بذلك عملا ماديا متجددا من كيانه ومن صفته الادارية.
«الطعن رقم 60، 63/1994 اداري- جلسة 27/6/1994».
ومن ذلك كله تستخلص المحكمة ان تعريف عيب عدم الاختصاص بانه عدم الصلاحية القانونية على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من سلطة هيئة او فرد اخر.
فلما كان ذلك وكانت المحكمة – وفقا كما سلف ايراده – قد اسبغت لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية صفة المرفق العام الخاضع لاحكام القانون الاداري كون انه لم يجر بعد تحويل كيانها الى شركة مساهمة فذلك ما يترتب ان تستنهض المحكمة النصوص الحاكمة لموضوع الاختصاص الواردة في ثنايا القانون رقم 21 لسنة 1965 في شان نظام مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، اذ نصت المادة التاسعة منه على ان يكون رئيس مجلس الادارة مسؤولا امام وزير المالية والصناعة عن تنفيذ السياسة العامة الموضوعة لتحقيق اغراض المؤسسة، كما نصت المادة العاشرة على انه «لا تكون قرارات مجلس الادارة في المسائل الموضحة فيها- ومنها اللوائح- نافذة الا بعد اعتمادها من وزير المالية».
واذ صدر المرسوم رقم 308 لسنة 2004 بنقل الاشراف على مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، ويعهد اليه مباشرة الاختصاصات المقررة لوزير المالية في القانون رقم 21 لسنة 1965 المشار اليه.
كما انه لما كانت المحكمة الراهنة لا ترى من مواد قانوني التحويل «المشار اليهما سلفا» ما يقبل التفعيل والتطبيق حاليا الا نص المادة الثانية من القانون رقم 22 لسنة 2012 في شأن تعديل بعض احكام القانون رقم 6 لسنة 2008 في شان تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة والتي يجري نصها على ان يتولى ادارة الشركة مجلس ادارة يكون من سبعة اشخاص يعينون بقرار من وزير المواصلات لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدد مماثلة، ويعين وزير المواصلات من بين اعضاء مجلس الادارة رئيسا، وتنتهي صلاحيات مجلس الادارة اعتبارا من تاريخ بيع حصة الشريك الاستراتيجي فهذه المادة في حقيقتها هي عبارة عن حكم انتقالي حدد شكل الادارة في الوقت الراهن واوكله لمجلس ادارة يعين من قبل وزير المواصلات كونه المشرف العام على اعمال ذلك المرفق لحين بيع حصته الدولة فيه.
ومن جماع تلك النصوص يتضح بجلاء الاختصاص في الاصيل لوزير المواصلات حيال جميع شؤون العاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بمن فيهم اعضاء مجلس الادارة ويشمل ذلك كما سلف القول اختيارهم او اعفاءهم من مهامهم او وقفهم عن العمل ذلك انه وفقا لما هو مستقر عليه ان من يملك سلطة التعيين يملك سلطة الفصل والاعفاء والوقف عن العمل، دون الادعاء او التمسك بالحق المكتسب في تولي عضوية مجلس الادارة.
وعلى ذلك واذا كانت ايلولة المؤسسة المدعى عليها للقطاع الخاص لم تتم حتى الوقت الراهن فذلك يؤكد ان سلطة وزير المواصلات في تشكيل او اعادة تشكيل مجلس الادارة في هذه المرحلة الانتقالية لا تزال قائمة لم تنفك عنه.
واما عن محاولة المدعي اثارة نص المادة الرابعة من القانون رقم 22 لسنة 2012 فذلك ينم عن خلط لمفهومي تشكيل مجلس الادارة من جانب، واختصاصات الجمعية العمومية من جانب آخر، اذ ان نص المادة المستمسك بها يجري على ان يباشر مجلس ادارة الهيئة العامة للاستثمار اختصاصات الجمعية العامة العادية وغير العادية للشركة وفقا لاحكام قانون الشركات التجارية.
والواقع انه لا احد- بمن فيهم المدعى عليه الثاني بصفته- يماري في مباشرة الهيئة العامة للاستثمار اختصاصات الجمعية العمومية بنوعيها- العادي وغير العادي- غير ان نطاق تلك الاختصاصات والمتمثل بشكل اساسي في متابعة ومناقشة التقريرين المالي والاداري لتلك الجهة يفترق تماما عن الاختصاص بتشكيل مجلس ادارتها والذي وضعه القانون صراحة بيد وزير المواصلات.
وبناء عليه، يكون المدعى عليه الثاني بصفته حين اصداره – بداية – القرار الاول المطعون عليه رقم 4162 بوقف المدعي بصفته عن العمل حتى اشعار اخر، وكذلك اصداره اثناء نظر الدعوى القرار الثاني رقم 4170 تشكيل مجلس ادارة جديدة للجهة المدعى عليها، يكون قد استعمل سلطة ممنوحة له قانونا انبتت له الاختصاص باصدار مثل هذين النوعين من القرارين المشار اليهما، وعليه يضحى السبب الاول للطعن عليهما في غير محله.
وحيث انه عن السبب الثاني الذي نعى به المدعي على القرارين الوزاريين المطعون فيهما كونهما جاءا مشوبين بعيب الشكل، زعما منه ان السبب الذي ذكره المدعى عليه الثاني بصفته بشأن كل من هذين القرارين كان سببا غير صحيح ولا يجسد حقيقة الواقع فقد قضت محكمة التمييز في هذا الشان بانه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان رقابة القضاء الاداري في وزن القرارات الادارية وان كان ينبغي ان تقف عن حد المشروعية او عدمها في نطاق الرقابة القانونية فلا يتجاوزها الى وزن مناسبات القرار، وغير ذلك مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها جهة الادارة بغير معقب عليها، لكن له الحق في بحث الوقائع التي بني عليها القرار الاداري بقصد التحقق من مطابقته او عدم مطابقته للقانون وحقه في ذلك لا يقف عن حد التحقق من الوقائع المادية التي أسس عليها القرار فحسب، بل يمتد إلى تقدير هذه الوقائع إذا ارتبطت بالقانون، باعتبارها من العناصر التي يقوم عليها القرار الإداري، وأنه وان كان في الاصل ان الادارة لا تلتزم بتسبيب قراراتها، بيد انها اذا ذكرت سببا للقرار، فإن هذا السبب يخضع لرقابة القضاء الاداري للتحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى اليها القرار، وهذه الرقابة تجد حدها الطبيعي في التحقق ما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا ومن شأنها أن تؤدي عقلا إلى النتيجة التي انتهى اليها القرار، ومن المقرر أيضا أن ديباجة القرار هي جزء لا يتجزأ منه، ومن ثم يكفي لاستيفاء ركن الشكل في القرار الإداري ـ إذ استلزم القانون تسبيب القرار ـ أن يرد التسبب في ديباجة القرار».
(الطعن رقم 426/2009 إداري ـ جلسة 4/5/2011)
كما تصدت محكمة التمييز لتعريف ركن السبب في القرار الاداري فقضت «انه يجب ان يقوم الاداري على سبب يبرره في الواقع والقانون كركن من أركان انعقاده، فالسبب في القرار الاداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تحمل الادارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني هو محل القرار، وللقضاء الاداري الحق في مراقبة مدى مشروعية السبب الذي بني عليه القرار الاداري للتحقق من مدى مطابقته للقانون، وأن العبرة في تقدير مدى مشروعية السبب الذي قام عليه القرار تكون بالسبب الحقيقي الذي صدر استنادا إليه وأن يثبت أن هذا كان قائما في تاريخ صدوره وأنه كان بالفعل هو المبرر في تقدير جهة الإدارة لإصداره».
(الطعن رقم 69/2006 إداري ـ جلسة 20/2/2007)
وإذ كان ذلك وحيث ان التطور الذي شهدته دولة الكويت بعد نيلها الاستقلال اوائل الستينيات قد استلزم امتلاك الدولة للخطوط الجوية الكويتية التي كانت وقتذاك شركة مساهمة، وذلك بقصد النهوض بقطاع النقل الجوي وتطوره لأهميته لاقتصادات الدولة، ولهذا تم تحويلها إلى مؤسسة عامة بمقتضى القانون رقم 21 لسنة 1965 في شأن نظام مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وتعديلاته، غير أنه وفي ضوء تطور العمل في مجال النقل الجوي وتزايد المنافسة الإقليمية من جهة ونظرا لاستكمال المؤسسة لجميع تجهيزاتها واحتياجاتها الفنية والإدارية من جهة أخرى، فقد أصدر المشرع القانون رقم 6 لسنة 2008 ـ وتعديلاته بمقتضى المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012 ـ في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية إلى شركة مساهمة، والذي جاء بمذكرته الإيضاحية «ان تغير اهداف السياسية الاقتصادية خلال المرحلة الحالية والتوجه نحو تحرير النشاط الاقتصادي وتشجيع اسهام القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية، فقد أصبحت الحاجة ماسة إلى إعادة النظر في النظام القانوني للمؤسسة بما يتلاءم مع المتطلبات التي أفرزتها التطورات والأهداف المذكورة، وهذا الأمر هو الذي اقتضى التفكير في تحويل المؤسسة إلى شركة مساهمة عامة بما يمنحها المرونة الكافية في الإدارة والتشغيل استهدافا للتطوير وتحقق الارباح من ناحية ويحرر الميزانية العامة من الأعباء المالية الضخمة الناتجة عن الحماية التي تضفيها على المؤسسة من ناحية أخرى».
وحيث انه ونظرا لما آلت إليه أوضاع مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية نتيجة تقادم اسطولها الجوي، وكثرة الاعطال الفنية التي اصابت بعض طائراتها نتيجة لقدمها مما أعاق تشغيلها، وحيث ان تلك المؤسسة كان لزاما عليها امتثالا لقانوني التحويل سالفي الذكر والأهداف الواردة بهما أن تسارع الخطى نحو تحديث ذلك الأسطول حتى تحقق الجاذبية المطلوبة بمواجهة القطاع الخاص بغية اتمام الخصخصة، ولن يتحقق ذلك إلا بشراء طائرات جديدة، أو بتأجير طائرات ذات جودة متوسطة ـ ان لم تكن عالية ـ وبتكلفة مالية معقولة تخدم في تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية (الحالية) لحين اتمام بيع حصة الدولة».
وإذ كانت المحكمة لا تنازع المدعى بصفته ولا باقي أعضاء لجنة شراء الطائرات ولا ايضا اعضاء مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية حين ترجيحهم بالإجماع العرض المقدم من شركة إيرباص بالمقارنة مع عرض شركة بوينغ لنظرا لأن العرض الأول يعتبر أرخص تأجيرا وشراء وتشغيلا بما يتواكب مع استراتيجية الشركة المستقبلية بالتركيز على تخفيض الخسائر للوصول إلى الربحية، وذلك في ضوء توجيهات الهيئة العامة للاستثمار، اضافة الى المشاكل الفنية التي اصابت طائرات (B787) وأرغمتها على التوقف عن التحليق لعدة أشهر.
وقد ثبت ذلك كله من واقع مستندات الدعوى.
كما ثبت للمحكمة افضلية عرض شركة ايرباص بعد ورود الرأي الفني من الجهة الاستشارية العالمية المتخصصة (شركة الاياتا).
إلا أن الثابت للمحكمة أيضا أن المدعي بصفته ـ في الخطوة التي أعقبت ترجيح اختيار عرض شركة إبرباص ـ قد انتهج طريقا يخالف السياسة العامة للدولة وما جرى الاتفاق عليه من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، والغاية من إصدار القانون رقم 6 لسنة 2008 وتعديلاته الواردة بالمرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012 وفقا لما سلف إيراده ويتمثل وجه المخالفة في مضيه قدما نحو إتمام شراء (5) طائرات مستعملة من الشركة الهندية (JET AIRWAYS)، إذ كان لزاما عليه التريث في ذلك الأمر لاسيما أنه من المسلم به ان سعر الشراء أغلى بكثير من سعر التأجير ولا شك في أن ذلك سيكبد الميزانية العامة عبئا ماليا كبيرا في الوقت الذي تسعى فيه المؤسسة إلى خفض تكاليفها لحين التحويل للقطاع الخاص، ولا تطمئن المحكمة في هذا الصدد ـ لما أبداه المدعي من موافقة اعضاء مجلس الادارة على توجه الشراء المذكور، ذلك ان الثابت من محضر اجتماع مجلس الادارة رقم (13/2013) المؤرخ 13/11/2013 ان المدعي بصفته هو من انفرد بخيار الشراء محاولا فرضه على باقي اعضاء المجلس، غير ان كل ما قدمه كان سرد قولي لمزايا الصفقة بزعم ان قيمة الشراء تقدر بـ (85.000.000 د.ك) في حين تبلغ تكلفة التأجير مبلغا وقدره (134.000.000 د.ك) دون أن يشير أو يوضح للمجلس عما إذا كان مبلغ الشراء يتضمن قيمة تكاليف الصيانة والدهان الخارجي والديكور الداخلي للطائرات من عدمه، مما يلقي ظلالا كثيفة من الشك حول السعر الحقيقي للصفقة، ولعل هذا الأمر هو ما جعل نائب الرئيس جسار الجسار ـ يبدي تحفظه على صفقة شراء طائرات مستعملة ولاسيما أن ذلك ـ حسبما قرر المذكور في المحضر ـ سيكون له أثر سلبي يتمثل في إثارة الرأي العام.
ومن ذلك وإذ كانت الإفادات التي أرسلها المدعي بتاريخي 14 نوفمبر و24 نوفمبر 2013 لوزير المواصلات لم تقنع هذا الاخير، وإذ ترى المحكمة أنه لا محل لتذرع المدعي بما جاء بقانون انشاء المؤسسة المذكورة رقم 21 لسنة 1965 بشأن «هيمنة مجلس الادارة على شؤون المؤسسة وتعريف أعمالها (نص المادة الخامسة)، إذ ان هذا النص لا يعطي من صلاحية للمجلس سوى إبداء الاقتراحات المتعلقة بالسياسة العامة التي تنوي السير عليها، غير أن إقرار ذلك الأمر يجب أن يكون من خلال المشرف والمسؤول عن أعمال تلك الجهة وهو وزير المواصلات.
كما أنه لا محل لتمسك المدعي بكتاب الهيئة العامة للاستثمار المرسل إليه بتاريخ 12/3/2013 ذلك انه باستقراء المحكمة لذلك الكتاب فلم يتبين منه ثمة صلاحيات أعطيت من الهيئة المذكورة للمدعي بشأن تفضيل أي من خياري الشراء أم التأجير، بل إن ذلك الكتاب انصب فقط على تفويض الهيئة لمجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية دراسة الأسعار الأولية المقدمة ضمن عروض شركتي بوينغ وإيرباص للطائرات المقترحة والمدرجة ضمن خطة تحديث أسطول وإعادة هيكلة المؤسسة.
ومن ذلك وإذا كان المدعي قد ارسل عدة كتب لوزير المواصلات السابق وكذلك الحالي (المدعى عليه الثاني بصفته) بشأن خطة التحديث المزمع القيام بها فذلك أبلغ دليل على اختصاص المذكور ـ دستوريا وقانونيا ـ بالإشراف على أعمال الخطوط الجوية الكويتية كونها من الجهات التابعة له، وإذ كان المدعي قد تلقى من الوزير بتاريخ 18/11/2013 الكتاب رقم (595-2013) يطلب فيه وقف السير في إجراءات إتمام صفقة شراء الطائرات الـ 5 المستعملة من الشركة الهندية، غير ان المدعي عقد مؤتمرا صحافيا بتاريخ 24/11/2013 أعلن فيه عن عزمه إتمام الصفقة المنوه عنها دون اكتراث للتحذير الذي سبق إبلاغه به، وإذ كانت تلك الأسباب قد دونت في ديباجة القرار الأول رقم 4162 لسنة 2013 الصادر بتاريخ 25/11/2013 بإيقاف المدعي عن العمل مؤقتا من تاريخ صدور القرار وحتى إشعار آخر، فالمحكمة تؤيد المدعى عليه الثاني بصفته بذلك القرار لارتكابه على سبب صحيح من الواقع والقانون، كما ترى المحكمة أيضا أن القرار الثاني محل الطعن رقم 4170 لسنة 2013 الصادر بتاريخ 4/12/2013 من المدعى عليه الثاني بصفته بإعادة تشكيل مجلس إدارة الخطوط الجوية الكويتية قد جاء صحيحا في السبب الذي قام عليه، إذ خلا مقعد 3 من أعضاء المجلس القديم بعد إيقاف المدعي عن العمل واستقالة اثنين آخرين غيره وبالتالي فقدان اجتماعات مجلس الإدارة النصاب القانوني المطلوب مما سيعطل ـ بلا شك ـ مباشرته لأعماله واختصاصاته، وهذا ما حتم على المدعى عليه الثاني بصفته إصدار القرار رقم 4170 لسنة 2013 بإعادة تشكيل مجلس إدارة جديد باشر مهامه فور صدور ذلك القرار، وعليه يكون النعي على القرارين المطعون فيهما كونهما مفتقدين السبب الصحيح والمشروع، نعيا غير سديد تلتفت عنه المحكمة.
وحيث إنه عن السبب الثالث الذي اثاره المدعي بحق القرارين المطعون فيهما كونهما جاءا فاقدين لركن الغاية اللازم لصحة القرار الإداري ومشوبين بعيب إساءة السلطة، ففي هذا الصدد ذهب بعض الفقه الإداري ـ بحق ـ في تعريفه للانحراف بالسلطة بأنه «استعمال أجل الإدارة سلطته التقديرية لتحقيق غرض غير معترف له به».
وقد قضت محكمة التمييز في هذا الشأن بأن «عيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها هو من العيوب القصدية في السلوك الاداري التي يلزم توافر ركن القصد بالنسبة لها، فهو يجب أن يشوب الغاية من القرار الإداري ذاتها، بأن تكون الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يجب ان يتغياها القرار أو أصدرت قرارها بباعث لا يمت لتلك المصلحة بصلة، وعيب إساءة استعمال السلطة لا يفترض بل يجب إقامة الدليل عليه، ويقع ذلك على المدعي فيهو الذي يتولى عبء الإثبات وتقديم الأدلة.
(الطعن رقم 702/2004 إداري ـ جلسة 11/4/2005)
إذا كان ما تقدم وإذا بان بالأوراق أن الدولة بجميع قطاعاتها المختلفة تنطلق حاليا نحو النهوض بجميع الخدمات التي تقدمها مرافقتها العامة، ويأتي على رأس تلك القطاعات الخطوط الجوية الكويتية التي تأسست منذ عام 1954 وتمت منذ ذلك التاريخ تقدم خدمات متدنية إذا ما قورنت بخطوط الطيران الأخرى المنافسة لها، ووصل الأمر إلى تهديد حياة الركاب نتيجة التوقف المستمر لها وكثرة حالات التأجير والتأخير على رحلاتها، وإذا كان باعث صدور القانون رقم 6 لسنة 2008 في شأن تحويل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الى شركة مساهمة وتعديله المجري بالمرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2012 ـ هو الارتقاء بخدمات تلك الجهة وتحويلها إلى القطاع الخاص بغية تدارك تلك المثالب والصعود بتصنيفها الى أعلى مستوى، فذلك ما دفع الجهة الإدارية إلى تشكيل مجلس إدارة وضع المدعي رئيسا له بموجب القرار رقم 1868 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 6/11/2012 من وزير المواصلات السابق على الوزير الحالي (المدعى عليه الثاني بصفته)، غير أن الأوراق ثبت منها انه لم يتمكن المجلس المذكور من وضع ثمة بصمات إيجابية على أداء المؤسسة تزيد من جاذبيتها نحو القطاع الخاص، بل إن المدعي ـ تحديدا ـ خرج عن الأهداف المخصصة في قانوني التحويل سالفي الذكر وذلك حين أقدم على المضي في صفقة شراء 5 طائرات مستعملة من شركة هندية دونما الرجوع في ذلك التعاقد إلى الوزير المعني (المدعى عليه الثاني) بغية أن يقوم الأخير بدوره ببحث أمر الشراء مع الجهات المختصة لاسيما المالية منها المنوط بها دراسة الجدوى الاقتصادية للصفقة وترتيب الاعتماد لها ومن هذه الجهات الهيئة العامة للاستثمار ومجلس الوزراء، كما أن المدعي لم يضع في حسبانه أن الأخذ بخيار الشراء يمكن أن يترتب عليه عدة مخاطر منها تردد شركات التأمين عن تقديم التغطية التأمينية للطائرات، كما أن ذلك يمكن أن يتسبب في وقف تشغيل الطائرات أو منعها من التحليق أو النزول في العديد من مطارات العالم بسبب قدمها وسابقة استعمالها لزمن طويل، وعليه إذا كانت المحكمة من استعراضها لمجمل مستندات الدعوى واستنهاضها لخلفيات صدور القرارين المطعون عليهما فقد تكشف لها بجلاء أن رائد تحقيق المصلحة العامة، كان حاضرا في ذهن المدعى عليه الثاني بصفته حين صدورهما من قبله، فعلى ذلك لا تملك والحال كذلك سوى تأييد هذين القرارين لخلوهما من جميع عيوب القرارات الإدارية سالفة الذكر.
ولا ينال من ذلك محاولة المدعي التدليل على كفاءة الصفقة المذكورة من واقع ما قررته لجنة فحص الطائرات في الزيارة التي قامت بها لجمهورية الهند لهذا الغرض، إذ إن كل ما قدمه في هذا الشأن لم يكن سوى كتاب من صفحة واحدة ذكر فيه أسماء أعضاء تلك اللجنة فقط ولم يورد فيه اي بيان آخر يعزز ذلك الادعاء كتفاصيل الفحص والنتيجة النهائية التي توصلت لها تلك اللجنة.
وكما لا يغير من هذا القضاء نعي المدعي على القرار الأول المطعون فيه انه قرار تأديبي ألبسته الإدارة ثوب الوقف عن العمل، وان القرار الثاني المطعون فيه الذي نص على تشكيل مجلس إدارة جديد قد تضمن ـ في حقيقته إقالته من العمل، فذلك جميعه مردود بما هو مستقر عليه من ان اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها يعد من العيوب القصدية والذي ينبغي على من يدعيه اثباته بالدليل القاطع ـ في حين ان المدعي لم يقدم في هذا الشأن سوى قرار مرسل تلتفت عنه المحكمة.
وتنوه المحكمة ـ اخيرا وليس آخرا ـ انها في الوقت الذي تنتهي فيه الى تأييد القرارين المطعون فيهما، فإنها تنبه وبحزم على مجلس ادارة الخطوط الجوية الكويتية الحالي الذي تم تشكيله بموجب القرار رقم 4170 الصادر بتاريخ 4/12/2013 ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته الوطنية والقانونية والإسراع في تنفيذ جميع متطلبات المرحلة الانتقالية الحالية لحين إتمام عملية الخصخصة، ومن أبرز ما يتحتم على المجلس المذكور عمله إجراء التحديث الأمثل لأسطول «الكويتية» الذي يحقق طموح الشعب الكويتي قاطبة وليساعد ذلك في جعل الكويت مركزا تجاريا وماليا.
وحيث انه عن طلب التعويض فلما كان من المقرر بقضاء التمييز ان «أساس قيام مسؤولية الإدارة بالتعويض عن قراراتها هو قيام خطأ من جانبها بإصدارها قرارا غير مشروع أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان يجب عليها وفقا للقوانين واللوائح ويترتب عليه ضرورة تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
(الطعن رقم 527/2005 إداري ـ جلسة 26/12/2006)
وبالبناء على ذلك وما سلف ذكره من أسباب تفصيلية ساقتها المحكمة سلفا إلى أن انتهت الى صحة وسلامة القرارين المطعون فيهما، وإذ كان ذلك يؤدي الى انتقاء ركن الخطأ الذي شكل الركن الأصيل في المسؤولية الإدارية، فعلى ذلك ينتفي المسوغ الصحيح للمطالبة بالتعويض، الأمر الذي تقضي معه المحكمة الى رفض هذا الطلب.
وحيث انه عن مصروفات الدعوى شاملة مقابل أتعاب المحاماة تلزم بها المدعي كونه خاسر الدعوى وعملا بالمادة 119/1 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ عشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة.