منوعات

«التلاعب النفسي»… حين يسيطر علينا أقرب المقربين إلينا!

نقع أحياناً ضحية التلاعب النفسي من أقرب المقربين إلينا من دون أن ندرك ما يحصل معنا، فنشعر بالاختناق والضياع حتى إننا نهرب إلى العزلة في بعض الحالات. كيف تتفادى الوقوع في هذا الفخ؟ إليك نصائح الخبراء.

يمكن تقسيم التلاعب النفسي على ثلاث مراحل: إنكار المشكلة، اتخاذ موقف دفاعي، وأخيراً الاكتئاب.

خلال المرحلة الأولى، تقع حوادث تعتبرها غريبة بينك وبين الطرف الآخر، فتحصل خلافات بسيطة تظن أنها عابرة، للوهلة الأولى على الأقل.

في المرحلة الثانية، تبدأ بالدفاع عن نفسك وتحارب ما يزعجك لكن ستتعرّض على الأرجح للصدّ فيحاول الطرف الآخر أن يقنعك بأفكار ومشاعر غير حقيقية.

في المرحلة الأخيرة، تحاول دوماً أن تلبّي رغبات الشخص الآخر وتشعر بأنك أصبحت معزولاً عن أصدقائك لأن الأشخاص الذين يتلاعبون بك يفضّلون عزلك كي لا تسمع آراءً مختلفة.

يتعلّق الجزء المخيف ببلوغك المرحلة التي تجعلك تلوم نفسك على مشاعر الارتباك التي تنتابك بدل أن تلوم الشخص الآخر. ينشأ الأثر السلبي للتلاعب النفسي حين تبدأ بالتشكيك في حقيقتك، فتشعر بالضياع وتشكّك بأفكارك لأنك سمحت لشخصٍ آخر بتحديد هويتك وحقيقتك ورغباتك وإملاء الأفكار عليك.

تتطلب العلاقات كافة شكلاً من التنازلات والنقد البنّاء كي تصمد. يمكن أن نتعلم جميعاً ونتطور بهذه الطريقة. لكن حين يمارس الطرف الآخر أساليب التلاعب النفسي، سيفرض عليك حقيقته. في نهاية المطاف، يعني هذا التصرف أن ذلك الشخص لا يحترمك وسيكون مستعداً لسحق مشاعرك الحقيقية.

الحقيقة تجرح

في بعض الحالات، لا يهدف الشخص الذي يستعمل معك أساليب التلاعب النفسي إلى إيذائك عمداً. يحصل ذلك غالباً إذا كان الشخص عنيداً بطبيعته ويصرّ على أنه محقّ في المواضيع كافة ولا يقبل النقاش مع أحد. عموماً، يكون ذلك الفرد متعنتاً ويفتقر إلى حس التعاطف مع الغير ولا يبدي استعداده لوضع نفسه مكان الآخرين أو إبداء حاجاتهم على مصلحته الخاصة.

في المقابل، يبقى الشخص الذي يتعرّض للتلاعب النفسي متعاطفاً جداً، فيستخفّ بحاجاته الشخصية ويقدّم الأعذار لتبرير سلوك الطرف الآخر. كذلك يلتزم بإنجاح العلاقة بأي ثمن ويبدي استعداده الدائم لتقديم التنازلات وتجديد المحاولات.

في هذه الظروف، تبدأ باعتبار ملاحظات الشخص الذي يتلاعب بك {نقداً بنّاءً}. لكن بسبب ميلك الدائم إلى التنازل، تصل إلى مرحلة يسمّيها علماء النفس {خسارة الذات}. ستشعر حينها بالتعاسة من دون أن تحدد السبب ولن تفهم أفكارك ومشاعرك بعد فترة. تتعلق المشكلة الحقيقية باضطراب الاستقرار النفسي العام بسبب هذا النوع المتواصل من الانتقادات. لا يقضي النقد البنّاء على ثقتك بنفسك في مجالات حياتك كافة، بل يسمح لك بالتطور ورفع مستوى وعيك.

حلقة مفرغة

يصبح الشخص الذي وقع ضحية التلاعب النفسي متلاعِباً في علاقته اللاحقة أحياناً لأنه ينظر إلى ماضيه ولا يريد أن يقع ضحية أحد مجدداً. حين يشعر الشخص بأنه تنازل أكثر من اللزوم في الماضي ولم يعالج المشكلة حينها، سيزداد تصلّبه في أي علاقة جديدة.

يمكنك أن تنقذ علاقتك مع الشخص الذي يتلاعب بك نفسياً، لكن تتطلب هذه العملية جهداً مشتركاً من الطرفين. لن تكون المهمّة سهلة لأن الشخص المتلاعِب يجد صعوبة في تقديم التنازلات وتقبّل وجهات نظر مختلفة. باختصار، إذا كان الشخص الذي تتعامل معه يصيبك بالجنون ولا يشعرك بالأمان، فمن الأفضل أن تترك مسافة بينكما، وربما يتطلب هذا القرار أحياناً تغيير الوظيفة أو التخلي عن العلاقة نهائياً.

كيف ترسم حدودك بنفسك؟

لتجاوز تجربة التلاعب النفسي، يجب أن تفهم نفسك بدرجة إضافية، ما يعني تحديد المسائل التي تتقبّلها وتلك التي ترفضها. كي تتّضح الصورة التي ترسمها عن نفسك أو تضع دليلاً داخلياً لاستباق الظروف الشائكة، تقضي أفضل طريقة بإجراء مراجعة عامة قبل مواجهة تلك الظروف.

يجب أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة: ما حدودي في هذه العلاقة؟ هل يرضيني هذا الوضع؟ ما الذي يزعجني؟ مع مرور الوقت، تتمكن من رسم حدودك الشخصية.

يمكنك أن تحلل موضوعاً مثل الخيانة وتتساءل: ما رأيي في هذا الموضوع، وهل يختلف عن رأي الطرف الآخر؟ يجب أن تحدد وضعك قبل أن تبدأ بأي علاقة جديدة كي تتمكن من تلقي المساعدة المناسبة وتجيد رصد مؤشرات قلة الاحترام عند وقوع المشاكل.

يتطور جميع الناس طبعاً في علاقاتهم لكن من مسؤوليتهم أن يحددوا الخطوط الحمر التي يستحيل تجاوزها في الظروف كافة. حين تشعر بوجود خطب معيّن، ثق بحدسك! لا أحد يجيد التعبير عن حقيقتك أكثر منك!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى