مصر.. دستور جديد وجدل متجدد
التعديلات الدستورية المقترح إدخالها على الدستور المصري المعطل وتشكيل اللجنة المختصة بذلك بدأ يثيران تذمرا بين اطياف المجتمع المصري منذ نشر النصوص المقترحة وحتى قبل تحديد الشخصيات المشاركة في اللجنة مما ينبئ بتجدد الجدل والصراعات حول الدستور الجديد.
فقد سلمت لجنة مصغرة من 10 قضاة وخبراء دستوريين، معروفة إعلاميا بلجنة العشرة، مسودة التعديلات الدستورية المقترحة إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور الأحد كي تعرض على لجنة ستشكل في الأيام المقبلة من 50 عضوا يفترض أن يمثلوا كافة أطياف المجتمع
ومن المفترض أن تقوم لجنة الخمسين بتعديل النصوص خلال 60 يوما من تاريخ استلامهم التعديلات المقترحة قبل أن تطرح المسودة النهائية للاستفتاء الشعبي لإقرارها أو رفضها.
وشملت التعديلات 130 مادة من أصل 236 وفقا لما أعلن مقرر اللجنة المستشار علي عوض.
التعديلات تشمل إلغاء مجلس الشورى وإلغاء نسبة العمال والفلاحين في أي انتخابات، والتي كانت تمثل 50 بالمائة من أعضاء البرلمان منذ ثورة يوليو 1952، وإلغاء العزل السياسي سواء لجماعة الإخوان أو الحزب الوطني، والتوصية بمنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني، وإلغاء المادة المفسرة للشريعة الإسلامية، وإلغاء الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على القوانين.
ومن أبرز التعديلات، تلك التي تحصن وزير الدفاع ضد أي محاولة لعزله من قبل رئيس الجمهورية وتضمن استقلالية الجيش.
فقد نصت التعديلات في المادة 171 الخاصة بالقوات المسلحة والشرطة على أن يعين وزير الدفاع من بين ضباط الجيش بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المكون من قادة الأسلحة والجيوش المختلفة.
تضمن هذه الفقرة عدم استئثار أي رئيس منتخب بقرار تعيين وزير الدفاع أو إقالته بقرار منفرد حيث سيكون على رئيس الجمهورية تعيين من يتوافق عليه قادة الجيش والإبقاء عليه إذا رأوا ذلك.
وكان دستور مصر الذي أقر في فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي عطل بموجب خريطة الطريق التي أعلنها الفريق أول عبدالفتاح السيسي في 3 يوليو، والتي عزل الرئيس بموجبها، وصدر إعلان دستوري بإجراء تعديلات على الدستور المعطل.
وأثار إلغاء نظام القوائم بالانتخابات البرلمانية المقبلة والعودة إلى النظام الفردي حفيظة التيارات الثورية وأحزاب عديدة رأت فيه أنه يصب في صالح أصحاب النفوذ ومن يملكون المال اللازم لتمويل حملاتهم وأنه يقوي الانتخاب على أساس العصب والعائلات مما يسمح بعودة أعضاء الحزب الوطني المنحل، أو أنصار الرئيس السابق حسني مبارك المعروفون باسم “الفلول”، والإخوان المسلمين الذين عزلوا عن الحكم في 3 يوليو.
كما اعترضت الأحزاب الإسلامية، خاصة حزب النور السلفي، على إلغاء المادة 219 المثيرة للجدل والتي تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة”.
وبعد رفض أولي، أعلن حزب النور في بيان له الأحد المشاركة في لجنة الخمسين “لكي يدافع عن مواد الهوية التي تمثل تعبيرا صادقا عن هوية الشعب المصري”.
وقال الحزب في بيانه أن عمل لجنة التعديلات في “بعض الصياغات قد تخطى الأمر إلى التدخل في كثير من معالم الدستور، وعلى صورة أوجدت حالة من الاعتراض ليس لدى القوى الإسلامية المعترضة على ما تم مع مواد الهوية فحسب، ولكن لدى عامة القوى السياسية المنزعجة من ملامح دستورية يمكن أن تعود بالحياة السياسية إلى ما قبل ثورة 25 يناير، حيث يسيطر على العمل السياسي ذوو النفوذ والمال، وتغيب البرامج والرؤى والأيديولوجيات”.
ورغم خروج أصوات تنادي بإقصاء حزب النور من عملية تعديل الدستور، إلا أن هناك اتجاه يرى ضرورة إشراكهم لامتصاص غضب الجماعات الإسلامية وللحفاظ على شكل “توافقي” للدستور الجديد.
كذلك اعترضت نقابة الصحفيين على التعديلات حيث اعتبرت أن “التعديلات ضربت عرض الحائط بالنصوص التي اقترحتها النقابة فجاءت خالية من نص اأن لصحافة سلطة رابعة، وإلغاء الحبس في قضايا النشر وغيرها من المواد المقترحة من النقابة”.
كما أعلنت 17 حركة سياسية ومنظمة حقوقية رفضها قرار رئاسة الجمهورية الخاص بمعايير تشكيل لجنة الخمسين وطالبت بتعديله لمخالفته مطالبهم وطموحاتهم بخصوص تعزيز حقوق المرأة والإنسان في الدستور الجديد وتمثيل النساء في لجنة الدستور تمثيلًا عادلًا، ومخالفته صريح نص الإعلان الدستوري الذي نص على أن “تضم اللجنة 10 من الشباب والنساء على الأقل”.
وقال المستشار علي عوض، مقرر لجنه الـ 10 لتعديل الدستور، أن ما قامت به اللجنة هو مشروع لتعديل الدستور ستكون للجنه الخمسين الكلمة العليا فيه وتتخذ ما تراه، خصوصا فيما يتعلق بالمواد المثيرة للجدل.
وأكد عوض في تصريحات صحفية أن “من حق المصريين إبداء آرائهم بمشروع الدستور”.
وأشار إلى أن الغاء نظام القوائم بالانتخابات البرلمانية المقبلة والعمل بالنظام الفردي جاء بناء على العديد من المقترحات التي وصلت للجنه من جهات عديدة اما اذا ظهر بعد ذلك آراء اخرى فمن حق لجنه الخمسين ان تنظر بهذه المقترحات.