قلم الإرادة

ألبرت وبوستمان وشريط المؤامرة

   عادةً, وقبل افتتاح أي مشروع, تسبقه مراسم “قص الشريط”, وفيها يتم دعوة مسؤول ـ من عباد الله ـ يُعطى مقصاً مزركشاً  ليقص الشريط مبتسماً حيناً و”متشققاً” أحياناً أخرى ـ التشقق هو المرحلة الفرائحية التي تسبق مرحلة الموت من الضحك ـ وينتهى موضوع  القص, مع ارتعاش الرمق الأخير لأجزاء الشريط المقصوص واختلاجها مرفرفةً  في الهواء ثم سقوطهما أرضاً كعلامة بروتوكولية لافتتاح المشروع.

 

هذه العادة البروتوكولية معتمدة لكل المشاريع عندنا, من مشاريع “الكب كيك” إلى مشاريع “المحطات النووية” فلكل مشروع هنا مقص ولكل مقص شريط يضحي بنفسه “عشان البرتوكول يعيش”, إلا في حالة واحدة طبعاً وهي المشاريع السياسية, فالشريط فيها ليس ضحية مقص بل هو جاني والضحية هي نحن “المقصة” ـ المقصة في العامية هم المخدوعون ـ والدليل قصة الشريط المزعوم لمؤامرة على بيت الحكم والتي طار بها الركبان وبدت كأنها افتتاح لمشروع سياسي لا يُقص به شريط بل بالعكس “يَقصُ” علينا فيها “الشريط” ويوقعنا بحالة “حيص بيص” معتبرة”!

 

كلام أهل الكلام عن الشريط المزعزم لا يهمني  بقدر ما يهمني  سكوت الحكومة المريب وصمتها الأصم, والأخرس, والأعمى عنه, لا شك أن الحكومة مسؤولة بصمتها عن انتشار الشريط بقدر مسؤولية من نشر الإشاعات عنه, فبحسب قانون الشائعات الشهير “لألبرت وبوستمان”  تكون شدة الشائعة= الأهمية * الغموض, وأهمية قضية الشريط في كون تفاصيله المزعومة  شديدة الوطأ وتمس أركان النظام في البلد وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه لا دستورياً, ولا شعبياً, وأيضاً يلعب غموض أحداثه وأسباب تسريبه وعدم نشره إلى الآن  دوراً في زيادة شدة الشائعات.

 

هذه المعادلة “قانون الشائعات” لا ينقضها إلا حل واحد وهو بيد الحكومة وحدها, يقتضي بضرورة تزويد الشعب بجميع الأخبار التفصيلية, والدقيقة الممكنة حتى يكون على بينة مما يدور حوله فانعدام المعلومات، وندرة الأخبار بالنسبة للشعب هي الحطب المفضل لنار “يقولون”, والتي لا يطفئها إلا ماء إثبات أو نفي حكومي.

 

“مصدرنا الحكومي”.. قوللي حاجة أي حاجة .. قول بحبك, قول كرهتك, قول, قول, وما يهمكش حاجة، قوللي عايزك .. قوللي بعتك, بس قوللي أي حاجة يا ….. حكومي!

 

فالح بن حجري ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @bin_7egri

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى