أوجعني الانتظار!

الصبر مفتاح الفرج، والصبر خيرة، وقال تعالى: “وبشر الصابرين”؛ كل ذلك صحيح ولا خلاف، ولكن الصبر موجع؛ ولهذا يسعد الإنسان بعد طول صبره ولنا في السّير الكثير، لقد صبر أيوب صبراً طويلاً فعادت له عافيته، وصبر يعقوب صبراً مؤلماً فعاد له يوسف عقب سنين عزيزاً، وصبر أبونا إبراهيم فأنجاه الله؛ لذا فالصبر آية الاختبار وعنوان المسار؛ متى ما صبرت فستنال نيلاً عظيماً ولكن بعد الانتظار، وقد قسم الصبر لثلاث أنواع في اللغة ابتداءً من الأسهل “تصبّر” إلى المتوسط “اصبر” حتى قمته “اصطبر”، ولكل منهم قيمة يحددها الأمل بالله القائل: “إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون”.
**
صحيح بعد كل صبر مكافأة وإنْ لم تكن في الدنيا فموعدنا دار البقاء، ولكن الصبر موجع ومر، ومن لم يذق مرارة الصبر فليجربه بالانتظار؛ الانتظار هذا الوقت الذي يمضي وكأنه احتضار، ما أجمل الصبر وأصعب الانتظار؛ الانتظار هو التعلق واللا تعلق! اللقاء والفراق معاً، به كل الفرص متساوية بنسبة 50 % وبه تبحث العقول عن النظريات وتدخل في المهاترات وتعود والوقت يمضي. الانتظار هو الرصاصة التي لم تقتل بعد ولكن تسديدها في الحسبان!
**
مثلي أنا أوجعه السير الطويل، والأمل العليل، والوصل البخيل، وأعادته الذكريات لأرفف الحياة القديمة، والأطلال السقيمة.. أذكر أنَّ أحد كبار السن كان يقول: “الوجع صمت، والانتظار صمت الوجع” وبالفعل؛ لأن أوجاعنا ليست وجعاً عند اللقاء، ولأن اللقاء هو الهناء، والفراق هو الفناء؛ ولذلك أوجعني الانتظار!!
**
نبرة:
– الأوفياء يوفون العهود، والأنقياء يوفون البقاء، والأثرياء أثرياء اتساع القلوب عندما تضيق اللحظات!
**
محمد العراده – رئيس تحرير صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @malaradah