إقليمي وعالمي

كيماوي سوريا.. اتهامات وتحذيرات دولية

تسارعت ردود الفعل الإقليمية والدولية في أعقاب تلويح الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، متهمة إياها باستخدام سلاح كيماوي في الغوطة الشرقية بريف دمشق الأسبوع الماضي، بين مؤكد على أن النظام هو من استخدم هذا السلاح، ومحذر من اللجوء للقوة ضد دمشق.

وقالت بريطانيا الأحد إن الأدلة على هجوم بالأسلحة الكيماوية في ضواحي دمشق قد تكون دمرت بالفعل قبل زيارة مفتشي الأمم المتحدة للموقع.

وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ للصحفيين: “يجب أن نكون واقعيين الآن بشأن ما يمكن لفريق الأمم المتحدة تحقيقه. الحقيقة أن كثيرا من الأدلة ربما يكون دمره ذلك القصف المدفعي. وقد تكون أدلة أخرى تلاشت على مدى الأيام القليلة الماضية وأدلة أخرى ربما يكون تم التلاعب بها”.

دمشق تسمح للمفتشين بالتحقيق

وأعلنت دمشق أنها توصلت إلى اتفاق مع الأمم المتحدة للسماح لخبرائها بالتحقيق في الاتهامات الموجهة إلى النظام باستخدام أسلحة كيماوية في ريف دمشق قبل أيام.

وأعلنت الأمم المتحدة أنها ستبدأ التحقيق الاثنين، بينما اعتبرت واشنطن أن الموافقة “جاءت متأخرة لدرجة لا يمكن تصديقها”.

وفي حين حذرت موسكو من “خطأ مأسوي” يتمثل بعملية عسكرية محتملة في سوريا، داعية إلى العقلانية، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي، وأعلن أنه “على اتصال وثيق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما للرد بشكل مشترك على هذا الاعتداء غير المسبوق”.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله: “تم الاتفاق في دمشق بين حكومة الجمهورية العربية السورية والأمم المتحدة على تفاهم مشترك يدخل حيز التنفيذ على الفور حول السماح لفريق الأمم المتحدة برئاسة البروفسور آكي سيلستروم بالتحقيق في ادعاءات استخدام الأسلحة الكيماوية” في ريف دمشق.

وأوضح المصدر أن الاتفاق تم خلال اجتماع بين ممثلة الأمم المتحدة لقضايا نزع السلاح أنجيلا كين ووزير الخارجية وليد المعلم صباح الأحد.

وأشار إلى أنه سيتم “التنسيق مع الحكومة السورية حول تاريخ وساعة زيارة الفريق للأماكن التي تم الاتفاق عليها”.

الزعبي: ضرب سوريا “ليس نزهة”

من جهته، حذر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي من أن ضرب سوريا لن يكون نزهة”.

وقال في حديث تلفزيوني السبت، إن “ضرب سوريا ليس نزهة لأحد تحت أي ظرف كان، لأنه سيكون له تداعيات خطيرة وسيكون كتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الأوسط كله”.

وأضاف أن “الضغط الأمريكي لا يفيد ومضيعة للوقت، ومسألة مواجهة الإرهاب لن نتراجع عنها”.

وقال وزير الإعلام “إن نظرية التدخل العسكري الخارجي “سقطت” لأن سوريا لا تزال دولة قائمة موجودة ولديها مؤسساتها وجيشها وقوتها الذاتية كما لديها أيضا أصدقاؤها وحلفاؤها وأشقاؤها الشرفاء في المنطقة من الشعوب العربية”، على حد قوله.

ويرأس سيلستروم فريقا للتحقيق في حوادث سابقة يشتبه باستخدام أسلحة كيميائية فيها، وقد وصل الخبراء إلى دمشق الأحد الماضي.

وأعلنت الأمم المتحدة بعد وقت قصير على التصريح السوري أن بعثتها “تستعد للقيام بانشطة تحقيق” في المواقع التي يفترض أنها شهدت هجوما كيميائيا اعتبارا من الاثنين 26 أغسطس.

واشنطن تشكك

وسارعت الولايات المتحدة إلى التشكيك في الموقف السوري، حيث قال مسؤول أميركي كبير: “لو لم يكن للحكومة السورية ما تخفيه وأرادت أن تثبت للعالم أنها لم تستخدم أسلحة كيميائية في هذا الحادث، لكانت أوقفت هجماتها على المنطقة ومنحت الأمم المتحدة وصولا فوريا إليها قبل 5 أيام”، معتبرا أن الموافقة “جاءت متأخرة إلى درجة لا يمكن تصديقها”.

وكان مسؤول أميركي آخر أشار في وقت سابق إلى أن استخدام قوات النظام السوري أسلحة كيميائية “شبه مؤكد”.

وتحدث هولاند عن “مجموعة من الأدلة” تفيد أن الهجوم الذي وقع في 21 أغسطس في ريف دمشق كان “ذا طبيعة كيميائية”، وأن “كل شيء يقود إلى الاعتقاد” أن النظام السوري “مسؤول” عنه.

وعاد هولاند مساء الأحد ليؤكد بعد اتصاله بنظيره الأميركي أن “كل المعلومات تتقاطع للتأكيد أن نظام دمشق قام بشن هجوم كيميائي في 21 أغسطس”، كما أعلن بيان الإليزيه أن “الرئيسين توافقا على البقاء على اتصال وثيق للرد في شكل مشترك على هذا الاعتداء غير المسبوق”.

وفي السياق نفسه، وبعد أن اعتبر أن استخدام النظام السوري للسلاح الكميائي بات أمرا “مؤكدا وكذلك مسؤوليته”، أضاف: “عندما يتم التحقق فعليا من الوقائع بشكل ملموس وأكيد، سيكون هناك بالضرورة رد قوي”.

مكوكية دبلوماسية

وشهدت الساعات الماضية حركة دبلوماسية ناشطة تناولت كيفية التعامل مع المسالة.

وأعلن عن اتصال تم الخميس بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره السوري وليد المعلم، وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن كيري أبلغ المعلم أنه “لو لم يكن لدى النظام السوري شيء يخفيه كما يزعم لكان عليه أن يسمح بوصول فوري وبلا عراقيل إلى موقع” الهجوم الكيميائي المفترض لمحققي الأمم المتحدة.

كما أعلن البيت الأبيض أن أوباما ورئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون تباحثا السبت هاتفيا في “الردود المحتملة” على الاستخدام المفترض من جانب النظام السوري للسلاح الكيميائي.

وقالت رئاسة الوزراء البريطانية إن “استخداما كبيرا للأسلحة الكيميائية يستحق ردا جادا من المجتمع الدولي”.

وصرح وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل الأحد أن القوات الأميركية مستعدة للتحرك ضد النظام السوري، مشيرا إلى أن واشنطن ما زالت تقيم خياراتها، وإلى أن أوباما “طلب من وزارة الدفاع إعداد خيارات لكل الحالات”.

روسيا تحذر

في المقابل، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش “من يتحدثون عن إمكان شن عملية عسكرية في سوريا عبر محاولتهم مسبقا فرض نتائج التحقيق على خبراء الأمم المتحدة، إلى التحلي بالعقلانية وعدم ارتكاب خطأ مأسوي”.

كما حذرت موسكو من تكرار “مغامرة العراق”، ودعت من جهة ثانية المعارضة السورية إلى السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالتحقيق في المزاعم حول استخدام أسلحة كيميائية في ريف دمشق “في شكل آمن تماما”، وعدم ممارسة “استفزازات مسلحة ضدها على غرار ما حصل مع بعثة مراقبي الأمم المتحدة في الصيف الماضي”.

وحذرت إيران، حليفة النظام الأخرى، الأحد من “تداعيات شديدة على البيت الأبيض”، إذا تجاوزت واشنطن “الخط الأحمر” في سوريا.

ودعت جامعة الدول العربية إلى عقد “اجتماع عاجل” على مستوى المندوبين لمجلس الجامعة الثلاثاء في القاهرة، بهدف بحث “ما تداولته وسائل الإعلام حول الجريمة المروعة التي وقعت في منطقة الغوطة الشرقية بدمشق وأودت بحياة مئات الضحايا الأبرياء جراء استخدام السلاح الكيماوي”.

واتهمت المعارضة السورية النظام بشن هجوم كيماوي الأربعاء على مناطق في الغوطة الشرقية وجنوب غرب دمشق أسفر عن مقتل 1300 شخص، وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان 322 قتيلا أسماؤهم موثقة.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن 355 شخصا توفوا من أصل 3600 نقلوا إلى المشافي في ريف دمشق بعدما ظهرت عليهم “عوارض تسمم عصبي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى