أهالي الموصل: الجوع يخيفنا أكثر من الصواريخ

تزامناً مع انطلاق معركة تحرير الساحل الأيمن أو الغربي من مدينة الموصل، يعيش أكثر من 750 ألف مدني حالة من الجوع والعطش لم يسبق أن مرّت بها المدينة، التي يخضع شطرها الغربي لقبضة تنظيم الدولة.
يأتي هذا في وقت يبدو أن معركة تحرير هذا الجانب من المدينة تقترب؛ عقب سيطرة القوات العراقية على الجانب الأيسر من المدينة بعد أكثر من 3 أشهر من القتال، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الأحد، انطلاق العمليات العسكرية لاستعادة غرب الموصل من تنظيم داعش، على ما جاء في بيان أصدره مكتبه الإعلامي.
تقول “نيويورك تايمز”، إن الآلاف من المدنيين يعانون ظروفاً بائسة، في وقت يتعرّضون إلى عمليات انتقام من مقاتلي التنظيم، الذين اعتقلوا العديد من الأهالي بتهمة التعاون مع القوات العراقية، كما أنه أعدم العشرات منهم.
الغذاء والماء والوقود ووقود الطهي والتدفئة، كلها غير موجودة، وإن وجدت فإنها تباع بأسعار باهظة في الأحياء المزدحمة بالسكان.
سكّان الجانب الأيمن من الموصل تحدثوا عن بدء تنظيم الدولة عملية تخزين للغذاء والإمدادات الحيوية، بالإضافة إلى فرض التنظيم تقييداً كبيراً على حركة المدنيين؛ تحسّباً لبدء الهجوم على المدينة، الأمر الذي أفرغ شوارع المدينة من سكانها.
أبو مروان، موظف حكومي، قال للصحيفة في اتصال هاتفي، إن الأهالي ما عادوا يخشون الصواريخ أو القنابل بقدر خشيتهم من الموت جوعاً، “أي شخص في الموصل يملك كيساً من الدقيق أو الأرز يعتبر غنياً”.
سكان الموصل يتحدثون عن بعض تصرفات مقاتلي التنظيم، ومنها اعتقال أي شخص يستخدم الهاتف المحمول، فقد يتعرّض للضرب، أو حتى القتل على يد مقاتلي التنظيم.
أبو صلاح، الذي يعيش في حي باب الطوب، في الجانب الأيمن من الموصل، قال إن التنظيم جنَّد ثلاث عوائل للتجسّس على أهالي المنطقة “مقابل الغذاء”.
وأضاف: “إنهم يقايضون الطعام بالمعلومات، العوائل الفقيرة التي لا تملك شيئاً تقبل بهذا العرض. الجوع يجعلهم يتخلّون حتى عن مبادئهم”.
الأمم المتحدة قالت، السبت، إن ما بين 750 – 800 ألف مدني من سكان غرب الموصل يعيشون تحت وطأة التعذيب والجوع، الأمر الذي خلق أزمة إنسانية حتى قبل انطلاق المعارك في الساحل الأيمن من الموصل.
ليز غر آندي، منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، توقّعت أنه مع انطلاق معركة الجانب الأيمن من الموصل سيفرّ ما بين 250 – 400 ألف مدني، مبيّنة أن الأمم المتحدة بدأت بعملية بناء مخيّم جنوب الموصل، وتجهيزه استعداداً لعملية اندفاع النازحين المتوقّعة مع انطلاق معركة تحرير الجانب الأيمن من المدينة.
وأضافت: “عشرات الآلاف من المدنيين قد هربوا، أو سيضطرّون للهرب من المدينة، بينما تشير التقديرات إلى وجود مئات الآلاف من المدنيين محاصرين منذ أسابيع أو ربما أشهر. الناس في ورطة والآباء يكافحون من أجل إبقاء أبنائهم أحياء”.
توقّفت الإمدادات التجارية للموصل منذ أكثر من ثلاثة أشهر؛ عقب قطع الطريق الرئيس الذي كان يربط المدينة بسوريا، وبات الحصول على غاز الطهي أمراً نادراً، الأمر الذي اضطرّ العوائل في الموصل إلى الاستعانة بالأشجار، وحتى القمامة، للتدفئة والطهي.
أم عائشة، أرملة ولديها ثلاثة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 10 سنوات، قالت إن أطفالها أصابهم الشحوب، وتحوّل لونهم إلى الأصفر، بعد أن عجزت عن توفير لقمة غذاء لهم.
سالي هايدوك، ممثّلة برنامج الأغذية العالمي في العراق، قالت إن أسعار المواد الغذائية غرب الموصل تضاعفت بالقياس إلى أسعارها في الجانب الشرقي من المدينة، “نحن قلقون للغاية. العديد من الأسر لا تملك ما يكفيها من الغذاء”.
سعر كيلو الطحين في حي باب الطوب بالموصل وصل إلى 130 دولاراً، بحسب أحد سكان المدينة الذين تحدثوا للصحيفة الأمريكية عبر الهاتف.
مسؤولون عسكريون أمريكيون قالوا إن القوات العراقية هي من ستبدأ الهجوم على غرب الموصل، إلا أنهم أكّدوا أن تلك القوات ستعتمد بالدرجة الأولى على قوة النيران والخبرات الأمريكية.
أكثر من 450 مستشاراً أمريكياً يساعدون القوات العراقية في معركة الموصل، بالإضافة إلى الضربات الجوية الأمريكية التي تساند القوات العراقية في تقدّمها.
تقديرات القوات الأمريكية تشير إلى أن عدد مقاتلي التنظيم في الجانب الأيمن من الموصل يتراوح بين 2000 إلى 3000 مقاتل، بعد تحرير الجانب الأيسر من الموصل.