مصر.. حرب ضد “الإرهاب”
دخلت الحرب ضد “الإرهاب” في مصر منعطفا جديدا مع التصعيد النوعي والكمي، للعمليات التي تقوم بها الجماعات المسلحة المتشددة التي كان أكثرها وقعا إعلاميا اسقاط مروحية عسكرية، وتفجير أمام مبنى أمني بالقاهرة بالتزامن مع حلول الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير.
فقد قتل 3 جنود الأحد عندما هاجم مسلحون مجهولون حافلة عسكرية تقل مجندين في شبه جزيرة سيناء.
وشهدت القاهرة سلسلة تفجيرات الجمعة، استهدف أعنفها مديرية أمن العاصمة، وقتل خلاله 5 أشخاص وأصيب العشرات.
إسقاط مروحية
كما أعلنت جماعة “أنصار بيت المقدس” في بيان مسؤوليتها عن إسقاط مروحية للجيش في شمال سيناء بصاروخ أرض جو، مما أدى إلى مقتل أفراد طاقمها الخمس، السبت.
وتبنت الجماعة، التي تتبع نهج القاعدة، في البيان نفسه هجمات استهدفت معسكر للجيش بمنطقة الزهور بالشيخ زويد.
وخارج البلاد، أعلنت وزارة الخارجية الليبية السبت، اختطاف 4 من موظفي السفارة المصرية في طرابلس بينهم الملحق الثقافي، صبيحة قيام مسلحين مجهولين بخطف الملحق الإداري المصري.
وقالت ميليشيا تطلق على نفسها اسم “غرفة عمليات ثوار ليبيا”، الجمعة، إن زعيمها شعبان هدية اعتقل في مصر حيث كان مسافرا مع أسرته للعلاج.
ونفى عادل الغرياني أحد زعماء الميليشيا خطف جماعته لدبلوماسي مصري، لكنه دعا السلطات المصرية إلى الإفراج عن شعبان وحذرها من رد قوي إن لم تستجب.
لكن على الرغم من تزايد وتيرة وقوة هذه العمليات، فإن خبراء أمنيين ومحللين سياسيين لا يرون فيها “إخفاقا” للأجهزة الأمنية والعسكرية المصرية، بل “دليلا على نجاح الحرب على الإرهاب” وبداية اندحاره.
وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نور الدين ، إن ” الجماعات المسلحة استغلت الفترة التي تلت ثورة 25 يناير والفراغ الأمني وسقوط نظام معمر القذافي في ليبيا، لجلب كم هائل ومتطور من الأسلحة إلى مصر مثل صواريخ الدفاع الجوي وقذائف أر بي جي”.
وقلل نور الدين من أهمية اسقاط المروحية، مؤكدا أن الحادث “ليس بالقوة التي يبدو عليها، إذ أنها مروحية نقل جنودا وتكون ثقيلة ومناورتها بطيئة ويسهل استهدافها” على حد تعبيره.
وأضاف: “أما التفجيرات في الداخل، فمعظمها عبوات بدائية الصنع مكونة من خامات يسهل الحصول عليها وخطوات صنعها متوفرة على الإنترنت”.
استمرار التصعيد
وتوقع اللواء أن “يستمر تصعيد العمليات لما بعد 12 فبراير وأن يمتد حتى 30 يونيو”، الذكرى الأولى للتظاهرات الحاشدة التي طالبت برحيل الرئيس السابق محمد مرسي وتم عزله على إثرها.
وتابع: “متوقع حتى يوم 12 فبراير، اليوم التالي لذكرى تنحي (الرئيس الأسبق حسني) مبارك الذي توعد الإخوان المسلمون بأن يكون يوم استعادتهم للسلطة، أن يستمر تصعيد العمليات خاصة في القاهرة ومحاولات الزحف عليها وإشعالها بالعبوات البدائية التي توضع في مترو الأنفاق وعلى جوانب الطرقات”.
“سيكون هناك تصعيد مع كل استحقاق سياسي جديد كالانتخابات الرئاسية، وسيبلغ ذروته عند الانتخابات البرلمانية “، حسب نور الدين.
ويرى مساعد وزير الداخلية الأسبق أن “ليبيا أصبحت أخطر حاليا من السودان من حيث تهريب السلاح والإرهابيين إلى مصر”.
واتهم “قطر وتركيا بمساندة هذه الجماعات، ليس فقط بالصفة المادية بل المخابراتية أيضا بإمدادهم بالمعلومات رغبة في إضعاف مصر”.
ووافقه الرأي المحلل السياسي نبيل عبدالفتاح، الذي يرى أن “هذه العمليات تشير إلى أن الجماعات المسلحة تريد نقل نشاطها إلى القاهرة، بدلا من شبه جزيرة سيناء حيث كثفت القوات المسلحة حربها ضد الإرهاب”.
وقال إن الهدف منها “ترويع المواطنين ومحاولة زعزعة ثقتهم في الجيش والأمن، وإعطاء انطباع لدى أوروبا والولايات المتحدة أن هناك انقساما حادا في مصر، ولكن نزول الشعب إلى الشوارع أمس (السبت) يفرغ هذه العمليات من محتواها”.
سلاح القذافي
وأضاف عبد الفتاح أن “السلاح ازداد في مصر بعد انهيار نظام القذافي، وأصبحت ليبيا سوقا أساسيا للسلاح للجماعات المسلحة، خاصة بعد تفكيك قوات للقذافي، فدخلت أسلحة متطورة”.
ويرى أيضا أن “تركيا وقطر تمثلان حاضنا إقليميا لهذه الجماعات”.
لكنه يعتقد في قدرة الأجهزة الأمنية على التصدي لهذه الجماعات، مؤكدا “أن الفترة المقبلة ستشهد اختراقات للجماعات المسلحة”.