اقتصاد

المخاطر السياسية في منطقة اليورو يربك الأسواق

قال التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني عن أسواق النقد إن الأسبوع بدأ مع نتيجة الاستفتاء الإيطالي التي جاءت عكس غالبية التوقعات. وأشار البنك المركزي الأوروبي إلى هذا الإرباك بإعلانه عن خفض قدره 20 مليار يورو في برنامجه لشراء الأصول، ليصل إلى 60 مليار يورو شهريا بدءا من أبريل 2017، ولكنه مدّد البرنامج حتى ديسمبر 2017. وأدرك السوق أن هذه طريقة ذكية لتقليص البرنامج، خاصة أن البنك أوضح أنه قد يرفع قيمة الشراءات في أي وقت تجاوبا مع الأحداث. وأضاف التقرير: كان المؤتمر الصحافي لرئيس البنك، ماريو دراغي، حمائميا لدرجة أن اليورو بقي قريبا من أدنى مستوياته لهذه السنة. وقال دراغي إن التوقعات الاقتصادية لموظفي البنك الخاصة بمعدل التضخم في منطقة اليورو الذي سيبلغ %1.7 في 2019 «لم تكن بالفعل» قريبة من النسبة المستهدفة التي تبلغ أقل بقليل من %2.
وخلال الأسبوع، قال ثلاثة من أعضاء مجلس الاحتياط الفدرالي؛ رئيس مجلس نيويورك ويليام دادلي، ورئيس مجلس شيكاغو شارلز إيفانز، ورئيس مجلس سانت لويس جيمس بولارد، في أوقات متفرقة، إنهم قريبون من تحقيق المعدل المستهدف للتوظيف الكامل والتضخم، الأمر الذي، بدوره، لا يدع مجالا للشك بشأن ما سيتمخض عنه الاجتماع القادم للجنة الفدرالية للسوق المفتوح. وقال دادلي إن انتخاب دونالد ترامب قد خلق عدم يقين كبير حيال السياسات التي سيتبعها. وبالنتيجة، فإنه من المبكر جدا للمجلس الفدرالي أن يحكم ما إذا كانت خطته للرفع التدريجي لأسعار الفائدة بحاجة للتعديل.
وتتجه الأنظار كلها في الأسبوع القادم نحو مجلس الاحتياط الفدرالي يوم الأربعاء. وأظهرت أسعار العقود الآجلة للأموال الفدرالية احتمالا نسبته %97 لرفع أسعار الفائدة في نهاية هذا الأسبوع. وإضافة لذلك، تحتسب الأسواق احتمالا يربو على %50 لرفع آخر لأسعار الفائدة مع حلول يونيو 2017. ولكن هذا الاحتمال قد يتغير استجابة للسياسات التي سيعتمدها دونالد ترامب حين يتسلم مقاليد الرئاسة في السنة القادمة.
وأشار التقرير الى ان الخطر السياسي في أوروبا يستمر في الارتفاع مع رفض الإيطاليين الواسع للحاجة الى إصلاحات دستورية. ونتيجة لذلك، استقال رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، عقب الهزيمة. ويمكن لرفض الإيطاليين أن يهدد نظام البلاد البنكي غير المستقر. وقد رفض حوالي %60 من الإيطاليين الإصلاحات الدستورية التي اقترحها رينزي، وعلى الرئيس الإيطالي الآن أن يحدد الخطوة التالية. وقد يشكل حكومة من البرلمان الحالي أو يدعو لانتخابات عامة. وكانت حركة خمس نجوم الشعبية قد طالبت بانتخابات سريعة، وأظهرت استطلاعات الرأي أنها ستربحها، وتستمر بالتعهد بالقيام باستفتاء حول عضوية إيطاليا في الاتحاد الأوروبي. وإضافة الى ذلك، نظرت الأسواق المالية إلى نتيجة الاستفتاء على أنها تهديد سلبي كبير للاتحاد الأوروبي، مسببة المزيد من عدم اليقين للقطاع البنكي. وبالفعل، فإن الضحية الأولى التي تم الكشف عنها هذا الأسبوع هي أقدم بنك في إيطاليا، الذي يتهاوى بعد أن رفض البنك المركزي الأوروبي طلبه، بمنحه المزيد من الوقت لزيادة رأس المال.
وبعد أن صوتت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب دونالد ترامب رئيسا لأميركا، والآن رفض إيطاليا إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، تستمر الحساسية الكبيرة في الساحة السياسية العالمية، في وقت يستعد فيه المجلس الفدرالي لرفع أسعار الفائدة في الأسبوع المقبل.
وعلى صعيد العملات، ارتفع اليورو بداية عقب البيان الصحافي للبنك المركزي الأوروبي، مع اعتقاد المستثمرين بأن البنك يقلص برنامجه للتسهيل الكمي. ولكن سرعان ما أدركت الأسواق أن النتيجة الصافية لقرارات البنك كانت سلبية بالنسبة لليورو، بما أن تمديد برنامج التسهيل حتى ديسمبر هو أكثر من تمديد الستة أشهر، الذي توقعته الأسواق. وسرعان ما أدى ذلك إلى خفض اليورو مقابل معظم العملات الرئيسة. ولا حاجة الى القول إن الاتحاد مرتبط بشكل وثيق بسلسلة من الأحداث السياسية في أوروبا في 2017. وقد تتيح الانتخابات في هولندا وألمانيا وفرنسا الفرصة للمشاعر الشعبية التي تجتاح أوروبا بتقوية وجودها في الساحة السياسية.
وبدأ اليورو الأسبوع عند 1.0672 مقابل الدولار وتمكن من بلوغ أعلى مستوى له عند 1.0872 لفترة قصيرة، لينهي الأسبوع عند أدنى مستويات 1.0565.
وبدأ الجنيه الإسترليني الأسبوع عند 1.2725 وبلغ أدنى مستوى له عند 1.2545 مقابل الدولار، ولكنه ارتفع مع الآمال بأن تلجأ الحكومة البريطانية إلى خروج سهل تدفع فيه لقاء البقاء في السوق الموحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتمكن الجنيه من إنهاء الأسبوع عند 1.2578.
وفي آسيا، تمكن الين من بلوغ أعلى مستوى له عند 115.40 على خلفية التكهنات بأن الاقتصاد الياباني يواجه ضغطا من خطة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بسحب أميركا من أي اتفاقية تجارية متعددة الأطراف، وعلى خلفية احتمال تنفيذ السياسات الحمائية. ورغم أن التوقعات برفع ترامب للإنفاق المالي وزيادة النمو الأميركي كان ينظر لها على أنها مفيدة لليابان، فإن القلق حيال السياسة التجارية للإدارة القادمة أبرز اعتماد ثالث أكبر اقتصاد في العالم على الصادرات. وأنهى الين الأسبوع عند 115.40.

العجز التجاري يزداد
سجّل العجز التجاري الأميركي في أكتوبر أكبر زيادة له منذ أكثر من سنة ونصف السنة مع تراجع صادرات فول الصويا وغيره من المنتجات، ما يشير إلى أن التجارة ستشكّل عبئا على النمو في الربع الأخير. فقد ازداد العجز التجاري من 36.2 مليار دولار في سبتمبر إلى 42.6 مليار دولار في أكتوبر. وساهم أيضا ارتفاع الواردات الناتج عن ارتفاع الطلب المحلي في هذه الزيادة. وبعد تعديل باحتساب التضخم، يكون العجز قد ارتفع من 54.2 مليار دولار في سبتمبر إلى 60.3 مليار دولار.
لم يتغير عدد الوظائف الجديدة كثيرا بعد أن تراجع من 5.6 إلى 5.5 ملايين في آخر يوم عمل في أكتوبر. وكان معدل الوظائف الجديدة %3.7 في أكتوبر. ولكن طلبات البطالة سجلت 258.000، أي تراجعت بمقدار 10.000 بعد تعديل رقم الأسبوع السابق. وسجّل المعدل المتحرك لأربعة أسابيع 252.500، أي ارتفع بمقدار 1.000 عن معدل الأسبوع السابق قبل التعديل والبالغ 251.500. ويسجّل ذلك الأسبوع 92 على التوالي من الطلبات الأولية دون 300.000، وهي الفترة الممتدة الأطول منذ 1970.

أوروبا والمملكة المتحدة
قال البنك المركزي الأوروبي في بيان صحافي، إن مجلسه الحاكم قرر إبقاء أسعار الفائدة على حالها، تماشيا مع التوقعات. وقرر المجلس أيضا أن يبقي برنامجه لشراء الأصول عند الوتيرة الشهرية الحالية البالغة 80 مليار يورو حتى نهاية مارس 2017. ولكن البرنامج سيقلص إلى 60 مليار يورو بدءا من أبريل 2017، وستمدّد فترة العمل به حتى ديسمبر 2017. ولم يستبعد البيان الصحافي احتمال إجراء المزيد من التمديد لفترة عمل البرنامج. وسيضيف التمديد ما مجموعه 540 مليار يورو إلى تحفيزه الحالي البالغ 1.7 مليار يورو، ما يضاعف حجم البرنامج مقارنة بما أعلنه البنك بداية في يناير 2015. وبزيادته شراءات السندات مع تقليص الوتيرة الشهرية، قد يكون البنك المركزي الأوروبي يحاول أن يحافظ على تحفيزه النقدي الاستثنائي مع حجب المخاطر السياسية للرؤية المستقبلية لانتعاش منطقة اليورو.

تحسن غير متوقع لقطاع الخدمات البريطاني
قال تقرير البنك الوطني إن نشاط قطاع الخدمات البريطاني أظهر تحسنا غير متوقع وفاجأ الأسواق بارتفاعه في نوفمبر. فقد تسارعت وتيرة توسع مؤشر مديري الشراء للخدمات من 54.5 في أكتوبر إلى 55.2 في نوفمبر. وكان هذا الانتعاش هو الأكبر منذ عشرة اشهر، ويبرز القوة الكامنة في الاقتصاد في وقت يتسم بعدم يقين سياسي كبير. ومن المؤكد أن الاقتصاد قد صمد بشكل أفضل من المتوقع بعد نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتستمر البيانات البريطانية بمفاجأة الأسواق بارتفاعها، ولم تشكّل قراءة مؤشر مديري الشراء للخدمات استثناء، إذ انها أشارت إلى ربع جيد آخر وإلى نهاية قوية لهذه السنة في قطاع الخدمات المهم. ويمكن أن يعزى ذلك جزئيا إلى أن بريطانيا لم تفعّل المادة 50، ما يعني أن لا شيء تغير حتى الآن، فيما رفع تراجع الجنيه من تنافسية بريطانيا دوليا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى