إقليمي وعالمي

سوريا.. عثرات في وجه المساعدات

بين تعهدات الدول المانحة بتقديم ملايين الدولارات، وبين توزيعها في سوريا، هناك عدة أسباب تعوق وصول جزء من المساعدات إلى مستحقيها، منها عوامل بيروقراطية وأخرى عسكرية.

وتمنع ضراوة القتال أحيانا دخول الإغاثة إلى المناطق المنكوبة، في أكثر الأوقات حاجة إليها.

وتقول تمارا الرفاعي، مديرة برنامج المناصرة والاتصالات للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة “هيومان رايتس واتش”، إنه “في كل المؤتمرات تقدم الدول تعهدات بمبالغ معينة، أي أنها لا توقع على شيك أو تسلم مبالغ عينية، وما يحدث بعد ذلك هو أن المبالغ لا تدفع بالكامل، فإما يتأخر دفعها أو يتم تناسيها”.

وتضيف : “الأمر يتعلق أيضا بخطوات بيروقراطية، حيث تمر المبالغ المدفوعة على آلية مالية لتحديد أوجه إنفاقها، وكثيرا – خاصة في المنظمات الكبرى – تكون هذه الآلية غاية في البيروقراطية والبطء، فيرى المانحون مثلا أن هناك قصورا في استغلال المنح فيقومون بحجز المبالغ المتبقية”.

وتؤكد الرفاعي أنه “يجب على المانحين أن يضغطوا حتى يتم تجاوز الخطوات البيروقراطية التي تعرقل وصول المساعدات، كما يجب عليهم أيضا الضغط من أجل أن ترفع الحكومة السورية القيود التي تضعها على مرور المساعدات بحيث تسمح بأن تصل إلى مستحقيها في المناطق المنكوبة”.

وأشارت إلى أنه “على عكس المنظمات الكبرى فإن المنظمات غير الحكومية مثلا لا تتقيد بهذه المحظورات وتتخطاها، فيقوم عاملو الإغاثة بها بالمرور عبر الحدود رغم الموانع والمخاطر، ويقومون بتوصيل المساعدات إلى المناطق المنكوبة، وبالتالي يجب أن يوجه أيضا جزء من هذه المساعدات إلى هذه المنظمات الصغيرة”.

وقالت مصادر إن قيمة المساعدات التي وعدت الدول المشاركة في مؤتمر المانحين لسوريا بالكويت الأربعاء تجاوزت ملياري دولار.

وذكرت بعض المصادر أن الأمم المتحدة تسعى إلى جمع نصف المبلغ الذي أعلنت عنه وهو 6.5 مليارات دولار، في الوقت الذي دعت فيه المنظمات الدولية المشاركين إلى مضاعفة المساعدات والضغط على طرفي النزاع في سوريا للسماح بوصولها إلى المناطق المحاصرة، مشيرة إلى أن أكثر من 10 ملايين سوري في الداخل يحتاجون مساعدات عاجلة.

وانتقدت بعض المنظمات الدولية عددا من الدول قالت إنها لم تف بوعود السنة الماضية، أو إنها قدمت مساعدات بسيطة مقارنة مع ناتجها المحلي، كما هو الحال بالنسبة لروسيا.

وقال مصدر طلب عدم ذكر اسمه إن “الدول المانحة لديها بالطبع أيضا شكوك حول حجم المبالغ التي تهدر، وتلك التي تنفق على النفقات الوسيطة كالرواتب والمواصلات”.

من جانبها تؤكد المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عبير عطيفة، أن “المساعدات تصل إلى مستحقيها وكل مبلغ يصل من المانحين يتم إنفاقه على توصيل الإغاثة”.

“وجود مناطق يصعب الوصول إليها لا يعني أن المساعدات تهدر، ولا ينفي وجود الملايين من الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة مثل النازحين”.

وتضيف: “نحن في برنامج الغذاء العالمي لا نستسلم أمام المنع ونكرر المحاولة. فهناك أماكن في حمص مثل الوعر والرسام يعتبر الوصول إليها في منتهى الصعوبة، لكننا نستمر في المحاولة حتى نصل إليهم من وقت إلى آخر”.

“لكني أؤكد أن كل مبلغ يتم تقديمه أو يجمع من المجتمع الدولي يصل إلى مستحقيه”.

وقالت عطيفة إن خطة البرنامج في 2014 هي “الوصول إلى 7 مليون لاجئ، منهم 4.25 مليون في سوريا والباقي في دول الجوار”.

واشارت إلى أن “حجم عمليات برنامج الغذاء العالمي سيزيد في 2014 عن 2 مليار دولار، بينما يكلف الأسبوع الواحد 40 مليون دولار لتوصيل الغذاء إلى من يحتاجونه”.

وقالت مديرة برنامج المناصرة العالمية في هيومن رايتس ووتش، بيغي هيكس، في بيان نشر الأربعاء: “نحن بأمس الحاجة إلى تمويل إضافي يغطي المساعدات الإنسانية لسوريا. لكن على الدول المانحة أن تتذكر أن التكلفة البشرية لهذه الأزمة تزايدت بمعدل فلكي بفعل السياسة السورية المتمثلة في تعمد عرقلة المساعدات”.

واشار البيان إلى أنه “بينما سمحت سوريا بنقل بعض المساعدات عبر الحدود من بلدان العراق والأردن ولبنان، فإنها تشددت في رفض السماح بدخول المساعدات من تركيا لبلوغ المحتاجين في شمال سوريا. وتصر السلطات السورية على ضرورة نقل المساعدات، بدلا من الطريق المباشر، عن طريق رحلات ملتوية تطول مسافاتها بمقدار قد يبلغ أربعة أضعاف وتشمل العشرات من نقاط التفتيش”.

“كما لم تبد السلطات السورية استعدادا للسماح بالوصول إلى المناطق المحاصرة أو بمغادرة المدنيين لبلدات يعلق بداخلها ما يقدر بـ288 ألف شخص، مع مساعدات قليلة أو منعدمة”، حسب البيان.

وأشارت المنظمة إلى أنه في 5 يناير، “أفاد المرصد الفلسطيني لحقوق الإنسان بسوريا بوفاة 28 شخصا في مخيم اليرموك، بما في ذلك جراء سوء التغذية والعجز عن الوصول إلى العلاج”، بسبب الحصار الذي تفرضه الحكومة على المنطقة، الواقعة على بعد 10 كيلومترات فقط إلى الجنوب من وسط دمشق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى