قلم الإرادة

لسانك حصانك إن صنته صانك

لماذا قيل هذا المثل؟
وما المقصود منه؟
لسان الإنسان نعلم أنه ليس له عظام ولكن من العجيب أنه يكسر بعض القلوب ونعلم أنه ليس له علاقة بالعلاج فمن الإعجاب أنه يجبر بعض القلوب ونعلم أنه لا يوجد فيه سلاح فمن الغريب أنه يقتل بعض القلوب ونعلم كذلك أنه لا يوجد به بصيرة فعجبنا كيف ينير الله فيه الدروب.
ففي قول رسولنا الكريم أحاديث كثيرة عن أنه يجب على الإنسان حفظه لسانه بقوله صلى الله عليه وسلم

“من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه، ومن حفظ لسانه ستر الله عليه عورته”

وقوله كذلك مرفوعاً عنه:

”المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”

و”من حسن إسلام المرء ترْكه ما لا يعنيه إلى ما يعنيه”

و”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت”
المقصود منه هو كلام الناس عن بعضهم البعض أو الحديث عن شيء لايحب أحدا ذكره سواء كان بخبر أو بفعل فهذا يدعو إلى حفظ اللسان عن لغو الحديث

فعلى كل إنسان ألا يتكلم بأي كلام فارغ قد يوقع به بين الناس دون قصد وقد يفقد الإنسان وقاره وهيبته
أو قد يفشي به سره أو أسرار الآخرين.

ويعتبر من الحكمة التي يدعونا إليها هذا المثل
أنه يشبه اللسان كالحصان ينطلق بلا توقف إذا لم يكن هناك عليه فارس يجيد الفروسية.

وكما أنه مأخوذ من القرآن الكريم
من آيات قرآنية هي:

بقول الله تعالى:
{ ما يَلفظُ مِنْ قَولٍ إلاَّ لَدَيهِ رَقيبٌ عَتيدٌ”}
فيقول الشوكاني رحمه الله في تفسيره لهذه الآية
وهي قول الحق سبحانه:

{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

أي ما يتكلم من كلام فيلفظه ويرميه من فيه إلا لديه، أي ذلك اللافظ ، رقيب ، أي ملك يرقب قوله ويكتبه ،والرقيب الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله من خير وشر، فكاتب الخير هو ملك اليمين وكاتب الشر ملك الشمال

ومن هذا انتهى باب الشرح وبدأ باب النصح

بلسانك ترتقي وبه تنحدر منه إلى الأسفل وبلسانك تُزّف للجنه وبه تُقذف في النار وبلسناك تحترم وبه تهان
وبلسناك ترفع عند الله بحسن خلقك وبه يغضب الله من سوء قولك
فعلم ان بكلمة واحدة فقط تسعد الإنسان طيلت يومه
وأيظن بكلمة واحدة تتسبب في حزنه وكسر قلبه

لذلك تمعن جيدا في كلماتك قبل أن تخرجها أو بالأخص
حاول ان تجربها على نفسك قبل ان تتفوه بها
وبذلك نجد أن حفظ اللسان من فضائل الإنسان وصيانة له ولكرامته
وخيانة اللسان من النقم التي تعرضه للإهانة أمام الناس وتهدر كرامته
اجعل من لسانك بلسما يشفي العليل ويجبر الكسير
واحفظ في حياتك بلسانك و إن صنته صانك.

 

**

 

عبد الله نمر السعيدي – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى