إقليمي وعالمي

العشائر والمالكي.. علاقة معقدة

العلاقة بين الحكومة العراقية والعشائر السنية اخذت منحى متذبذبا في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي المتهم في نظر أبناء العشائر باعتماد سياسة تهميش للسنة، لكن وجود تنظيم القاعدة أدى لتناقضات واضحة في طبيعة العلاقة بين الجانبين.

ففي أحدث صدام بين الجانبين، اندلعت مواجهات مسلحة بين العشائر والجيش العراقي في محافظة الأنبار في الأسبوع الأخير من ديسمبر 2013، على خلفية أوامر من المالكي للجيش بفض اعتصامات مناهضة لسياسات الحكومة في مدينتي الرمادي والفلوجة مما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل وجرح العشرات. 

واعتقلت السلطات النائب أحمد العلواني أحد قادة الاعتصام السبت الماضي، في عملية مسلحة، أسفرت عن إصابته ومقتل شقيقه، ما دفع العشائر في الأنبار للاستنفار، لتتطور الأمور إلى مواجهات مسلحة فيما أعلن 44 نائبا الانسحاب من مجلس النواب احتجاجا على التعامل الأمني مع الاعتصامات.

عدو مشترك

وتمكن مسلحو العشائر من السيطرة على مقرات حكومية وأمنية في المحافظة، لكن دخول مسلحين في تنظيم القاعدة على خط المواجهات، أعاد رسم خريطة المواجهات، حيث اصطفت العشائر ضد مسلحي القاعدة بعد الاتفاق مع الحكومة على عدم دخول قوات الجيش إلى داخل المدن بسبب عدم وجود تأييد في صفوف بعض العشائر لانتشار الجيش.

ويتضح الموقف المتباين في كل من مدينتي الرمادي والفلوجة. ففي الرمادي ينقسم شيوخ العشائر إلى مؤيد ومعارض لاشتراك الجيش في مواجهة مسلحي تنظيم “دولة العراق والشام الإسلامية” التابع للقاعدة لكن الغالبية تؤيد التدخل بسبب خشية السكان من مواجهة غير متكافئة بين الشرطة المحلية والقاعدة مما سيؤثر على الخدمات والبضائع والمواد الغذائية. أما في الفلوجة، فهناك إجماع بين شيوخ العشائر على رفض دخول قوات الجيش.

ويقول زعيم صحوات العراق أحمد أبو ريشة إن القاعدة عدو مشترك للعشائر والجيش العراقي. “ولا يوجد عراقي يدعم القاعدة”، مشيرا إلى أن الخلاف السياسي مع الحكومة لا يتعارض مع ضرورة مواجهة القاعدة.

الصحوات

وللعشائر خبرة ميدانية كبيرة في التصدي للتنظيمات المرتبطة بالقاعدة، عبر ما عرف بجيش الصحوات الذي شكلته العشائر السنية بمباركة أميركية وحكومية في عام 2007.

ولعب تجنيد أفراد العشائر دورا بارزا في إضعاف القاعدة عام 2007 و 2008 ليصل تعداد قوات الصحوات إلى أكثر من 100 ألف مقاتل آنذاك .

وأشرف الجيش الأميركي بقيادة الجنرال ديفيد باتريوس على الصحوات قبل أن يسلم مسؤوليتها للحكومة العراقية عام 2008، والتي وافقت على منح 20% منهم وظائف بالشرطة والجيش، على أن تدفع للبقية مرتبات شهرية مقابل حماية مناطقهم ضد القاعدة. لكن العلاقة أخذت منحى تصادميا بعدما تخلى المالكي عن دعم الصحوات ماديا وقام بحملات لاعتقال قادة سنة بارزين.

ومع تزايد الهجمات المسلحة قال مسؤولو أمن عراقيون إن المالكي يسعى لإحياء مشروع الصحوة، مرة أخرى لقتال القاعدة، التي زادت من قوتها مع تفاقم الأزمة العنيفة في سوريا واندماج جناحي القاعدة في العراق وسوريا تحت لواء تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية.

وكان المالكي قد دعا العشائر الأربعاء إلى مساندة الجيش في حملته ضد القاعدة. لكن يبقى ملف التوتر بين الحكومة والعشائر مفتوحا رغم ذلك، فالعشائر تحتضن المحتجين المستمرين في فعالياتهم الاحتجاجية التي انطلقت تحت عنوان انتفاضة الأنبار منذ عام وطالبت بإنهاء ما يصفونه بتهميش السنة والإفراج عن المعتقلين السياسيين وتوجيه التنمية في مناطقهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى