ما بعد بطولة كأس القارات ؟!
إنتهت بطولة كأس القارات وإنتهت أصداؤها الإعلامية وأحداثها
الإجرامية .. ومع هذا وذاك لا تزال الأصداء “الفنية” متواجدّة
مع إختلاف بين مستوى هذا وذاك ..
إتضحت الصورة الأولية المبدئية لأشكال أساسية ستكون حاضرة
في مونديال البرازيل والذي لم يتبقَ منه الكثيرُ من الأيام التي
ستمضيّ بسرعة ومضة العين ..
سأركزُ على بعض الأجزاء التي ستكون قيد الإصلاح أو التطوير
وبكلتا الحالتين الغرض سيكون إيجابي مهما كان الإنتقاء بين النقطتين أعلاه ..
ولنتحدثْ قليلاً عن نقاط أبرز الفرق المشاركة في البطولة من حيثُ المميزات والمساوئ ..
بدايةً نُسلط الضوء على حامل لقب البطولة للمرة الثالثة على التوالي والرابعة في التاريخ , منتخب السيليساو
الذي بدوره نفض الغبار عن نفسه وظهر بصورة المارد منذ إنطلاقة البطولة وحتى نهايتها ..
نستطيعُ القول بأن التحسن قد “طال” جميع الخطوط بمن فيها الخط الهجومي الذي مرَّ بمرحلة عقم “مزمنة”
لكنها حُلِتْ مع الثلاثي الهجومي لاحقاً ..
إعتماد سكولاري على السرعة والمهارة منح أبناء السامبا “مزيداً” من الحلول وفتح الثغرات في اليمين أو اليسار ..
ويبدو بأن أوراق البرازيل باتت “متنوعة” في جميع الخطوط وهذه سابقة لم تتمتعْ بها البرازيل كثيراً في السنوات
السبع الأخيرة .
أما عن الآتزوري فقد أسعدتني بعض اللمحات الإيطالية وأحزتنني لمحّاتٌ أُخرى لم تكن “بالحسبان” !
فما أعرفه ومنذ سنوات عديدة بأن إيطاليا وإن كانت متراجعة هجومياً فإن خط دفاعها “الحديدي” يكفلُ لها إمكانية العبور
بإستعمال طريقة الهدف “الخطاف” وفي الوقت القاتل جداً ..
لكن هذا لم نرَه أبداً من رجال السيد براندلي الذي لم يُقدمْ لاعبوه شيئاً يُثبت لنا بأن الكاتشيناتو لاتزال بخير ..
فإيطاليا ولضعف خط دفاعها هذا العام تلقت ثمانية أهداف كاملة خلال 300 دقيقة لعب !
لنتجاهلْ مباراة البرازيل ستكون الحصيلة أربعة أهداف كاملة خلال 200 دقيقة وهُنا يظهرُ بأن خط دفاع الآتزوري
ليس في أفضل الأحوال .. بل إن إيطاليا كادت أن تتضرر كثيراً في حال خسرت أو تعادلت مع المنتخب الياباني ..
وفي الدور الثاني ظهرت عملية “معكوسة” فقد بدا هجوم إيطاليا قادراً على تسجيل مجموعة من الأهداف على
بطل القارة الأوروبية “الماتدور الإسباني” لكنه أخفق في هز الشباك .. ورُبما أبرز تلك الفرص السوداء تلك التي ضربت قائم
إيكر كاسياس دون أن يُحرك الأخير ساكناً !
إستنتجت من خلال المباريات الأربعة للأتزوري بأن الإعتماد على بضعة أسماء مقابل إضافات “تشكيلية” للفريق فقط ..
فالإعتماد الأول مبنيِّ على متوسط الميدان أندريا بيرلو ثم دي روسي في المرتبة الثانية وأخيراً على المهاجم ماريو بالوتيلي
أما عن خط الدفاع فيظهر بأن ماجيو أفضلُ حالاً من زملاؤه .. وبطبيعة الحال لا أستطيع رميّ عيوب الدفاع على العنكبوت
جان لويجي بوفون ما دام أن هناك قصوراً في أداء الفريق ككلّ ..
إن تيقنا بأن إيطاليا ستظهرُ بهذه الصورة المُتخلخلة فلن تستطيع إكمال مشوار المونديال طويلاً .. “فلعنة” الإصابات لا تُزال
تُطارد هذه العناصر أعلاه .
بالإنتقال إلى الإرغواي “السيليستي” قد تكون الإرغواي قدمت بطولة “هجومية” جيدة نوعاً ما .. لكنها لم تكنْ كذلك كثيراً
في بقية الخطوط حيثُ بدا واضحاً أن إعتماد الإرغواي على أوراقه الهجومية الجيدة ناهيك عن الخشونة “الطاغية” في لعبه !
فمن الأخطاء التي وقع بها تاباريز واشنطن مُدرب السليستي عدم الإعتماد على طبيعة اللاعبين في اللعب أمام البرازيل
أو أمام إسبانيا وبالتالي تكبدتّ الإرغواي نوعين من الهزائم آخرها تكفل بإنهاء مغامرتها في البطولة.
ختاماً نُسلط الضوء على الأحمر الإسباني .. إسبانيا وكما كان “متوقعاً” قد وصلت لمرحلة التشبع الفنيّ ..
فهذه المرحلة سبق وأن وصلت لها فرنسا .. ألمانيا .. كذلك البرازيل ..
لكن الفرق بين الجميع وبين البرازيل بأن الأخيرة تتشبع وتعود بسرعة لتُشبع تعطشّها للبطولات
فالبرازيل ثابتة والآخرون متحركون ..
إن تحدثنا عن أكبر الأخطاء التي وقع بها فيسنتي دل بوسكي ستكون بإستدعاء إيكر كاسياس في الدرجة الأولى ..
فمركز كاسياس “حساس” جداً والرجُل لم يلعبْ بصورة رسمية لأشهر مع مورينهو .. فكيف لدل بوسكي أن يقع في هذا الخطأ ؟
أما عن خط الدفاع فلا أرى هناك بدائل جيدة في ظل تدهور مستوى جيرارد بيكيه وسرخيو راموس ..
بينما في خط المنتصف ظهرت أهمية المايسترو تشابي ألونسو الذي ودع البطولة مُبكراً “للإصابة”
أما عن مواطنه تشافي هيرنانديز فبدأ وكأنه راؤول غونزاليس جديد ووجه التشبيه ليس فنياً بقدر ما هو لياقيّ !
فالإرهاق بدا واضحاً في لعب متوسط ميدان إسبانيا .. بينما تم “تقليص” مهام أندريس أنيستا الهجومية بمجاورته لتشافي
كمتوسط للميدان .. أما الحلول الهجومية فلازلت أستغرب إستمرار “المتراجع جداً” فيرناندو توريس في هجوم الماتدور ..
كان الأجدر منح الفرصة لمهاجمين أعلى كفاءة من توريس الذي بدأ يفقد موهبته بصورة صارخة إن لم يكن فقدها أصلاً !
ختاماً ..
البرازيل لا يزالُ أمام عامٌ آخر لتنضج أكثر وينسجم لاعبوها بشكل أكبر وأفضل ..
إيطاليا بإمكانها إصلاح الأخطاء لكنها بحاجة إلى البحث عن مدافعيين جيدين في مراكزهم ..
الإرغواي لا أتوقع لها الوصول إلى مراكز متقدمة في البطولة ..
إسبانيا ستحتاجُ إلى إيجاد بدائل لخط الدفاع والوسط إضافةً إلى الحلول الهجومية .
فـهـد الـفـضـلـي – كـاتـب فـي صـحـيـفـة الإرادة الإلـكـتـرونيـة
Twitter: @Fahad_Fenomeno