قلم الإرادة

أريد شعبي حياً!!

   في العام 1938 زار طبيب امرأة إنكليزية كانت تعاني من الانفلونزا, وبعد أن فحصها, صرف لها الدواء المعتاد, وأمرها بألا تغادر الفراش إطلاقاً حتى يعود في الزيارة القادمة. وذهب الطبيب ولم يعد لأنه انتقل إلى منطقة أخرى! وبعد أسابيع تعافت المرأة من الانفلونزا, ولكنها  أصرت ألا تقوم من فراشها حتى يعود طبيبها التي لا تثق بأحدٍ سواه!

 

ومرت الأيام (بل مرت السنون بالأحرى) واستمرت هذه السيدة في ملازمة الفراش في انتظار طبيبها, ورغم مناشدة أهلها والأطباء لها إلا أنها لم تغادر سريرها، وكأنها صارت “بسوسية”  تصيح في وجه من يطالبها بمغادرة السير بعبارة الزير: أريد طبيبي حياً وأمامي !!

 

وبعد أربعين سنة في العام 1978 مات كل أقارب المريضة وتقاعد كل أطبائها، نصحها طبيب شاب يدعى “روي”  بالذهاب إلى دار رعاية المسنين ولكنها رفضت كالعادة مغادرة سريرها, فاضطر الطبيب إلى إبلاغ الصحف الطبية بحالتها, وبعد النشر توافد الأطباء من كل الجزيرة البريطانية لإقناعها بمغادرة السرير حالفين لها برأس “جالينوس” أن “زي البمب” ولا تشكي من شيء. وبعد سبعة شهور اقتنعت المرأة بمغادرة سريرها أخيراً وكم كانت سعادتها كبيرة وهو تخطو خطواتها الأولى بعد أربعين سنة!!

 

كان عمرهذه السيدة عندما رقدت على السرير  35 سنة وصار عمرها عندما غادرته  75 سنة … وبعد ثلاث خارج نطاق سريرها الطبي توفت لترقد إلى الأبد في مثواها الأخير !!

 

لا تستغربوا من حكاية هذة المرأة فأنا أعرف سيدة يقال لها الكويت ترقد على  “دستورها ” الوثير منذ سنوات طويلة؛ لأن طبيبها “الشعب” قال لها: لا تغادريه حتى أعود  لك بالغنائم !! وذهب الشعب ولم يرجع !! وما زالت سيدتنا الكويت تنتظر إلى اليوم وهي تقول: أريد شعبى حياً!!

 

فالح بن حجري ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @bin_7egri

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى