فرنسا تسعى لتجنب فخ “شرطي إفريقيا”
يبدو أن استمرار الانفلات الأمني في شمال مالي وتصاعد دوامة الفوضى في جمهورية إفريقيا الوسطى على الرغم من التدخل العسكري الفرنسي في البلدين، سيدفع قدما في مشروع تشكيل قوة إفريقية لتولي زمام القارة عوضا عن التدخل الخارجي.
فأعمال العنف الدامية في جمهورية إفريقيا الوسطى دفعت زعيم الإليزيه، فرانسوا هولاند، إلى إعادة فرنسا للعب دور الـ”شرطي” في القارة السمراء، وسط مخاوف من تكرار فشل هذه التجربة التي اجبرت فرنسا على الانكفاء عن القارة بعد انتهاء الحرب الباردة.
وبعد أكثر من 3 عقود على إعلان فرنسا فشل تجربة فرض الأمن في مستعمراتها الإفريقية السابقة، وجد الجيش الفرنسي نفسه وللمرة الثالثة في أقل من عامين متورطا في صراعات خلفتها الحقبة الاستعمارية، وذلك بعد تدخله الأخير في إفريقيا الوسط بعد تجربتي ساحل العاج ومالي.
فعلى الرغم من نجاح الجيش الفرنسي في دحر الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال مالي من خلال عملية “سيرفال”، إلا أن القوات المتمركزة في المنطقة لاتزال تواجه مقاومة ناهيك عن خطر إعادة تموضع المتشددين في الساحل الإفريقي.
وفي موازاة اختبار مالي الصعب، اضطر الاشتراكي هولاند أخيرا إلى التدخل في إفريقيا الوسطى تحت مظلة مجلس الأمن الدولي لوقف “المجازر الطائفية” بين المسلمين والمسيحين والتي أسفرت عن 500 قتيل.
وبعد خمسة أيام على بدء هذا التدخل، خسر الجيش الفرنسي عنصرين من صفوفه بعد أن قال إنه ضمن أمن العاصمة بانغي، لكنه بات يواجه “عنفا أكبر” وأعمال نهب وثأر ضد مدنيين مسلمين.
ويعزز استمرار الفوضى مخاوف تيارات أقصى اليمين واليسار الفرنسي المعارضين أصلا لعملية “سانغاريس”، خاصة مع بوادر دخول إفريقيا الوسطى في “دوامة الثأر الخطرة” مع رغبة المسيحيين في الانتقام من مجازر ميليشيا سيليكا.
والملفت، أن هولاند نفسه كان قد ألمح، غداة حصول فرنسا على تأييد الأمم المتحدة للتدخل في إفريقيا الوسط، إلى أن الحسم الخارجي لن يوقف الفوضى في القارة السمراء، وذلك أمام حوالي 40 زعيما إفريقيا حضروا في باريس قمة بحثت الأمن في القارة.
فهولاند اعتبر أن الأزمة في إفريقيا الوسطى التي يبلغ عدد سكانها 4.6 مليون نسمة، أظهرت الحاجة الملحة للمضي قدما في تشكيل “قوة الاستعداد الإفريقية”، ما يشير إلى أن الزعيم الاشتراكي يحاول جاهدا إيجاد “حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية”.