إقليمي وعالمي

ستراتفور: حلب تحت المجهر… المعارك المفصلية

الحروب الدائرة في محافظة حلب ومدينتها، كانت محطّ تحليل معهد ستراتفور الأمريكي حيث من المتوقع أن تلعب تلك الحروب دوراً وازناً في الاتجاه السياسي والعسكري للحرب داخل سوريا.

 

بين الحروب المستمرة في المنطقة، ستكون الحرب الكبرى والأكثر حسماً، تلك التي تدور بين النظام والثوار حول المدينة المقسمة

ففي الأسابيع المقبلة قد تغيّر نتائج الحروب هناك موازين القوى بين الثوّار ومؤيدي النظام، وتغير أيضاً موقع داعش في المنطقة. وسيكون لها أيضاً تأثير على العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بما أنّ لهما أهدافاً متناقضة في حلب.

آمال النظام والثوار
ويرى المعهد في تحليله أن من بين الحروب المستمرة في المنطقة، ستكون الحرب الكبرى والأكثر حسماً، تلك التي تدور بين النظام والثوار حول المدينة المقسمة. ومع محادثات جنيف التي تلوح في الأفق، ستشكل المعركة هناك وضعاً حرجاً للطرفين. دمشق تأمل في تعزيز موقعها وقمع أي حديث حول فترة إنتقالية من خلال تحقيق انتصار عسكري في حلب. وفي نفس الوقت يحارب الثوار من أجل الحفاظ على قضيّتهم، لأنهم في حال خسروها، سيصبح الانتصار العسكري ضد دمشق حلماً صعب المنال، كما سيخضع موقعهم التفاوضي في جنيف الى تسوية قاسية.

سوريا تؤكد وموسكو تنفي
وفقاً لرئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، تخطط موسكو ودمشق لشنّ عملية مشتركة للاستيلاء على المدينة. في المقابل، أنكرت روسيا وجود خطة لعملية من هذا النوع، مقترحة أن الحكومتين السورية والايرانية قد تكونان مسؤولتين عن تنسيق الحملة.

لكن الثوار كانوا متنبهين لمخططات النظام حول شنّ هجمات في المنطقة. وتركز جبهة النصرة وأحرار الشام ووحدات من الجيش الحر بالإضافة الى مقاتلين من فصائل أخرى على الجهة الجنوبية من المحافظة. فالثوار سيطروا على المنطقة الاستراتيجية من تل العيس. لكنّ استعدادات القوات الموالية في المحافظة المدعومة من الطيران العسكري الروسي أحبطت محاولات تقدّم لاحقة من قبل الثوار.

شمالاً … المعارك مختلفة
في النواحي الشمالية من المحافظة، هنالك أنواع مختلفة من الحروب. ويقول ستراتفور أنه على الرغم من أنّ تركيا وأمريكا متفقتان على الحاجة الى إخراج داعش من تلك المنطقة، يبرز اختلاف بشأن القوات المقاتلة التي يجب الاتكال عليها من أجل هذه الغاية. وتهتم أنقرة أساساً بوقف قوات سوريا الديموقراطية التي عبرت نهر الفرات وتتخذ حاليّاً مواقع لها قرب منبج التي يسيطر التنظيم عليها. وتصرّ تركيا على منع تلك القوّات من التقدم باتجاه الغرب كي لا يصبح الأكراد على اتصال مع مدينة عفرين فيسيطروا على كامل الحدود مع تركيا. من جانبها، لم تشجع واشنطن قوات سوريا الديموقراطية على التقدم لتجنب أي صراع بين أنقرة وتلك المجموعة.

التنسيق التركي- الأمريكي
ومع أن التهديد التركي والضغط الأمريكي منعا قوات سوريا الديموقراطية من الزحف أكثر باتجاه منبج، يعلم الأتراك أنهم إن لم يجدوا وسائل أخرى لهزيمة التنظيم، فإنّ معارضتهم وحدها لن تمنع هذه القوّات من التقدّم غرباً. ويلفت ستراتفور إلى أنه في ضوء الأعمال الروسية داخل البلاد، لا تستطيع تركيا احتلال سوريا بنفسها. لكنّها عوضاً عن ذلك، تعتمد على تحالف معظم وحدات الجيش الحر في الحرب ضد داعش قرب منبج. ففي الأشهر القليلة الماضية، حصل الثوار بشكل ثابت على أسلحة وتجهيزات تشير الى دعم أمريكي-تركي مشترك. وأمّن الطيران الأمريكي مهمات دعم جوي قريب ومتزايد للمجموعات، في وقت يدعمهم الأتراك بقصف مدفعي من داخل الحدود التركية.

نجاح مهتز
ومكّنت تلك المساعدات الثوار من التقدم شرقاً وشن هجمات ضد داعش. لكن حتى مع الدعم التركي والأمريكي لتعزيز مواقعهم في أعزاز، يبقى تقدم مقاتلي الجيش الحر في شمال المحافظة غير مستقر. فبعدما حققوا نجاحات جوهرية خلال الأسبوع الأول من أبريل(نيسان)، استطاع التنظيم خلال آخر يومين من القتال ردّهم الى مواقعهم الأساسيّة بعدما استقدم تعزيزات عسكرية الى شمالي المنطقة مدعومة بآليّات مفخخة.

الأكراد يطمئنون تركيا؟
ويشير المعهد إلى أن الصعوبات التي يواجهها الثوار تؤمّن فرصة لقوات سوريا الديموقراطية الموجودة قرب منبج لمتابعة التقدم. ولمحاولة طمأنة الأتراك، أنشأت هذه القوات مجلس منبج العسكري الذي يتألف من وحدة تركمانية وخمس وحدات عربية. ومع أنها مرتبطة بوحدات حماية الشعب الكردية، تصر هذه الفصائل غير الكردية على أنها ستكون رأس حربة في محاربة داعش لكن بدعم محدود من سائر قوات سوريا الديموقراطية. وإذا التزمت بهذا الأمر، فإن هذه الخطة قد تخفف بعضاً من قلق أنقرة تجاه طموحات وحدات حماية الشعب. لكن في جميع الأحوال، ستبقى تركيا مشككة في قوات سوريا الديموقراطية ككل، ويحتمل ألّا تسمح لهذه القوات بأن تتقدم أبعد بكثير من منبج.

السباق الثلاثي
ونتيجة لذلك، سيستمرّ السباق الثلاثي بين قوات سوريا الديموقراطية والثوّار في أعزاز والقوات الحكومية للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي شمال حلب. وفي نفس الوقت، سيبقى داعش يقاتل للحفاظ على خط إمداداته في المنطقة وموقعه الرمزي في قرية دابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى