العرب ومؤخرة “ابن كانوا”!
جرب اقترب واجلس بجانب أي مواطن عربي وابتدئ الحديث عن العروبة وتجادل معه في حال الأمة العربية ستجده يقاطعك حتماً قائلاً: “كنا وكنا وكنا” ولن ينتهي، ويبدو بأن هذه الكلمة من عاداتنا وتقاليدنا الموروثة والتي يجب الحفاظ عليها؛ لأنها القيم التي ترتقي بنا لتوصلنا إلى التقدم!
من الصعب جداً أن تجد مواطناً عربياً يحدثك عن المستقبل بل نادراً وإن حدثك عن ذلك فتش عن مسيرة حياته ستجد أنه عاش فترة من الزمن خارج حدود الوطن العربي وجلب معه المستقبل من الحضارات الأخرى، نحن كعرب لا نريد المستقبل ولا نبحث عنه ولا يهمنا الحاضر، فالحاضر بالنسبة لنا وقت ممتع لا بد أن يمضي بنظرية “براغماتية”، أما الماضي فهو تاريخنا وحضارتنا وتقدمنا حتى بت أشك بأننا بلا تاريخ أو ماضي بنظرية أن من كانوا في الماضي ليس لهم إلا أنفسهم فبماذا سيتحدثون؟ بكل تأكيد سيجدون ما أنجزوه كأوائل شيئاً عظيماً وبهذا ورّثوه لمن بعدهم وما زال من بعدهم يفخر به!
لقد أشغل المواطن العربي نفسه بالمقدمات والمؤخرات، فمقدماته تتحدث عن الماضي ومؤخراته عن “كانوا” متناسياً كلمة نحن وكأنها ليست في قواميسه وإن نطقها همس بها خجولاً بلا ثقة وكأنه مجرم ينتظر القصاص. يجب علينا إن أردنا أن نصل إلى ما وصلت إليه الحضارات والأمم الأخرى أن نضع التاريخ تحت أقدامنا لنعتليه ناظرين إلى المستقبل وأن يكون هذا العمل هو الحاضر، فإن لم نفعل سنبقى هكذا ممزقين ليس لدينا إلا القصص التي مضت، والإنجازات التي انقرضت!
قد يضع البعض اللوم على الحكومات العربية لهذا السوء في النظرة المستقبلية، ولكن الحكومات العربية ليست المسؤولة وحدها عن هذا، فأيضاً المواطن شريك، والإصلاح الحقيقي الجوهري يكون من الذات أولاً ثم الدعوة إليه بعد ذلك؛ لذا أرجو من كل قارئ لهذه الرسالة أن يضع في عين الاعتبار أمته وأن يتذكر أننا ـ الآن ـ نقترب من 400 مليون مواطن عربي وما زلنا في “المؤخرة” ولساننا يهمس كلما سئلنا عن الإنجازات بـ “كانوا”!
محمد العراده
Twitter: @malaradah