مولاه: وضع برنامج إصلاح اقتصادي شامل ضرورة لتكامل القطاعات الاقتصادية بالبلاد
أكد خبير مالي وتجاري ضرورة وضع برنامج إصلاح اقتصادي شامل يعزز التكامل بين القطاعات الاقتصادية في البلاد ويطور قاعدتها المالية بما يساهم في تجنب المخاطر المالية التي قد تتعرض لها الميزانية العامة لاسيما بعد انخفاض أسعار النفط.
وقال الدكتور وليد عبد مولاه: عملية الإصلاح الاقتصادي في البلاد تكمن في البحث عن مصادر بديلة للايرادات النفطية بهدف توسيع قاعدة مصادر الإيرادات العامة والوصول إلى الاستقرار في بنود المالية العامة بعيدا عن تقلبات أسعار النفط.
وأوضح عبد مولاه أن الاقتصاد الكويتي يعتمد بشكل مفرط على الموارد النفطية التي تمثل نحو 90 في المئة من الإيرادات ونحو 90 في المئة من الصادرات مشيرا إلى أن القطاع النفطي يشكل 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ولفت إلى ضرورة مواكبة الميزانية العامة للدولة للتقلبات الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط داعيا إلى اغتنام الفرصة وإحداث إصلاحات اقتصادية ومعالجة الاختلالات في الاقتصاد الوطني بهدف ترشيد الإنفاق وتنويع مصادر الدخل.
وذكر أن ترشيد الإنفاق يجب أن يتضمن أسعار المحروقات وأوجه الدعم الأخرى التي تثقل كاهل الميزانية وترسيخ سلوك استهلاكي رشيد مبينا أن صندوق النقد الدولي أوصى بضرورة جدولة الزيادات في أسعار المحروقات على المدى المتوسط لما لها من آثار تضخمية يمكن أن تضعف النمو الاقتصادي.
وأشار عبد مولاه وهو مستشار في المعهد العربي للتخطيط إلى ضرورة أن تتسم آليات ترشيد الدعم بالشفافية وعدم الإضرار بالمواطن لضمان قبولها مجتمعيا لافتا إلى أن مساهمة القطاع الخاص تبقى دون 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وتصل إلى نسبة 58 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وذكر أن نشاطات القطاع الخاص مركزة في قطاعات الإنشاء والاتصالات والقطاع المالي وتجارة التجزئة وهي قطاعات ليست جاذبة لقوة العمل الكويتية مبينا أن الدولة تنتهج سياسة توظيف قوة العمل الكويتية في القطاعات الحكومية حيث توجد 90 في المئة منها في هذه القطاعات.
وقال إن بقية قوة العمل الكويتية تتوزع في القطاع الخاص رغم كل الحوافز التي تقدمها الدولة من خلال برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة ما جعل الاقتصاد الكويتي يلجأ إلى استيراد العمالة الوافدة تتراوح بين الفاقدة للمهارات في معظمها والمالكة لها في بعض التخصصات.
وأفاد مولاه بأن الاقتصاد الوطني لديه قطاعات واعدة لاسيما القطاعات المصرفية والتجارية والعقارية التي تتمتع بقدرات وخبرات متراكمة سواء في الشركات الحكومية أو القطاع الخاص ومن شأنها دفع عجلة الاقتصاد بشرط توفر خطط تنموية واضحة وبيئة أعمال ملائمة بحيث يتم ضخ الاستثمارات العامة والخاصة بالحجم والكفاءة المطلوبة.
وبين أن من عناصر القوة في الاقتصاد الوطني توافر رؤوس الأموال وسهولة توفر العمالة الماهرة في بعض القطاعات وإمكانية الاعتماد على فضاء اقتصادي وتجاري قوي ممثلا بمجلس التعاون الخليجي الذي يمثل حافزا مهما للاقتصاد الوطني في ظل سياسات تكامل حقيقية تعتمد على سياسات صناعية واستثمارية مشتركة.
وأوضح أن هناك إشكاليات تواجه الاقتصاد الوطني تكمن في عبء اللوائح والأنظمة الإدارية والتنظيمية وضعف البيئة التنافسية التي تتجلى في مؤشر ممارسة الأعمال للبنك الدولي الذي تحتل فيه الكويت المرتبة 101 من أصل 189 دولة في آخر اصدار لعام 2016.
وذكر أن هذا الترتيب يبرز إشكاليات متعلقة بالأساس ببدء النشاط التجاري والحصول على التراخيص والحصول على الائتمان وتسوية حالات الإعسار وحماية المستثمرين الأقلية والتجارة الخارجية.
وبين عبد مولاه أن تنويع مصادر الدخل تشمل تطبيق ضريبة القيمة المضافة على أن يتم ذلك بشكل متناسق بين دول الخليج وعلى السلع والخدمات غير الأساسية بحيث تلقى قبولا مبدئيا يسمح بتوسيعها في فترات لاحقة.
ولفت إلى أن كل هذه الإجراءات قد يكون لها آثار تضخمية تجب مكافحتها من خلال تفعيل الأدوات المختلفة للسياسة النقدية في إطار التنسيق الكامل بين السياسة المالية والنقدية.
وأضاف أن تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في الفترة الأخيرة وتراجع حجم الاستثمار يوجب انتهاج سياسة مالية توسعية من خلال زيادة حجم الإنفاق الرأسمالي لتحفيز النمو من خلال الاستثمار في القطاعات والمشاريع الإنتاجية الجديدة ذات القيمة المضافة العالية والمجزية في الأسواق العالمية.
وذكر عبد مولاه أن هذه الإجراءات ستساعد في تنويع الاقتصاد وتفعيل أوجه وآليات الشراكة مع القطاع الخاص في ضوء رؤية (الكويت 2035).
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة أنس الصالح أعلن أخيرا أن رؤية الحكومة لدعم المسار الاقتصادي في البلاد تتكون من ستة محاور هي الإصلاح المالي وإعادة رسم دور الدولة في الإقتصاد الوطني وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في النشاط الوطني ومشاركة المواطنين في تملك المشروعات وإصلاح سوق العمل ونظام الخدمة المدنية والإصلاح التشريعي والتنفيذي.