فلسطين قضيتنا المنسية بعد الثورات العربية ..!
لم يكن شغلنا الشاغل في الإعلام قبل اكتشاف مواقع التواصل الاجتماعي سوى الحديث عن القضية الفلسطينية وتحرير هذه الأرض باسم العروبة والإسلام، كنا نفطر على مناظر الدماء ونرقد عليها بل ونقوم الليل بها، كانت هذه القضية هي القضية التي توحدنا إن اختلفنا «ودائماً نحن مختلفين» فلذلك نلجأ لها لنشغل العامة من الشعب العربي بعدم التفكير بسواها وأن كل من يتخلى عن هذه القضية لا يؤمن بالإنسانية ولا القومية ولا الإسلامية، مع العلم بأننا عجزنا بعد سنوات حتى بإرسال الجيوش التي كنا نرسلها ولا ضير في ذلك فالعرب دائماً هم هكذا «هبّة وقتية» ..!
مضت الأيام وتعددت وسائل الإعلام حتى صارت الوسائل غير محتكرة على أحد ولا تتبع أحد بل صار الجميع يتبعها من بسطاء ومتنفذين حتى، ومع العولمة الحديثة صار العالم متطوراً أكثر من أي عصرٍ مضى وصارت الأخبار تبث في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أسرع وأدق وأكبر، بعيداً عن التدليس والتوجهات والافتراءات التي تعود عليها العرب منذ أمد، واكتشفنا بعد ذلك أننا لم نكتشف شيء بعد وأننا أغبى مما تصورنا وأن الغرب نقطته شامخة على العرب ..!
ومع مضي الوقت وبعد أن كان العرب يطالبون بتحرير فلسطين وكانت قضيتهم الكبرى تلك في قضاء أوقات فراغهم السياسية «وهم دائماً فارغون» تناسى العرب هذه القضية وصارت قضيتهم الكبرى هي الثورات وباعتقادي بعيداً عن عالم الاضطهاد السياسي على الفرد العربي أن للجانب النفسي تأثيراً عظيماً أيضاً لما ترعرع عليه الفتى العربي من مشاهد تروي له سفك الدماء حتى صار متعطشاً لرؤيتها قريبة منه. سار الفتى العربي ولا يعلم إلى أين مراده، والدليل الثورة المصرية حيث طالب المتظاهرون برحيل حسني وعندما رحل أوقعوا أنفسهم بفخ «الإخوان والفلول» واختاروا في المباراة الفاصلة «الإخوان» من باب حب التغيير، ولم يتغير شيء في الوضع المصري سوى أن الاستبداد هذه المرة يرتدي «لحية» ..!
ما زالت المشكلة المصرية مستمرة ولن تنتهي حتى يستوعب الشعب المصري الصفعات التاريخية التي ينالها الآن، وآمل ألا يقع في الأخطاء مستقبلاً مع تمنياتي للشعب بأن يصل لمرحلة الاستقرار بعيداً عن صراع «الفلول والإخوان»، وللتأكيد ليس الشعب المصري فحسب بل كل الشعوب التي ثارت شعوبها وصلت لنفس النتائج وربما لقلة الخبرة السياسية العربية وارتفاع خبرتهم بـ «مسألة الدماء»، ويبدو بأن الدماء لن تتوقف عن السيلان إلا بعد أمد، وآمل ألا يكون ذلك. لقد أشغلتنا كل هذه القضايا عن القضية الفلسطينية وكأن فلسطين لم تكن قضية لنا في ما مضى وذهب وانقضى، وكأن الشعب الفلسطيني من كوكب آخر، لا نعرف كم القتلى الفلسطينيين اليوم ولم تعد أخبار فلسطين تبث لنا؛ بل لم تعد مهمة للمتلقي، وإن دل ذلك فيدل على أننا لا نملك قضية أصلاً، وأننا أمة يجمعها الحدث ويفرقها الدم ..!
**
نبرة:
– كتبت هذه المقالة على سرير المرض الأحمر المتزين بلون الدماء للتذكير بأن جل ما نفكر به كعرب ينتهي مع انتهاء غاياتنا «الميكافيللية» ..!
محمد العراده
Twitter: @malaradah