تحفظات حول الانتعاش الإيراني بعد العقوبات
بعد نحو أسبوعين من قرار بدء رفع العقوبات على إيران في إطار الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، لا يزال المحللون داخل إيران وخارجها يتحفظون على الفوائد “الهائلة” التي يمكن أن تنعكس على الاقتصاد الإيراني. ورغم الحماسة الإعلامية لعبارة “إغراق السوق النفطية بزيادة الإنتاج الإيراني بنحو نصف برميل يوميا”، يقدر خبراء النفط أن طهران بالكاد سترفع الإنتاج بأكثر من 100 ألف برميل يوميا.
وتحاول طهران زيادة إنتاجها من نحو مليون برميل يوميا فقط الآن (نحو نصف حصتها الحالية حسب سقف إنتاج أوبك) تدريجيا على أمل الوصول إلى مستوى إنتاج ما قبل العقوبات.
وكانت إيران قبل العقوبات تنتج ما بين 3 و 4 ملايين برميل يوميا، لكن قطاع النفط والغاز منذئذ تدهور بشدة ويحتاج عشرات المليارات من الدولارات لإعادة التأهيل.
لكن توقيت عودة إيران للسوق جاء في توقيت استثنائي، إذ لا يحتاج العالم أي مزيد من إنتاج النفط الذي هبط سعره إلى نحو ربع ما كان عليه في يونيو 2014.
وتوجد ناقلات تحمل ما يصل إلى 50 مليون برميل نفط منذ فترة قرب مضيق هرمز في الخليج تنتظر مشترين منذ فترة.
أموال مجمدة
بانتظار فوائد رفع العقوبات، لا يتوقع الإيرانيون الكثير خاصة وأن أغلب الأموال التي سيفرج عنها من الأصول المجمدة نتيجة العقوبات ستذهب لشركات أجنبية، وتقدر الدفعة الأولى بما بين 30 و50 مليار دولار.
سيستخدم الجزء الأكبر من تلك الأموال لتأهيل البنية التحتية للنقل والمواصلات وقطاع الطاقة، والباقي سيستخدم لإصلاح أوضاع القطاع المصرفي الإيراني الذي تدهور بشدة في فترة حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
أكثر من 20 في المئة من الديون المستحقة للمصارف الإيرانية هي ديون معدومة، وكانت القيادة تضغط على البنوك للإقراض لأسباب اجتماعية/سياسية رغم المخاطر الاقتصادية لذلك.
كما يخشى، حسب تقدير عدد من المتابعين الغربيين، أن قدرا من تلك الأموال سيذهب أيضا لدعم ميليشيات إيرانية في الخارج.
المصارف
تنتظر إيران الاستفادة من عودتها للقطاع المصرفي العالمي، وسيكون ذلك مفيدا للتجار الإيرانيين الذين كان عليهم الدفع كاملا مقدما في أي تعامل مع الخارج. وفي حال عودة إيران للقطاع المصرفي العالمي سيكون بمقدور التجار الحصول على خطابات اعتماد لعمليات الاستيراد.
تظل هذه قضية شائكة، فأغلب البنوك الرئيسية في العالم مترددة في التعامل مع إيران في ظل عدم الوضوح الذي يكتنف أنظمة العقوبات المختلفة على البلاد وما رفع منها كاملا أو جزئيا وما ظل موجودا إضافة إلى عقوبات جديدة فرضت بسبب تطوير إيران صواريخ بالستية.
كثير من البنوك تعرضت لغرامات هائلة نتيجة شبهات تسهيل معاملات إيرانية في السابق، ولم تستطع تلك البنوك التملص قانونيا من تلك الغرامات بسبب تعدد “طبقات” العقوبات، من دولية إلى أوروبية إلى أميركية … الخ.
تحتاج البيئة التشريعية الاقتصادية والقانونية عامة في إيران إلى تغيير هائل، يتشكك كثيرون في الخارج من أن تقوم بها حكومة الرئيس حسن روحاني، التي تنتظر نتائج انتخابات تشريعية في أقل من شهر وانتخابات رئاسية العام القادم.
لا يتوقع الإيرانيون العاديون الكثير من الانفراج الاقتصادي/الاجتماعي نتيجة رفع العقوبات، وربما هذا ما يفسر غياب الاحتفالات ومهرجانات الشوارع في إيران قبل أسبوعين حين بدأ رفع العقوبات رسميا في إطار الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى.