قلم الإرادة

مُختلفٌ.. وجامعٌ للسحر

   عشرون عاماً أو أقلَّ بقليلٍ .. كانت أولى لقطات أراه فيها ولم أكنْ مُستوعباً للأحداث 

 

بشكلٍ كبيرٍ .. لم أكنْ أعتقدُ بأنه سوف يرّثُ عرش القصير المكير سريعاً .. 

 

فما أعرفه بأننا إنتظرنا قرابة ربع قرن من دون أن تدخل خزائن بلاد الأمازون أي بطولة عالمية ..

 

إذا ما إستثنينا بطولة القارة اللاتينية والتي قد أتى بها القصير المكير من بين أقدام المارد مارادونا بطل العالم ,

 

أمرٌ مدهشٌ ما حدثَ في تلك الليلة لرُبما كان في مُدرجات الماراكانا يُراقب تحركات صاحب الوشاح الذهبي 

 

ذو الرقم 11 , فهذا الرقم كان مصدراً جديداً من مصادر الإلهام له كما كان الرقم 10 مصدراً سابقاً لجميع 

 

من بنيّ جلده ولعشرات الملايين ورُبما المئات منهم حول العالم .. 

 

لقد تمَّ منعه من دخول الفئات السنيّة للمنتخب البرازيلي  لإن وتيرته الفنيّة كانت تتجاوز جميع من بعمرهِ 

 

سواءٌ كانوا من نفس المنبع الذهبي أم من خارجه .. الأمرُ سيان .. 

 

فقد كانت أولى إنطلاقاته في كأس العالم  1994 كإحتياطي لصاحب الرقم 11 الرائع في تلك الأثناءِ , 

 

لويز نزرايو داليما رونالدو مهاجم ظهر بصورة رسمية مع فريق الثعالب ( كروزيرو ) قبل مونديال العالم بعام واحد فقط !

 

مما أجبر الجهاز الفني البرازيلي في تلك الفترة من ضرور إختياره كإسم ثالث بعد روماريو وبيبيتو الأساسيين , 

 

فلن تمضي سنوات طويلة حتى ويتركا المهام الهجومية للفتى الصغيرِ .. 

 

رونالدو لم يلعبْ ولا ثانية في تلك البطولة , لكن إن عُدنا إلى بعضٍ من الأرقام الشخصية في موسمه 1993-1994 

 

يمكنُ القول بأن رقم 44 هدفاً في 47 مباراة في عمرِّ 17 عاماً أمرٌ لم يسبقْ أن فعله أحدٌ ولم يفعلْه أحدٌ إلى هذه اللحظة !

 

فمن الطبيعي أن تكون لرونالدو المُراهق بصمة في حال حصل الفرصة والمشاركة عوضاً عن روماريو وبيبيتو 

 

لكن هذا لم يحدثْ .. 

 

أما ما بعد مونديال الولايات المتحدة الأمريكية , إنطلق رونيّ إلى هولندا حيث تكفل إيندهوفن بدفع ستة ملايين دولار 

 

( رقم قياسي في ذلك الوقت ) لجلب النجم البرازيلي والذي بدوره قد سجل 54 هدفاً في 57 مباراة ! 

 

وبينما كان رونالدو يدّكُ الحصون الهولندية وغيرها .. طمعت إدارة برشلونة القاطالوني بالتعاقد معه بمبلغ قياسي

 

قد تجاوز حاجز 20 مليون دولار بعد عامين رائعين  في بلاد الطواحينِ .. 

 

من الأمورِ المؤسفةِ بأنه قضيَّ موسماً وحيداً في أروقة النيو كامب ( آنذاك ) إستطاع من خلاله تسجيل رقماً 

 

عجز جميع مهاجمي الأرض من تحطيمه قوامه 47 هدفاً في 49 مباراة .. حتى أتى كريستيانو رونالدو 

 

بعد أن أصبحت دفاعات الليجا ( شوارعية ) ليحطم هذا الرقم الذي ظلَّ صامداً لأكثر 14 موسماً متتالياً ..

 

نحنُ لا نتحدث عن لاعبٍ عاديّ , نحن نتحدث عن لاعبٍ لم يبلغْ 20 عاماً ومعدله التهديفي لا يقلّ عن 98% ! 

 

همسة : يعتقدُ بعض المُحللين ومنهم أنا شخصياً بأن رونالدو كان ليكون أعظم لاعبي الكرة في التاريخ لو بقيَّ في برشلونة

 

كما يفعلُ ليونيل ميسي الآن مع ناديه القاطالوني .

 

أما ما بعد رحلة برشلونة القصيرة الجميلة .. والتوجه لنادي الإنترناشيونالي الذي دفع أكثر من 25 مليون دولار 

 

لضم الهداف البرازيلي .. أطلقت الجماهير الإيطالية لقب الظاهرة ( O Fenomeno ) على رونالدو بعد ملحمّة تاريخية

 

ضد نادي إي سي ميلان في بطولة الكالشيو .. وأردف مباريات تاريخية ضد يوفنتس ولاتسيو وروما وبارما كذلك ..

 

أستغربُ مقارنة راؤول غونزالينس بلانكو ورود فان نستلروي وتيري هنري بالظاهرة رونالدو ..

 

فنعم هو الأروع في التسعينات حتى منتصف الألفية .. لكنهم إمتلكوا شيئاً لم يحصلْ عليه رونالدو !

 

ففي أفضل مواسمهم كانوا يشاركون في بطولة أوروبا للأندية .. بينما الظاهرة رونالدو في مواسمه الإستثنائية 

 

1994 إلى عام 1998 الفرق كانت تلعب ببطولة كأس الإتحاد الأوروبي وكأس أوروبا للأندية ( بطولة سابقة ) 

 

ما مرَّ مارادونا وبيليه ويوهان كرويف وفرانز بيكنباور كان لابد أن يمرَّ به الظاهرة رونالدو وأن يكون صديقاً

 

لعالم المستشفيات لفترات طويلة بل إن الثمن كان أن تكون شخصاً ذو قدمٍ مُهترئةٍ .. وآخرون يصنفونها بالمهشّمة ..

 

الظاهرة عاد بعد غيابٍ طويلٍ .. وحقق كأس العالم وقدم كُل ما يمكن تقديمه حتى مع إعادة سينياريو إصاباته الشهيرة ..

 

إلا أنه لم يردْ أن يُخرجَ كما خرج ماروكو فان باستن على حمالة .. وإنما خرّج ببطولات ومباريات سيخلّدها التاريخ له .

 

بعد أن إعتزل وقد كان يوماً أكثر من أسود في حياتيّ عدتُ إلى الأشرطة القديمة لأٌقنع نفسيّ بأنه لا يزالُ يلعب , 

 

وفي كُل مرةٍ أعود إلى مباراة ما أكتشفُ أمراً جديداً عن الظاهرة .. 

 

منذ إنطلاقة رونالدو ورؤية العالم له .. إختلف مفهوم المهاجم الدارج بين الأنامِ .. 

 

فرونالدو كان أول مهاجم يركض بالكرة ( بإلتصاقها بقدميه ) بسرعة جنونية جداً ! 

 

فما نراه من إلتصاق للكرة في قدم ليونيل ميسي ما هو إلا لشيء قد رأيته في قدميّ رونالدو الإثنتين .. !

 

أما عن مهارات رونالدو الفردية فكانت أكثر من فريّدة كتطوير لمهارة الفليب فلاب ( إليساتكو ) والتي أعادها 

 

الظاهرة رونالدو بعد مُبتكرها ريفلينيو البرازيلي , ثم ظهر بها رونالدينهو قبل 9 أعوام .. 

 

ناهيك عن حركته الشهيرة ( Step Over ) المراوغات السريعة والتي تكسرُ ظهور المدافعين وينتجَ عنها 

 

أهداف تُدرس في المعاهد والأكاديميات الكرويّة .. 

 

لقد إمتلك ذهناً خليّطاً من سقراط وزيكو في تمريراته البينية وصناعته للأهدافِ .. 

 

فقد لا يعلم الكثيرون بأن الظاهرة رونالدو قد صنع 126 هدفاً طوال مسيرته مع العلم بأن مركزه مهاجم صريح !

 

وعدد الأهداف التي صنعها أكثر من الأهداف التي صنعها الإسطورة الفرنسية زين الدين زيدان بحيث لم تتجاوز 100 !

 

لكم أن تتخيلوا روعة هذا الفكرّ الكرويّ الذي كان بحوزة الظاهرة رونالدو ولا يزال يملكه في الميادين ..

 

إن لم تتابعه الملك بيليه فقد تكون قد تابعته حقاً في ظاهرة الكرة رونالدو ..

 

ما يمكنني أن أقوله بإختصارٍ .. 

 

بأن رونالدو هو النسخة الأصلية الجامعة لعظمة بيليه , ولمهارات ريفلينيو وزيكو , ولدهاء سقراط , ولبراعة روماريو 

 

في التسجيل .. بالإضافة إلى موهبة رونالدو الإستثنائية .. 

 

لهذا تعلمتُ بأن كُل ما يفعله كريستيانو رونالدو أو ميسي أو غيرهم .. لا يأتي بربع ما كان يفعله رونالدو في 

 

حصون الأندية الإيطالية .. حيثُ كانت تخشى مواجهة أفضل لاعب في العالم وأشرس مهاجم كما أردف مالديني ونيستا 

 

وغيرهم من أفضل لاعبي الوسط والدفاع في عصره ,

 

أعتقدُ بأن إعتزال رونالدو قبل عامين كان بمثابة إعلان الأفراح لجميع مدافعي العالم , 

 

ما أتمناه هو أن يعود للعب بوزن مثاليٍّ ( ولا أستبعد هذا ) فرُبما يعود لتمثيل البرازيل  ليساهم في تحقيق كأس العالم

 

في الماراكانا بعد أن بات الرقم 9 ضائعاً لسنوات طويلةٍ . . .

 

فهد الفضلي – كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @Fahad_Fenomeno

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى