تيارات وأحزاب .. بلا ألباب ..!
عندما يستمع أحدنا إلى كلمة “حزب أو تيار” يترأى أمامه كيان منظم ذو هيكل إداري عميق ومفصل، وذو عقول تؤمن بما تدافع عنه، وهذه طبيعة أي إنسان يستمع إلى هاتين الكلمتين.. لكن في الكويت الوضع مختلف تماماً، ربما جل من يستمع إلى هاتين الكلمتين يتصور التصور المبسط والمعتاد، ولكنه عندما يقترب فقط يجد بأن هذه التيارات أو الأحزاب لا يتعدى أعضاؤها عدد أصابع اليد، وأن كل من ينتمي لأي تيار أو حزب له منصب ابتداءً من الأمين العام وحتى “منسق التعامل مع الصبايا المنتسبات”، لخصوصياتهن طبعاً ..!
ما علينا من هالحكي.. الغريب أن هؤلاء العشرة أو أقل! يصرحون بإنجازات عجزت عنها الإدارة الأميركية الممتدة من عصر كارتر وحتى أوباما وبكل الرؤساء الذين امتدوا بهذه الحقبة سواءً أكانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، وفي الواقع إنْ طلبت من أحدهم كتابة خطة للكويت بعد 5 سنوات تجده يتوقف بتصوره عند الصفحة الأولى ..!
لقد اعتادت الحكومة على هذه التيارات المفتتة حتى تشبَّعَت؛ فهذه الأرقام لا تستحق التعامل معها بعمق لأنها لا تؤمن بقضية أولاً ولأنها لا تعرف طرق الإصلاح ثانياً ولأنها تريد الأكل من الكعكة ثالثاً، ربما كان يصعب على الحكومة في البداية ذلك ولكنها تأقلمت جداً في الفترة الأخيرة، كجسدٍ بدأ يتعالج من مرض السرطان، وأنا هنا لا أدافع عن الحكومة ولكني أتكلم بحق؛ فالحكومة موقفي منها ثابت بتخبطاتها وعدم وضوح تصوراتها إن كانت تملك تصورات أصلاً ..!
نعود لجوهر هؤلاء.. هم باختصار عبارة عن نسخ مكررة اختلفت فيما بينها على القيادة، وأقصد بنسخ مكررة: النسخ التي لا تملك تصور واحد، أي نسخ فارغة من الداخل.. يجتمع العشرة وكلهم في مناصب قيادية بحيث لا يكون عضو واحد منتسب بلا مهمة إدارية ـ أي بلا جماهير ـ فيصفق العشرة لبعضهم ثم ينتهي اجتماعهم المختصر بـ “فلاشات كانون” ليذهبون بعد ذلك ويحتسون “بيري وايت موكا” في أحد الكافيهات ليتباهون أمام الصبايا، ولا منتفع منهم سوى ذاك الذي ينسق بين صبايا الحزب وفتيانه ..!
عندما تسأل أحدهم ما هو تصورك للديمقراطية الحقيقية يجيبك: قال د. فلان، والنائب فلان، والناشط فلان، متناسياً قال: أنا.. وبكل اختصار سلم عقله لهؤلاء وارتاح ..!
كيف نسلم هؤلاء المكررين قيادة دفة الكويت وهم على خطى متوازية مع الحكومة، والمنطق يقول: “خلك على مجنونك .. لا يجيك أجن منه”، ولو كنت أؤمن بالديمقراطية الحقيقية الكاملة المتمثلة بالحكومة المنتخبة لكن ذلك لا يعني بأني أطلبها الآن ولو كنت مندفعاً لها في السابق، فقد تبين لي بأننا نحتاج لثورة ثقافية ضخمة تحيي هذا المجتمع الميت بتصوري لتتبع هذه الثورة الثقافية ثورة سياسية سلمية بعد ذلك تطالب بحكومة منتخبة يتساوى فيها كافة أفراد الشعب في اختيارها.
**
قبل أيام كنت في أحد الجلسات فقال محامي: “إن المتهم فلان قبيلته هي من ثبتت حكم آل صباح في الكويت فكيف يخون الكويت؟!” ثم تكلم عن الوحدة الوطنية والمساواة بين أفراد الشعب متناسياً عنصريته النتنة ومتناسياً كل تناقضاته.. الأهم من ذلك بأن صاحب الجلسة أخرسه بجملة “لا أحد أفضل من أحد نحن في دولة يجب أن يتساوى بها الجميع، واحترم نفسك” .. كان رده قاسياً ولكنه أعجبني وأعجبتني تلك القسوة الممزوجة بالوطنية الحقيقية.
**
نبرة:
ـ كلنا على مستوى واحد من الانحدار .. الكلمة للشباب المثقف .. قريباً ذلك ..
محمد العراده
Twitter: @malaradah