البرج الأعوج

   بالنسبة لي الاستعانة بالخبرات الأجنبية لحل المشاكل في الكويت هو هدر مقنع للمال العام فدوري المشاكل الكويتي ليس بحاجة إلى محترفين من الخارج لتحرز فرق أسئلته الحائرة الكوؤس وتسجل الأهداف المثالية في مرمى الإجابات !! بل أرى أن جل ما يحتاجه دوري المظاليم هذا هو الاستعانة بلاعبيه المحليين أو ما يسمى بعرف الدساتير “المواطنين” فهم أهل دوري المشاكل وهم أدرى بشعاب أسئلته وتشعب إجاباته.

ولذلك عوضاً عن دفع الملايين إلى بلير وسواه في مقابل تقارير تعودنا أن “نبلل” بأوراقها  في الموتمرات ونشرب مقالبها في الاستحقاقات فأنا مستعد ومقابل “استكانة شاي” فقط أن أدل من أراد من المسؤولين إلى الحل الأمثل والأجمل والأروع لكل مشاكل البلد.

المشكلة الأساسية فيما نعانيه حالياً هو أن مسؤولينا يخاطبون مشاكلنا من أبراجهم العاجية ويطرحون لها حلولها وهم يتنزهون على سيف بحر عالمهم الخاص ولذلك فأي حل من حلولهم المطروحة هو حل لا يتجاوز غرف اجتماعاتهم المغلقة إلا إلى مانشيت صحفي أو مؤتمر إعلامي ومن ثم يتبخر عند ملامسة أي تطبيق فعلي له على أرض الواقع !! ولهذا لحل جذري لهذه المشاكل فلا بد من “تدبيس” حياة مسؤولينا على صفحات واقعنا المعاش الفعلي وإرهاقهم في الغوص والغوص في بحر التفاصيل للبحث عن محار إجابة ربما تحمل “دانة ” حل كنا وما زلنا ننتظره.

من يريد حل مشاكل الإسكان من مسؤولينا فعليه أن يهز طوله ويجرب العيش في شقة من الشقق التى يعيش فيها أغلب المواطنين وليجرب كيف يتحول الهمس إلى صراخ وكيف يحاول أفراد الأسرة الكويتية أن يتكيفوا في ثلاث غرف وصالة وأن يتدفئوا بنار الإيجار كل شهر !!

ومن يريد حل مشاكل الصحة عليه أن يمتنع عن ركوب الدرجة الأولى للعلاج في الخراج أو الانغماس في متع دلع المستشفيات الخاصة؛ بل فليجربوا ولو لمرة واحدة أن يقفوا في طوابير العلاج والغرف الخاصة والمواعيد المطاطية !!

ومن يريد أن يحل مشكلة التعليم فعليه أن يسحب أوراق أولاده من المدارس الخاصة ليضعهم في مدارس الحكومة وعندها فلينظر كما يشاء عن جدوة التعليم ومناهجه وطموحاته وأتحداه ألا تدمع عيونه أو يقرقر قلاونه !!

ومن يريد أن يحل مشكلة البدون فعليه أن يسلم كل أوراقه الثبوتية إلى أقرب لجنة مركزية ثم يحاول بعدها إن استطاع أن يجد له عملاً يسد به رمق أطفاله أو يحاول أن يكتب سطور مستقبلهم  على ورق بخلت به اللجان وأن يجرب أرقاً دواؤه ورق ودائه ورق وجرحه الإنساني أعمق !!

من يريد ومن أراد فعلاً منكم يا مسؤولينا الكرام أن يحل مشاكل المواطنين فليتكرم ولينزل إلى الساحة فهذا ميدان الواقع لا خيال تنظيركم الأعمى يا أصحاب الأبراج العوجاء !!

فالح بن حجري ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

Twitter: @bin_7egri