قلم الإرادة

حضرة الرئيس .. أنت تقودنا إلى الهاوية !‏

لقد كانت يوماً إستثنائياً في تاريخ الإتحاد الأوروبي لكرة القدمِ , 

 

الإتحاد الذي أُسِسَ في عام 1954 يختارُ الشخصية القيادية الجديدة بعد مرور مجموعة

 

من الرجالات التي سعتْ لتحسين الكرة الأوروبية وتطوير مسابقتها المحلية والقارية , 

 

قبل أن نتحدث عن فحوى المقالة .. سأسردُ لكم أحداثاً قد جرت قبل ستة أعوام كاملة من الآن ..

 

حيث أُنتخِبَ الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيسا للاتحاد الاوروبي

لكرة القدم يوم الجمعة في السابع والعشرين من يناير لعام 2007 

 

لينهي فترة رئاسة السويدي لينارت يوهانسون للاتحاد التي استمرت 17 عاما ,

وتغلب بلاتيني  في التصويت وبفارق اربعة اصوات فقط على السويدي يوهانسون !

 

الذي كان المنافس الوحيد لنجم منتخب فرنسا السابق في الانتخابات التي جرت في مدينة دوسلدورف الألمانية,

وحصل بلاتيني على 27 صوتا مقابل 23 ليوهانسون في التصويت

الذي شارك فيه رؤساء الاتحادات الوطنية في اوروبا حيث تولى يوهانسون رئاسة الاتحاد الأوروبي منذ عام 1990,

 

وقال مساعد لبلاتيني: النتيجة كانت 23-23 قبل فتح آخر أربع أوراق اقتراع !

وأصبح بلاتيني الفائز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا ثلاث مرات

أول لاعب كبير سابق يشغل مثل هذا المنصب المهم في ادارة كرة القدم ,

 

وأعلن بلاتيني الذي أصبح سابع رئيس في تاريخ الاتحاد وأول رئيس مولود بعد تأسيس الاتحاد عام 1954

بعد فوزه على الفور أن يوهانسون سيصبح رئيسا فخريا للاتحاد,

 وحظي يوهانسون بتصفيق حار من مندوبي الاتحادات الوطنية الأوروبية,

الذين صوت عدد كبير منهم لصالح بلاتيني ,

 

وقال بلاتيني بعد فوزه: أنا متأثر.. متأثر بشدة لكني سعيد للغاية , 

وأضاف:عندما كنت لاعب كرة قدم وعندما حققت انتصارا رائعا

وتسلمت الكأس كنت اركض مع جميع زملائي حول الملعب في لفة النصر ,

وانه انتصار رائع لي اليوم لكني لن اشارك في لفة النصر لاننا بحاجة لان نبدأ العمل ,

 

انها بداية مغامرة رائعة وتعد نتيجة الانتخابات متقاربة لانها حسمت بفارق اربعة اصوات فقط !

فصلت بين الرجلين اللذين كانت حملتهما الانتخابية ودية بوجه عام ,

وثار الجدل الوحيد خلال الحملة الانتخابية عندما جدد بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)

دعمه لبلاتيني خلال كلمته في اليوم الأول لمؤتمر الاتحاد الأوروبي ,

 

 واستشاط يوهانسون غضبا بسبب تدخل بلاتر وانتقد رئيس الفيفا في كلمته الانتخابية الأخيرة !

قبل أن يبدأ التصويت  ,

 

وقال يوهانسون لمندوبي الاتحادات: لا يعجبني تدخل رئيس الفيفا في العملية الانتخابية !

انه ليس الشخص الذي يتخذ القرار في الاتحاد الأوروبي بل انتم !

 

لكن المندوبين قرروا واختاروا بعد ذلك بلاتيني كوجه جديد للكرة الأوروبية ,

وقال بلاتيني للصحفيين “انه انتصار كبير ,

 

 المؤسسة كانت تقاتل من أجل يوهانسون لكني اعتمدت على أصدقائي لمساعدتي !

وأضاف بلاتيني : احتجت الى الكثير من العمل للحصول على 27 صوتا ,

وقال بلاتر للصحفيين : النتيجة لا تمثل مفاجأة بالنسبة لي ,

أنا سعيد لأنني سوف اعمل مع شخص يتقاسم معي نفس الرؤية بشأن كرة القدم !

 

ويلقي فوز بلاتيني بظلال من الشك على مستقبل السويدي لارس كريستر اولسون كبير المسؤولين التنفيذيين في الاتحاد الأوروبي الذي كان حليفا وثيقا ليوهانسون ,

 

واستخدم بلاتيني الذي يعتزم تقليل عدد المقاعد المخصصة لأندية بطولات الدوري الكبرى

في دوري أبطال أوروبا كلمته الأخيرة قبل التصويت للتأكيد على أهمية كرة القدم كرياضة وليس كتجارة!

 

حيث ختم بلاتيني أمام مؤتمر الاتحاد الأوروبي.. كرة القدم لعبة قبل أن تكون منتجاً !

إنها رياضة قبل أن تكون سوقا.. إنها استعراض رياضي قبل ان تكون تجارة .. !

 

 

من هذه القصة التي إستعرضْتُها لكم أعزائي .. لكم أن تتيقنوا حجم الإخفاقات والتغييرات التي ستطرأ 

على الكرة الأوروبية وكيف سوف نفنّد إخفاقات بلاتيني الصارخة في بعض تصريحاته ,

 

لكن قبل هذا وذاك , يجب أن نُعطي الخباز خبزه ولو أكل نصفه وأن نعرف كيف كان ليوهانسيون يدٌ 

 

طولى في تحسين الكرة الأوروبية ومضامير مسابقاتها طوال أعوامه الرئاسية في الإتحادِ , 

 

في عهد يوهانسيون كانت كأس الأمم الأوروبية محصورة لثمانية منتخبات فقط تُقسم إلى مجموعتين

 

وهذا النظام كان رائجاً بشدّة منذ تأسيس البطولة إلى عام 1996 حيث رأى يوهانسيون بأن هناك 

 

عديدٌ من المُنتخباتِ قد ظُلِمَتْ وبشدّة بعد حصر المقاعد الأوروبية في ثمانية أسماء , 

 

فتم مضاعفة العدد والسماح لثمانية منتخبات أُخريات بالمشاركة لتُصبِحَ البطولة الأوروبية أكثر جمالاً ورونقاً ..

 

أما إذا ما تحدثنا عن الدوري الأوروبي أو دوري أبطال أوروبا فكانت هناك بطولات تساعد الأندية البسيطة 

 

للعبور إلى كأس الإتحاد الأوروبي عبر بوابة ما يُسمى كأس الإنترتوتو وكانت البطولة تأتي بالريع الإعلامي الجيد 

 

والإهتمام الرياضي لمُكتشفي المواهب , فتم إلغاء هذه البطولة في عام 2008 حيث أجهز بلاتيني على روادها بسهولة !

 

وعندما سُئلَ يوهانسون عن عدم زيادة منتخبات كأس أوروبا للمنتخبات رد قائلاً : ماذا تريدون أن تشاهدون .. ؟

منتخبات بطلة أم منتخبات هواة وتزيد من عُمْرِ البطولة بلا فائدة رياضية تُذكر ..؟!

 

بعد هذه الجملة إتضح بأن يوهانسون كان يريد إظهار نخبة النخبة للقارة العجوز وليس اللهث وراء الأموال ! 

 

أما عن غضبه إزاء تدخل جوزيف بلاتر فالأمر بديهي بأن بلاتر قد ضمن أصواتاً لبلاتيني بعد تعادلهما بنفس النتيجة !

 

حيث لا علاقة لرئيس الفيفا بإنتقاء رئيس الإتحاد الأوروبي ونفس المسألة مع الإتحاد الآسيوي والأفريقي واللاتيني ,

 

وإن قرأنا جيداً ما قاله بلاتر بعد إعلان النتيجة بأنه غير متفاجئ ( يعرفُ النتيجة سلفاً ) !

 

أيّ أنه كان شريك لعبور بلاتيني إلى منظمة الإتحاد الأوروبي بعد تعادلهما بنفس عدد الأصواتِ !

 

أما على الجانب الآخر فلكم أن تروا حجم التناقضات التي ظهر بها ميشيل بلاتيني الرئيس الحالي للويفا , 

 

حيث قال بلاتيني في تصريحاته ..

 

بأنه سوف يسعى لتقليل مقاعد دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي كما أردف في حملته الإنتخابيه , 

 

وكان له ما أراد بإزالة ما يُسمى ببطولة كأس الإنترتوتو , أما على صعيد بطولات أوروبا العُظمى , 

 

فقد لقي مقترح بلاتيني بإزالة كأس الدوري الأوروبي رفضاً قاطعاً جراء ما سوف تتضرر به الأندية 

 

عند إزالة البطولة الأوروبية الثانية بعد دوري الأبطالِ ! 

 

أما على صعيد كأس الأمم الأوروبية فسوف يُسعدني أن أُخْبِرَكم بأنها أصبحت كأس عالم أوروبا وليست 

 

كأس الأمم الأوروبية !

 

السبب يعود إلى زيادة عدد منتخبات البطولة إلى 24 منتخب !

 

فالسؤال الذي أوجهه لأيّ شخصٍ داعم لهذه الفكرةِ , 

 

ما هي الأسماء التي سوف تزيد من قوة البطولة الأوروبية بهذا العدد الكبير ؟

 

منتخبات هنغاريا ؟ بولندا ؟ لاتفيا ؟ البوسنة والهرسك ؟ أندورا ؟ مقدونيا ؟ لوكسمبورج ؟ جزر فاروه ؟

 

سويسرا ؟ النمسا ؟ قبرص ؟ مالطا ؟ إستونيا ؟ سان مارينو ؟ جورجيا ؟ إستكتلندا ؟ 

 

أسماء بالكاد تسعى للحصول على أفضل نتائج في التصفيات ولا نراها إلا في التصفيات القارية والعالمية فقط ثم فقط !

 

فمن يدري قد تعزلُ أوروبا نفسها عن بطولة كأس العالم لكونها تملك كأساً عالمية شبيهة في مستوى القارة العجوز ؟

 

ومن يدري بأن يتم زيادة عدد المنتخبات الأوروبية في بطولة العالم على حساب مقاعد قارية أُخرى ؟!

 

لقد أضاف بلاتيني في نهاية حديثه بأن كرة القدم عرضٌ وليس سوق وهذا ما نتمناه بالفعل كمُشاهدين , 

 

لكنه في حقيقة الأمر ناقض هذا الأمرَ كثيراً عندما إبتكر فكرة توزيع مباريات أمم أوروبا ما 2020 

 

في أكثر من دولة للحصول على أكبر شريحة ممكن من الرعايا والدعاية ! 

 

فأين هو الإستعراض الرياضي الذي تتحدث عنه يا حضرة الرئيس ؟

 

وأين هي لعبة كرة القدم التي ليست بمنتجٍ حسب منظورك الأعوجِّ ! 

 

الأدهى من هذا وذاك , بأن في عهد بلاتيني شاعَتْ الأخطاء التحكيمية الفاضحة بشكلٍ صارخٍ في آخر سنواتٍ 

 

لصالح أحد الأندية الأوروبية وشأءت الأقدار أن يسقط هذا الفريق المدلل من نفس خصمه الأزرق في نفس 

 

مضمار البطولة وبنفس الخاتمة كذلك !

 

بل ويتفضلُ على إنجلترا بالسماح لها بإستضافة نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية بعد عام 2011 ,

 

وهو الذي صرح سلفاً بأنه سينتظر برشلونة في النهائي في بداية المشوار الأوروبي من عام 2011 !

 

وليس ببعيدٍ عنا نهائي أوروبا المُنقضي , فبعد وصول بايرن ميونيخ الألماني وتشيلسي الإنجليزي على 

 

حساب كُلاً من ريال مدريد وبرشلونة قال بلاتيني: أعتقد بأن نهائي البطولة لن يكون مثالياً كفاية 

 

ومستوى الأداء لن يكون كما توقعنا ! 

 

بل إن الحقيقة تقول بأن الأموال الخاصة بالنقل التلفزيوني والرعايا وما إلى ذلك لن يكون بنفس الوضع 

 

إن كان ريال مدريد وبرشلونة في النهائي والسبب يعود إلى شعبيتهما العالمية , 

 

أما إذا ما تحدثنا عن المستوى هذا إن كان الخللُ في المستوى أصلاً , فيكفي القول بأن بايرن ميونيخ وتشيلسي

 

تفوقاً أداءً ونتيجةً , الأول أداءً والآخر نتيجة بإنتهاجه طريقة الكاتشيناتو الإيطالية والتي أثمرت أمام برشلونة !

 

إذاً من جميع قراءاتنا نستنتج بأن بلاتيني يريد تحويل الكرة الأوروبية إلى بقرة تدرّ الأموال فقط ثم فقط !

 

ضارباً بوعوده الكاذبة عرض الحائط !

 

فيا حضرة الرئيس الموقر .. أنت تقود الكرة الأوروبية إلى الهاوية !

 

فهد الفضلي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية 

 

Twitter: @Fahad_Fenomeno

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى