قلم الإرادة

إذا أردت أن تُطاع .. فأمرْ بالمستطاع !‏

عندما كان الجيش الألماني يجتاحُ أفاقاً واسعة في القارةِ العجوز بفضل حنّكة قائده التاريخي إدولف هتلر , 

كان الألمان يستعدون للإنقضاض على الجيش الأحمرِ الروسي لإسقاط موسكو وضمّها للدول المُحتلةِ , 

 

وقع هتلر في خطيئة تسببت في سقوط الجيش الألماني بشكل مفاجئ , الخطأ كان عبارة عن خوض الحرب

في فصل الشتاءِ , والجند الألماني لم يكن قد تعود على الحرب في البرد القارِس , 

 

لدرجة أن بعض البرامج المتلفزة قد بثت أحاديث الجنود الذين كانوا ذاهبين للحرب الألمانية الروسية 

قائلين بأنهم يرون الموت وأنهم لا يستغربون سقوطهم نتيجة البرد القارِس قبل بداية المعركة , 

لذلك أخطأ إدولف هتلر في رهانه ولم يأمر جنده بالمستطاع حتى يُطاع!

 

هذه الحادثة تُذكرني بحال كرتنا الزرقاء التي باتت تميلُ إلى اللون السماوي الشاحّبِ , 

السبب المحوري والرئيسي الذي قد يعودُ إلى أفكارنا الثاتبة والتي لم يطرأْ عليها 

تحديثات وتغييرات لأكثر من ربع قرن من الزمانِ , 

 

في الماضي كُنا نتفوق لإننا نملك الأدوات لذلك وسأفندّ هذه الأدواتِ بالتدرجِ , 

أول شيء منَّ الله به علينا في هذا البلد المعطاء الموهبة الرياضية !

أسماء كثيرة رياضية لا يمكن حصرّها ببضع أسطرٍ تمتعت بموهبة لازلت منواط حديث الكثير من الأنامِ , 

 

أما ما بعد الموهبة , فقد تمتعنا بقائد عظيم كان شغله الشاغل رفع علم الكويت في القمةِ الشماءِ , 

الشيخ الشهيد فهد الأحمد الصباح كنتُ ولازلت أسمع وأرى مقتطفات عن سر علاقته الذهبية 

 

مع لاعبي المنتخب الكويتي منذ إستلامه لرئاسة الإتحاد الكويتي في 1978 حتى 1986 , 

قبل أن يترجل عنه لعام واحد ويعود لرئاسته مرة أُخرى إلى عام 1990 , 

 

مسيرة الإنجازات الزرقاء في تلك الفترة كانت رائعة جداً , 

أبرزُها وصول الأزرق إلى نهائيات كأس العالم كأول منتخب في شبه الجزيرة العربية أداءً ونتيجةً , 

مع التذكير بأن نظام التصفيات الآسيوية السابق كان أصعب بكثير من النظامِ الحالي , 

لا سيما تحقيق كأس آسيا لأول مرة وبثلاثية زرقاء في نهائي البطولة , 

 

هذه الإنجازات سواءً كانت في كُرة القدمِ أم غيرها , كانت مبنية وِفقَ قواعد وأُسس رياضية سليمة 

من مدربين عالميين وإهتمام رياضي وإعلامي كبير بالإضافة إلى البنية التحتية الرياضية 

والتي ساهمت برفع مستوى جميع لاعبي الألعاب الرياضية , 

 

المسألة بديهية جداً , مادمت تملك الموهبة وكل أدوات تنميتها فسوف تحصدُ ثمار هذه الموهبة عاجلاً أم آجلاً !

 

هذا المفهوم كان ناجعاً في تلك الفترة لإن من كان يجاور الكويت لم يكنْ يملك هذه الأدوات 

فُكنا متفوقين بفضل ما تمتعنا به من إمكانات , 

 

أما ما بعد هذه المرحلة بإثنتي عشر عاماً , بات الأمرُ يتجه لأن يُصبح مقلوباً , 

السبب يعود إلى أن المفهوم الهاوي .. لم يعدْ يُفيد في ظلِّ التطور البدني والفني الهائل لأقراننا في الخليج 

أو على مجال القارة الصفراءِ , 

 

ما أستغربه مِنا كجماهير كيف نطلبُ بطولة القارة الصفراء بدورٍ للهواةِ لا يهشُ ولا ينشُ ؟ 

الأدهى بأن حتى الأدوات التي كانت سبب وصولنا إلى المقدمة لم تُجدِ كما كانت في السابقِ !

 

إذا تحدثنا عن الموهبة فنحن نحمد الله على أن الموهبة لازلت تسري في أروقة وأزقة وملاعب البلادِ , 

لكن هذه الموهبة أصبحت مثل الفاكهة النادرة لا نراها بسهولة , 

الأمرُ يعود إلى أن هناك إنتقائية صارخة ومحسوبية للفرق على حسابِ الموهبةِ ,

 

على غرارِ ما كان يحدث في السابق , حيثُ كان صاحب الأداء الراقي والمستوى المميز هو المطلبُ الأساسي

فأول أداة كُنا نتمتع بها أصابها نوعٌ من الإختفاءِ والسبب المحسوبية وإخواتها !

 

أما إن تحدثنا عن المؤسسات الرياضية فهي تكاد تكون مُخلخلة أو قابل للإنهيار فهي لم تتعرضْ للبناءِ أو التجديد!

فكيف يُمكن أن تحصل على موهبة تنمو دون أن تتوافر لها أدوات التطور والتحسن ؟

هذه ثاني أداة وقد ضاعت بكل أريحية من أيدينا !

 

أما إذا ما ذهبنا إلى الإعلام الذي يُمجد شخصاً حتى أوصله إلى عنانِ السماءِ , ويتجاهل الآخرين 

حينها تتولد ما يُسمى باللامبالاة ويصبح الضغط بنسبة كبيرة إن لم تكن جميع الضغوطات على هذا الشخص المميزِ!

الحصيلة لن تكون بالشيء الجيد وسوف تكون عكسية على الفريق وعلينا كمشاهدين!

 

لننسَ دور الإعلام ولنصبحْ منتخباً مجهولاً ,

لو كنت أملكُ الموهبة الربانية , وأملك أدوات التنمية بجميع صورها وأشكالِها , 

وكانت اللياقة عالية جداً والمهارة كانت أقل نوعاً ما ..

 

هل سوف ننجزُ ؟ 

في الحقيقة نعم سوف ننجز ولن يقف أمامنا عائق , 

سأضربُ لكم مثاليين بسيطين للغاية ,

 

كأس العالم في كوريا واليابان 2002

 

كانت منتخبات الأرجنتين وفرنسا  وبدرجة أقل إيطاليا أكثر منتخبات البطولة مهارة وهذا لا شكّ فيه ,

لكن وبالمقابل كان المنتخب البرازيلي الأكثر تكتيكياً ولياقة يُجانبه المنتخب الألماني .. 

 

ما هي الحصيلة ؟ 

الأسماء ذات المهارة العالية خرجت بخفيّ حُنين أما عن أصحاب اللياقة الهائلة وصلا إلى نهائي البطولة .

 

مثال آخر حتى تتضح الصورة أكثر للقارئ , 

 

مونديال ألمانيا 2006 

 

كانت منتخبات البرازيل , الأرجنتين , ألمانيا الأكثر مهارة خاصةً الإسم البرازيلي ,

لكنهم إفتقروا للإنضباط التكتيكي  واللياقة ( خاصةً البرازيل ) وفشلوا جميعاً من الوصول إلى نهائي البطولةّ!

 

في المقابل كان هناك المنتخب الفرنسي ونظيره الإيطالي اللذان كان الأكثر تكتيكياً ولياقةً رغم تقدم

أغلب لاعبي الفريقين بالسنِّ ! 

 

الحصيلة كلاهما في النهائي وتم حسمه عبر ركلات الترجيح التي مالت لصالح الآتزوري الإيطالي.

 

إذا من خلال هذه الأمثلة البسيطة نُدرِكُ بأن الموهبة وتنميتها المميزة

ورفع مستويات لياقتها إلى أقصى حدّ ممكن تصنع الإنجازات دون النظر 

إلى أهمية الإعلام الذي قد يكون سلاح ذو حدين على أيّ فريقٍ كان !

 

لنفكرْ بالأمرِ قليلاً ..

 

المملكة العربية السعودية قامت بصناعة ما يُسمى بدوري زين للمحترفين عام 2007 , 

الإمارات العربية المتحدة سعتْ على قدم وساق لإقرار الدوري الإماراتي للمحترفين عام 2009 , 

الآن في هذا العام مملكة البحرين سوف تُطبق دوري المحترفين البحريني في شهر سبتمبر القادم لهذا العام!

 

هذه الخطوات تمت لحصد الثمار وتقديم المستويات المميزة على مستوى المنطقة أو القارة أو حتى على مستوى العالم !

 

فمتى سوف يأتي اليوم الذي نُصبح مُحترفين لا هواة ؟ 

ونعود إلى المنصاتِ إلتي إشتقات لأصحاب الغلالات الزرقاءِ ؟

أما آن الآوان للإقدام على هذه الخطوة التي طال إنتظارُها في بلدٍ يُصنف على أنه من كبار القارة الصفراءِ !

 

سؤالٌ نتركه للزمنِ كيّ يُجيب عليه …

 

فهد الفضلي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية 

 

Twitter: @Fahad_Fenomeno

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى