حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
كثيراً ما انتشر في الآونة الأخيرة الأشخاص الذين باتوا يكرسون حياتهم ويقحمون أنفسهم في حياة الآخرين لينصبوا من أنفسهم أسياداً على كل ما يصدر من غيرهم والبدء بإطلاق أحكامهم الدينية من حلال وحرام، دون أن تردعهم أخلاقهم من ممارسة هذا السلوك الفظ، بل أنهم يذهبون إلى تعليله بكونه أمراً بالمعروف ونهي عن المنكر!
لكن ما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ من منطلق خُطب أغلب الشيوخ في المساجد وعلى شاشات التلفزة وفيديوهات الإنترنت نجد قولهم بأن المعاصي مرض يُنهك المجتمعات والتفريط في التغيير من هذه المعاصي والمنكرات إما بالقول أو بالفعل يُعد من أعظم أسباب حلول العقاب ونزول العذاب وغضب الرب حسب رأيهم! إضافة إلى اعتبارهم بأن الأمة الإسلامية أكبر من أن ترتكب المعاصي وإقتدائهم بتلك الأمم الكافرة الفاجرة التعيسة التي أعرضت عن الله وأتخذت هواها إلهاً! طبعاً المعاصي في نظرهم تقتصر على تبرج النسوة وملابسهن، وعدم إطلاق الرجل للحية، إضافة إلى الإستماع للأغاني، أي أننا نستنتج بأن الفقر الذي يُلازم المنطقة الإسلامية، وكل هذا الجهل الذي نغرق به وجعلنا نحافظ على مكانتنا في الذيل دائماً عندما يتعلق الأمر بالترتيبات العالمية كان السبب ورائه تبرج النسوة وسماع الأغاني وما نحو ذلك، كل ما جعلنا في قاع العالم هو أن هناك الكثير ممن تمرد على اتشاح النسوة بالسواد وعدم تقصير الرجال للثوب، وكأن السبب في تخلفنا وعودتنا سنوات ضوئية للوراء لا يعود لمثل هذه الأفكار التي يحاول بها هؤلاء الشيوخ تسميم عقول الناس، إن هذا الفكر المريض وهذه الخرافات والسذج ومحاولتهم في إقناع الناس بأن الطاعة والخير كافيان لزوال كل مصائبهم هذا هو المنكر بعينه، عندما يسعون للغرس في عقول الناس أن الجوع والفقر وغلاء الأسعار قدر يجب أن يحمدوا الله عليه وتجاهلهم للعقل والعمل والبحث في الأسباب هذا هو المنكر، عندما يتكلمون عن الفساد وهم لا يقصدون الفساد الإداري فهي تلك الدعارة الفكرية.
كل تلك المهازل التي يحاولون أن يشغلون عقولكم بها ورسمهم هالة قدسية حولها هي المنكر الذي يجب أن نحاربه وننهى الناس عنه.
**
حنان الحمادي ـ كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @hanan____i