قلم الإرادة

التاريخ يعيد نفسه !!

   يبدو بأن التاريخ يعيدُ نفسه من جديد ولنفس الأسباب ولنفس الوقائع السابقةِ، عشاق الكرة البرازيلية يؤمنون بشدّة بأن منتخب بلادهم هو الأفضل على مرِّ العصور دون النظر إلى بقية الأسماء الكروية الرنانة، بطبيعة الحال يبدو بأن هذه المشاعر قد أصابت الحقيقة الواضحة كوضوح الشمس في كبد السماءِ، فحتى هذه اللحظة لا زالت البرازيل تتمتع بخمسة كؤوس عالمية متفوقة بفارق كأس عالمية عن أقرب منافسيها المنتخب الإيطالي (الآتزوري) لا سيما بأنها تنفرد عن بقية المنتخبات بتحقيقها كأس القارات في ثلاثة مناسبات بعد اعتمادها بصورة رسمية وهذا إنجازٌ لا يُضاهيه إنجازٌ آخرٌعلى مستوى الكرة الأرضية!

 

إذا ما تحدثنا في الوقت الحاضر عن المستوى الفعلي لراقصي السامبا سنجدُ إنحداراً شديداً في وتيرة اللعب والأسباب كثيرةٌ جداً سوف نتناولها بالترتيب ..

 

القصة إبتدأت قبل ستة أعوام ونصف العام.. العالم كان ينتظر عرضاً عظيماً من المنتخب الأكثر مهارة في ذلك الوقتِ لكن هذا الإنتظار وهذه الأمنيات قد طارت أدراج الرياح لأن المستوى كان أضعف مما أن يُمكنَ تصوره!  مما دفع الإتحاد البرازيلي في ذلك الوقت برئاسة تيكيسرا بتعيين وتقليد كارلوس دونجا بطل العالم في الولايات المتحدة الأمريكية 1994 إلى إستلام المهام الفنية للمنتخب البرازيلي، كانت فكرة دونجا جعل المنتخب البرازيلي خليطاً بالمدرسة الإيطالية (الكاتشيناتو) والانضباط التكتيكي الألماني الشهيرِ !

 

الأمر لم يكنْ مقبولاً في بلاد الأمازون لأن هذا البلد منذ إنضمامه لعالم الكرة وهو يلعب بالفكرِّ المهاري والهجومي البحتِ!

 

دونجا تقبل الإنتقادات ورد عليها بالإنجازات وتحقيق كوبا أميركا وكأس القارات وبرونزية الأولمبياد مما جعل النُقاد والمُشككين والمُحللين يصبرون عليه حتى مونديال أفريقيا المنصرمِ، المستوى في ذلك الوقت لم يكن مميزاً لكنه كان متوسطاً وقادراً على الإنتصارِ إلا أن الكرة الدفاعية لم تفلحْ كثيراً مع الكرة الهولندية الشاملة فأخفق دونجا وفقدت البرازيل الشيء الكثير من توازنها، فتم إسناد المهمة إلى مانو مينيزس مدرب كورنثيانز السابق فزادَ هذا المدرب الطين بلّة، إذ أن فكرة مانو مينيزس كانت تجربة أكبر قدر من اللاعبينِ !

 

فخلال عامين ونصف منذ توليه جرب أكثر من تشكيلة ولم يثبت 

على تشكيلة واحدة لفترة محددة لخلق الإنسجام الكرويّ بين اللاعبينِ!

 

بالطبع هذا أثر على البرازيل بشكل أكبر وأكثر مما كان في عهد كارلوس دونجا فبات التعادل مع المنتخبات المتوسطة أقصى طموحات مانو والفوز على المنتخبات الضعيفة مدعاةً للفخرِ!

 

لكنه لم يكن يملك أعذاراً حقيقية عندما سقط أمام منتخب فرنسا وألمانيا رغم أن ألمانيا لم تكن بأفضل أحوالها هي الأخرى مع يواخيم لوف!

 

 

تمت الإقالة بوقت مُتأخرٍ والتأخير أفضلُ من ألا تأتي إلا بعد طامة مونديال الماراكانا تمت إعادة فيليب لويز سكولاري المُحنك إلى منصبه الذي قاد به البرازيل إلى مونديالها الخامس فما يمرُ به سكولاري الآن يشبه تماماً ما مرَّ به قبل أكثر من عشرة أعوامٍ، فمن العجائب التي حدثت بعد مونديال فرنسا حدوث نفس سلسلة التعادلات والإخفاقات في عهد 

المدربين واندرلي لوكسمبورجو ما بين فترتي 1998-2000 

والحارس إيميرسون لياو 2000-2001 فكلاهما حاول أن يصنع جيلاً حقيقياً للسامبا لكنهما أخفقا في وضع التوليفة التي من شأنها تقديم العروض القوية والرائعة!

 

حالياً يبدو بأن التاريخ يُعيد نفسه تماماً لدى سكولاري لكن الأمر يبدو أكثر سوءاً وأصعب عن المرة السابقة فالآن لا يوجد ما يُسمى بمملكة الراء الشهيرة والتي كانت تحمل أسماء 

روكي جونير, روبيرتو كارلوس, رونالدينهو, ريفالدو, رونالدو, روماريو ( قبل إستبعاده) هذه التوليفة قادرة على تسجيل الأهداف وبغزارة لا سيما إختلاطها بالمهارةِ الفردية كذلك!

 

فما يملكه الآن سكولاري ليس إلا جيلاً شبابياً بعضهم لا يزالُ يقطن أمريكا الجنوبية وبعضهم قد حطَّ الرحال إلى بلاد القارة العجوزِ من سلك طريق القارة الأوروبية سوف يزداد صلابةً وإنضباطاً تكتيكياً في اللعبِ ومن سلك طريق قارة أمريكا الجنوبية سوف يزدادُ مهارةً إذا تم المزّجُ بين الطريقتين في فريقٍ واحدٍ, فيمكن الحصول على تشكيل مثالي ورائع 

قادر على مواكبة التيكي تاكا والكاتشيناتو والتكتيك الألماني والتفوقُ عليهم كذلك!

 

من المُمكنِ أن يتساهل فيلب لويز سكولاري في بطولة القارات لإبعاد الضغوطات عن لاعبي السامبا والتركيز طولاً وعرضاً على الإعداد لبطولة العالم القادمة!

 

فلم يبقَ سوى عام وأقل من نصف العام على العرس الكروي المُنتظرِ فإذا ما أراد سكولاري أن يُعدَ منتخباً قوياً, يجب على البرازيل أن تخوض بما لا يقل عن عشرين لقاء ورُبما أكثر من ذلك خلال هذا العام والثبات على تشكيل مُعين يحمل الأفضل فقط!

 

إذا تحدثنا قليلاً عن التشكيلة البرازيلية التي إستدعاها فيليب لويز سكولاري اليوم للمباراة الودية القادمة ضد إنجلترا فيبدو لي بأن سكولاري يريد إذابة عنصر الخبرة في روح الشباب كما سنقرأ في الأسماء التاليةِ نجدُ أنه إستدعى المخضرم خوليو سيزار إضافةً إلى دييجو ألفيس أما على صعيد الأجنحة فاستدعى كُلاً من ألفيس وأدريانو وفليبي لويز وهي إختيارات جيدة ينقصُها فقط عودة مارسيلو إلى جهته اليُسرى كبديل لأدريانو وبالتالي المدافعين المُهاجمين بوضع جيد للغاية أما على خط قلوب الدفاع فإستدعاء ديفيد لويز فهو أمرٌ لا جدالَ فيهِ, وأضاف كُلاً دانتي, وميراندا, وليناردو كاستين, كأسماء تستحق التمثيل والتعود على اللعبِ الدوليِ أما عن خط منتصف الميدان فلا جدال على أهلية راميرز وعودة هيرنانيز إضافة إلى باولينهو وأروكا وفي صناعة الألعاب نرى وجود إسمين مُمتازين رونالدينهو (خبرة الماضي) وأوسكار (نجم المستقبل).

 

ختاماً في خط الهجوم نلاحظ بأنه تعمد خلط موهبة نيمار ولوكاس مورا وهالك مع خبرة كُلاً من لويس فابيانو وفريد أبناء البرازيليرو من خلال هذه التشكيلة الأولى للعم فيل يتضحُ جليّاً بأن الخلط بين عناصر الخبرة والشباب سلاح تطوير البرازيل على جميع الأصعدةِ ومن يدري, قد تكون هذه التوليفة بداية العودة الحقيقية للسامبا البرازيلية نحو الواجهة التي فقدتها منذ رحيل جيل الظاهرة رونالدو!

 

إذا ما تحققت النجاحات الفنية والتحسن في جميع مراكز اللعب فنحن إذاً على موعدٍ جديدٍ مع البطولات البرازيلية في مسقط رأس ملوك كــُـرةِ الـقـدمِ .

 

فهد الفضلي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية 

 

Twitter: @Fahad_Fenomeno

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى