مكفوفو الجامعات
حاولت أن أبحث عن عنوان لمقالي هذا للتخفيف على الساده القراء ولكني لم أجد أفضل ولا أحسن من هذا العنوان الذي يعبر عن الحالة والظرف ومقتضى المقال فاستعنت بحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). وأصل المقال يا سادة أن الدولة تولي اهتمام واضح وملموس بذوي الاحتياجات الخاصة سواء كانت رعاية اقتصادية أو معنوية أو اجتماعية وحديثي مع حضراتكم عن فئه من هذه الفئات وهم (المكفوفين) من طلاب جامعة الكويت فبالرغم مما تقدمه الدولة من خدمات لهذه الفئات إلا أن الجامعة تتعامل في تطبيق مناهجها العلمية مع هذه الفئة بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع الطلاب العاديين المتمتعين بنعمة البصر فنجد الجامعة تفرض عليهم دراسة (الكيمياء والفيزياء والإحصاء ……) وهذه مواد علمية تحتاج إلى البحث والفحص والتجريب ودخول المعامل وإجراء التجارب واستنباط النتائج.
وكل هذه الخطوات يستحيل على مثل هؤلاء الطلاب استيعابها والقيام بها خاصة أنهم لم يدرسوها في مراحل التعليم السابقة. فكيف تجبرهم الجامعة على دراسة هذه المواد العلمية والتي تكون في الغالب سبباً في إحباطهم وفشلهم من التعليم وتكون الجامعة سبباً في ذلك فهم بين سجنين (فقد البصر والإحباط العلمي).
يا سادة، أريد أن أذكركم بجزء من ميثاق الأمم المتحدة والذي ينص في بعض مواده:
*تخصيص مؤسسات عمومية للقيام بتربية الكفوفين وتأهيلهم لممارسة المهن التي تلائم حالتهم.
*منحهم الأولوية لشغل بعض المناصب التي تناسب حالتهم في القطاعين العام والخاص.
أتساءل يا سادة، هل من الممكن أن نغير جزء من هذه القوانين العمياء؟ ولما لا !! فإدارة المرور مثلا تغيّر من قوانينها كل يوم من أجل حماية المبصرين حرصاً على حياتهم من الحوادث فليس أقل منهم أن نغيّر القانون من أجل أصحاب البصيرة هؤلاء. ولا يفهم من كلامي أنني أشكك في قدراتهم فهؤلاء منحهم الله قدرات خاصة وخارقة في اللغة والأدب والشعر وعلوم القرآن والسنة. فلابد أن نكتشف ونوظف هذه المواهب وننميها وهذا مسئولية الدولة لا تعفى من رفع هذا العبء.
يا سادة إن كان هؤلاء قد فقدوا البصر فهل فقدنا نحن البصيرة؟ قال تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
**
خالد الشبلي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية