قلم الإرادة

التاريخ والمنطق

   أعتقد أن الشعارات هي أفيون العرب وليس الدين كما قال لينين… فللأسف تركوا ما يحضهم عليه دينهم للعمل والإنتاج وإعمار الأرض وظلوا مخدرين بشعارات يشربون منها كلما ضاقت عليهم لتخدرهم عن ألم نكبة أو مصيبة فكم هي ملعونة المخدرات التي تدمر جسداً والشعارات التي تدمر أمماً… تلك مسؤولية بعض العقول المتعصبة حيث نسمع ونشاهد كل يوم أصحاب الشعارات ليعودوا بنا للخلف كثيراً ويلوثوا عقول الأمة ويلقوا بها إلى الهاوية… لم لا نتعلم من التاريخ والمنطق مرة واحدة هذه الشعارات؟ تظهر الوضع العربي الراهن بشعور ينتاب الغالبية الساحقة من الناس بأنها استبيحت كرامتهم داخلياً من قبل الأنظمة الديكتاتورية وزلمها واستبيحت خارجاً من قبل قوى كبرى متفردة وهذا شعور يمكن أن تنتج منه سلوكيات سلبية تزيد المأزق الحضاري تفاقماً، إذن هؤلاء يلعبون على الوتر الحساس في عقول الناس  وتساعد هذه الشعارات على إيجاد نجم يخاطب الجماهير باسم العاطفة فى مشاعر الناس  ويستولي على القلوب وتطيعه العقول.

 

يقول الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون إن أكثر الجماهير عاطفيون والقليل من الناس برهانيون، وهذا يعني أن الذين يفكرون هم قلة والأكثر هم الذين يتحركون بالعاطفة فهذه في خلقة البشر وفي تكوينهم في هذا الأمر أصحاب الشعارات وبعض من هو مقنع بقناع الدين يفتقدو القدرة البانورامية الشاملة ويركزون على جزء أو بعض أجزاء من المشهد العام دون احتوائه كله وهؤلاء لا يرون الألوان الرمادية وحسبهم فقط الأبيض والأسود فلا يرى الواحد منهم الحلول الوسطية فإما براءة أو إعدام إما كبيرة من الكبائر أو هفوة من الهفوات إما ملاك أو شيطان، لاحظ ذلك لدى البعض  فهم لا يرون سوى قعر الجحيم أو الفردوس الأعلى وكل مرتكبي الذنوب أي ذنوب في نظرهم آثمون وسيصلون سعيراً ولا يسع هؤلاء آراء الآخرين ولا يقبلون الاختلاف والخلاف ولا يتقبلون الانتقاد إذ يرون فيه مساساً مهيناً للذات، هؤلاء عقول مشوشة بفعل التأثيرات والعصبية والجهل والأمية …. إلى متى … ومتى نفيق من نوم عميق؟

 

عبد الفتاح الدربي ـ كاتب وإعلامي

 

Twitter: @rdarbi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى