إنجاز ميسي عظيم لكن إنجاز مولر سيبقى الأعظم!
مما لا شك فيه بأن الأيام القليلة المنصرمة حملت أحداثاً مثيرة للحديث على صعيد الكرة الأوروبية، أبرز تلك الأحداث تجاوز نجم برشلونة الإسباني ليونيل ميسي حاجز 85 هدف والتي قد سُجلت سابقاً باسم الأسطورة جيرد مولر المشهور بلقب الطوربيد الألماني!
في الحقيقة إنجاز ليونيل ميسي مميز جداً وفريد من نوعه في هذا الزمن المملوء بجميع أنواع تقنيات العرض التكنولوجية والتي بدورها لن تختفي أهداف ميسي عن أعين المشاهدين، وسوف تبقى محل متابعة مُستمرة لسنين قد تصلُ إلى عقود!
كثيرٌ من قال بأن رقم ميسي سوف ينهي ما قدمه جيرد مولر من أرقام فلكيّة! في الحقيقة يجب أن نأخذ الكأس بمقداريها الفارغ والمملوء ونتمعن بالجزء المملوء جيداً، عندما أتحدث عن جيرد مولر وأهدافه سأكتشف أموراً لم تستطع أهداف ليونيل ميسي من تحقيقها طيلة هذا العامِ!
قبل أربعة عقود من الآن, كانت ألمانيا قد وقعت في مجموعة ضمت تركيا وألبانيا وبولندا في مجموعة تصفوية للتأهل لأمم أوروبا 72, في المنازلة الأولى كادت أن تخسر من تركيا لكن جيرد مولر كان له رأيٌ آخر! وخرج بنقطة التعادل الثمينة وليردف خمسة أهداف في ثلاثة نزالات أخرى كفلت لألمانيا التأهل للأمم الأوروبية وعند الوصول للأمم الأوروبية كانت ألمانيا الغربية (آنذاك) على موعد مع المنتخب البلجيكي في دور الأربعة، ثنائية جيرد مولر أنهت الحلم البلجيكي رغم تسجيلها لهدف في الزفير الأخير من عمر اللقاء، ماذا بعد ذلك؟
لقاء كبير بين ألمانيا الغربية والإتحاد السوفيتي حامل لقب البطولة سابقاً وحامل برونزية ميونيخ من نفس العام أيّ أن اللقاء كان إستثنائي وحامي الوطيس فيم بينهما! لتتكرر لغة الثنائيات وتحقق ألمانيا أول نجومها الأوروبية من بوابة السوفييت بتوقيع صاحب الرباعية جيرد مولر! أما إذا تحدثنا عن أهدافه الإثنان والأربعون في البوندزليجا فلا يمكن أن نقول بأنه يغرد وحيداً أو لم تكن هناك منافسة معه! فأسماء رنانة مثل هانز فليتزا (بوخوم) وكلاوس فيشر (شالكة) كانت تزاحم جيرد مولر في صدارة الهدافين!
قد يجهل الكثيرون بأن عصر جيرد مولر خالط أبرز وأعظم لاعبي الكرة في التاريخ! أبرز تلك الأسماء ملك كرة القدم بيليه, والطائر الهولندي يوهان كرويف, وفرانز بيكنباور, جارزينيهو الإعصار، ريفلينيو الساحر, وآخرون من شتى بقاع القارتين الأوروبية, واللاتينية ناهيك بأن قانون التسلسل السابق أصعب من القانون الحالي والذي تم وضعه في عام 1974!
إذا أخذنا بالكيفية لا الكمية فإننا نرى بأن أهداف جيرد مولر قد حسمت له تصفيات أمم أوروبا 1972 م ليس هذا وحسب بل وحققها بنفس الحسِّ التهديفي العالي! بالإضافة إلى أن أهدافه الغزيرة هي التي حسمت بطولة البوندزليجا بفارق ثلاثة نقاط عن مزاحمه شالكه!
ومن الأمور الغير معلنة بأن جميع هذه الأهداف لم تكن ولا واحدة منها من نقطة الجزاءِ! كما أن الدوري الألماني كان أقوى دوريات القارة العجوز مزاحماً الهولندي المتوهج آنذاك على عكس حال الليجا ذات المستوى الهابط في هذه الأيام!
أما إذا تحدثنا عن أهداف ليونيل ميسي الكثيرة فهي لم تحقق له أكثر من بطولة كأس إسبانيا ولن يذكر التاريخ أي بطولة حدثت في هذا العام لميسي بإستثنائها! وإذا أردنا أن نحلل أهداف ميسي من حيث الجودة فلا أظن بأن 25 هدفاً من نقطة الجزاء تسمح لنا بأن نقارن بين الطوربيد الألماني والبرغوث الأرجنتيني!
وحديثاً عن اللعبة بشكل عام فيجب التوضيح بأن العصر الذي أتى به ميسي مختلف تماماً عن عصر الطوربيد الألماني فالعصر الحالي ملتزم تماماً بالكرة الجماعية ومن يقف خلف ميسي لاعبون ممتازون في صناعة الألعاب كتشافي هيرنانديز وأندريس أنيستا علاوةً بأن طريقة اللعب السريع تتناسب تماماً مع إمكانات النجم الأرجنتيني! أما عن الكرة في عهد جيرد مولر فكانت تعتمد على التكتيك البحت والأداء الرجولي في الميدان، بحسبة بسيطة جداً .. لو كانت عدد الأندية الألمانية 20 وليست 18 أيّ 4 مباريات إضافية فهل ستفلت هذه المباريات من الـبـومـبـر الألـمـانـي؟؟
فهد الفضلي ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @Fahad_Fenomeno