مشاعر صغيرة
مساء بأجواء ربيعية تميل للبرودة ونسمات الهواء العليل التي اشتاقت لها سماء الوطن، من كان حبيس المنزل حرم نفسه من الاستمتاع بهذا الجو البديع، متجهة أنا إلى إحدى المجمعات وأجوب الطريق بحثاً عن مكان أركن به مركبتي “سيارتي”، وإذا بتلك الفتاة التي لم تتجاوز العاشرة مع والديها في طريقهم إلى دخول السوق وكان والدها مقعد ويقوم السائق كما اعتقد بدفع الكرسي للدخول به وهي ووالدتها تسيران بقربه، مشهد سرقني إليه اختلطت مشاعري بين ضيق واستغراب تعجب واستنكار، ابنة وأم ووالد مقعد فلمَ يقوم السائق بدفعه؟؟ هل هي عملية صعبة؟ هل الزواج عملية تعاون بالسراء دون الضراء؟ بالصحة دون المرض؟ هل تحتاجين لإحضار شخص بديل عنك ليقوم بدفع زوجك وأنت بقربه؟ لو كنتِ في المنزل أو العمل أو أي مكان بعيداً عن زوجك فهنا لك كل العذر ولكن أنت الآن معه؟ فلم يدفعه شخص آخر؟ ومن ناحية أخرى ربما هو من أراد أن يقوم السائق بدفعه، لذا لا أود ظلمها دون علم بخبايا الأمر، ولكن ليس هنا بيت القصيد ولا أساس الرواية ولا حتى هدف الحكاية..
تزيح يد السائق بكل تلقائية وعفوية واندفاع وكأنها تزيح هماً من على صدرها وقيداً كبّل يديها وحال بينها وبين والدها لتفرض نفسها بموقعه بكل ثقة وإصرار وتضع يديها الصغيرتين على الكرسي لتستلم زمام الأمور وتقوم بدفعه بكل سعادة وعلامات الفرح رُسمت على محياها وكأنها تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر ولكنها أخيراً تجرأت عليها فلم تعد تحتمل أكثر لتنتصر على حاجز صمتها .. أبي أنا حبيبي أنا أريد أن أكون بقربه أكثر فلن يحتاج إلى غريب وأنا هنا أنا ابنته حبيبته، في نفس اللحظة تكون ردة الفعل الجميلة من هذا السائق التي اختلطت مشاعره بين علامات دهشة وفرح بابنة ولي نعمته التي انفطر قلبها وأزعجها كثيراً أن يقوم السائق ببر والدها بدلاً منها، هنا فقط أحسست أنا وكأن ربي قد جبر بخاطري، فما قد كان شعور بالضيق أصبح بلمح البصر شعور بالرضا والسعادة وددت لو أطبع قبلة على خدها الصغير لما ولّدته من شعور بالراحة في نفسي فكيف هو بنفس والدها..
حصة بدر العبيدان ـ كاتبة في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @9oooo9a