قلم الإرادة

باب الأناشيد وشباك التنكس

   الأناشيد و ما أدراك ما الأناشيد، أخذت العقول والقلوب .. حتى نجدها في جوالات وسيارات بعض المستقيمين قبل العامة من الناس وقد أشغلت القنوات وبرامج التواصل الاجتماعي؛ بل حتى دخلت مناسبات المحافظين ومجالسهم وأصبحت شغلهم الشاغل وأماتت الوقار والسمت من كبار السن قبل صغارهم، وأصبحت هناك درجات ومراتب وتصنيفات للأناشيد مثل أناشيد للأعراس ويكن بها إفراط كبير مثل “التنكس” وأناشيد خاصة للمناسبات .. المزاين – العلاج – النجاح – وعلى حسب الاسم والحالة .. وفي بعضها فحش بالكلام ومجون، فلا أعلم من قربها إلينا حتى باتت سماعنا ليلاً نهاراً في شاشات التلفاز والجوالات، فالله تعالى المستعان.

 

   يُحكى أن مغنياً عزم على التوبة، فقيل له: عليك بصحبة الصوفية! فإنهم يعملون على إرادة الآخرة، والزهد في الدنيا، فصحبهم، فصاروا يستعملونه في السماع والإنشاد، ولا تكاد التوبة تنتهي إليه لتزاحمهم عليه، فترك ذاك المغني صحبتهم، ورجع للغناء وقال: أنا كنتُ تائباً ولا أدري.

 

   وقد قال الإمام الشافعي: «خلّفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن» (تلبيس إبليس 257).

 

   قال ابن تيمية ـ معلقاً على كلام الشافعي: «وهذا من كمال معرفة الشافعي وعلمه بالدين، فإن القلب إذا تعوّد سماع القصائد والأبيات والتذَّ بها، حصل له نفور عن سماع القرآن والآيات، فيستغني بسماع الشيطان عن سماع الرحمن» (مجموع الفتاوى:10/532).

 

   فالقلوب أوعية، فإن كان الوعاء مملوءاً بحبّ القصائد والأناشيد، فأين يقع حبّ القرآن وذكر الله ـ تعالى ـ في ذلك الوعاء؟!

 

   إن النشيد المنضبط بالضوابط الشرعية بديل محمود عن الأغاني الماجنة، لكن إذا وضع بتوازن في موضعه الصحيح، أما إذا أردنا أن نعرف الحكم الشرعي في ذلك النشيد المتفلت، فعلينا أن ننظر إلى مآلاته وعواقبه

 

 

   وهذا الواقع يوجب على العلماء والدعاة أن يربّوا الأمة على أخذ الدين بقوة، والدعوة إلى التمسك بالسُّنة والعض عليها بالنواجذ، والحذر من تتبع الرخص والحيل المحرمة والأقوال الشاذة، وإحياء واعظ الله في قلوب أهل الإسلام، والتذكير بالوقوف بين يدي الجبار جل جلاله، الذي يعلم السر وأخفى، قال ـ عزَّ وجلَّ ـ: {بَلِ الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14 – 15].

 

**

 

ناصر غليفص الدوسري ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية

 

Twitter: @NKBMD

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى