ألد الخصام
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقد نهى الإسلام عن الفجور في الخصومة، وجعلها علامة من علامات النفاق. ولما جاء النهي عنها كان على المسلم تجنبها .. فما بالنا نقع فيها، وبخاصة من رزقه الله صلاحاً واستقامة.
إن الفجور في المخاصمة: هو عدم الوقوف فيها عند حدود الحق وإنما الاسترسال في العداء, والتعدي بالافتراء, والمجاوزة بالاتهام الباطل جزافاً دون تحقق ولا تثبت.
ونعنى بالفجور: أن يخرج عن الحق عمداً حتى يصير الحق باطلاً والباطل حقاً.
فإذا كان بينه وبين إنسانٍ خلاف وخصومة، لم يقف عند حدود الحقِّ، وإنما يتعدَّاه إلى الباطل، لا يُبالي أن يكذب، ولا يبالي أن يفتري، ولا يبالي أن يُزيِّن دعواه بالأباطيل
لقد سمى الله تعالى في كتابه الكريم الفجور في الخصومة لدداً قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} سورة البقرة.
وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم عنه أشد تحذير فجعله من علامات النفاق الخالص والعياذ بالله، فن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “قَالَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ” رواه البخاري.
والفجور بالخصومة .. يذهب بالمسلمين إلى ما لا نهاية، فهو يؤدي إلى: * التحاسد والتباغض * والظن السوء * التقاطع والتدابر * العُجب والكِبر
فالواجب على المسلم أن يتعلم فضيلة العفو وخلق التسامح ، وألا يجعل الخصومة سبيلاً إلى معاداة إخوانه ومحاولة الأذى بهم؛ فإن ذلك ليس من أخلاق الكرام فضلاً عن المسلم.
يقول الشاعر:
إن الكـريم إذا تمكن من أذى * * جاءته أخلاق الكـرام فأقلــعا
وترى اللئيم إذا تمكن من أذى * * يطغى فلا يبقي لصلح موضعا
ولقد أحسن من قال:
وإنَّ خِيَارَ النَّاسِ مَنْ كانَ مُنْصِفًا صَدُوقًا لبِيْبًا صَانَهُ الدِّيْنُ فَانْزَجَرْ
وَإِنْ شِرَارَ النَّاسِ مَنْ كَانَ مَائِلًا عَن الحقِّ إنَّ خَاصَمْتهُ مرَّةً فَجَرْ.
فلنتق الله فيما نقول ونفعل .. ونتثبت ممن يأتينا بالأخبار ، فالأصل في المسلمين الخير.
وإن الظلم ظلمات يوم القيامة
قال تعالى في سورة الحجرات { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
وصلى وسلم على نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم
**
ناصر غليفص الدوسري ـ كاتب في صحيفة الإرادة الإلكترونية
Twitter: @NKBMD